(
ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه وجعلناه هدى لبني إسرائيل ( 23 )
وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ( 24 )
إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ( 25 ) )
يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله
موسى ، عليه السلام ، أنه آتاه الكتاب وهو التوراة .
وقوله : (
فلا تكن في مرية من لقائه ) : قال
قتادة : يعني به ليلة الإسراء . ثم روي عن
أبي العالية الرياحي قال : حدثني ابن عم نبيكم - يعني
ابن عباس - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=822467أريت ليلة أسري بي موسى بن عمران ، رجلا آدم طوالا جعدا ، كأنه من رجال شنوءة . ورأيت عيسى رجلا مربوع الخلق ، إلى الحمرة والبياض ، مبسط الرأس ، ورأيت مالكا خازن النار والدجال ، في آيات أراهن الله إياه " ، (
فلا تكن في مرية من لقائه ) ، أنه قد رأى
موسى ، ولقي
موسى ليلة أسري به .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني : حدثنا
محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا
الحسن بن علي الحلواني ، حدثنا
روح بن عبادة ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة ، عن
قتادة ، عن
أبي العالية ، عن
ابن عباس ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=825895عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( وجعلناه هدى لبني إسرائيل ) ، قال : جعل موسى هدى لبني إسرائيل ، وفي قوله : ( فلا تكن في مرية من لقائه ) قال : من لقاء موسى ربه عز وجل .
وقوله : ( وجعلناه ) أي : الكتاب الذي آتيناه (
هدى لبني إسرائيل ) ، [ كما قال تعالى في سورة الإسراء : (
وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا ) [ الإسراء : 2 ] .
وقوله : (
وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) ، أي : لما كانوا صابرين على أوامر الله وترك نواهيه وزواجره وتصديق رسله واتباعهم فيما جاؤوهم به ، كان منهم أئمة يهدون إلى الحق بأمر الله ، ويدعون إلى الخير ، ويأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر . ثم لما بدلوا وحرفوا وأولوا ، سلبوا ذلك المقام ، وصارت قلوبهم قاسية ، يحرفون الكلم عن مواضعه ، فلا عمل صالحا ، ولا اعتقاد صحيحا; ولهذا قال : (
وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا ) قال
قتادة وسفيان : لما صبروا عن الدنيا : وكذلك قال
الحسن بن صالح .
قال
سفيان : هكذا كان هؤلاء ، ولا ينبغي للرجل أن يكون إماما يقتدى به حتى يتحامى عن الدنيا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع : قال
سفيان : لا بد للدين من العلم ، كما لا بد للجسد من الخبز .
[ ص: 372 ] وقال
ابن بنت الشافعي : قرأ أبي على عمي - أو : عمي على أبي - سئل
سفيان عن قول
علي ، رضي الله عنه : الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ألم تسمع قوله : (
وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا ) ، قال : لما أخذوا برأس الأمر صاروا رؤوسا . قال بعض العلماء : بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين .
ولهذا قال تعالى ] : (
ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة [ ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين وآتيناهم بينات من الأمر ] فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم ) [ الجاثية : 16 ، 17 ] ، كما قال هنا : (
إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ) أي : من الاعتقادات والأعمال .