(
هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا ( 11 )
وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا ( 12 )
وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا ( 13 ) )
يقول تعالى مخبرا عن ذلك الحال ، حين نزلت الأحزاب حول
المدينة ، والمسلمون محصورون في غاية الجهد والضيق ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم : أنهم ابتلوا واختبروا وزلزلوا زلزالا شديدا ، فحينئذ ظهر النفاق ، وتكلم الذين في قلوبهم مرض بما في أنفسهم .
(
وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا ) أما المنافق ، فنجم نفاقه ، والذي في قلبه شبهة أو
[ ص: 389 ] حسيكة ، ضعف حاله فتنفس بما يجده من الوسواس في نفسه; لضعف إيمانه ، وشدة ما هو فيه من ضيق الحال .
وقوم آخرون قالوا كما قال الله : (
وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب ) يعني :
المدينة ، كما جاء في الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825901 " أريت [ في المنام ] دار هجرتكم ، أرض بين حرتين فذهب وهلي أنها هجر ، فإذا هي يثرب " ، وفي لفظ :
" المدينة " .
فأما الحديث الذي رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
إبراهيم بن مهدي ، حدثنا
صالح بن عمر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17347يزيد بن أبي زياد ، عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن
البراء ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822498 " من سمى المدينة يثرب ، فليستغفر الله ، هي طابة ، هي طابة " .
تفرد به
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ، وفي إسناده ضعف ، والله أعلم .
ويقال : إنما كان أصل تسميتها
" يثرب " برجل نزلها من العماليق ، يقال له :
يثرب بن عبيل بن مهلابيل بن عوص بن عملاق بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح . قاله
السهيلي ، قال : وروي عن بعضهم أنه قال : إن لها [ في التوراة ] أحد عشر اسما :
المدينة ، وطابة ، وطيبة ،
المسكينة ، والجابرة ، والمحبة ، والمحبوبة ، والقاصمة ، والمجبورة ، والعذراء ، والمرحومة .
وعن
كعب الأحبار قال : إنا نجد في التوراة يقول الله
للمدينة : يا
طيبة ، ويا
طابة ، ويا
مسكينة [ لا تقلي الكنوز ، أرفع أحاجرك على أحاجر القرى ] .
وقوله : (
لا مقام لكم ) أي : هاهنا ، يعنون عند النبي صلى الله عليه وسلم في مقام المرابطة ، ( فارجعوا ) أي : إلى بيوتكم ومنازلكم . (
ويستأذن فريق منهم النبي ) : قال
العوفي ، عن
ابن عباس : هم
بنو حارثة قالوا : بيوتنا نخاف عليها السرق . وكذا قال غير واحد .
وذكر
ابن إسحاق : أن القائل لذلك هو
أوس بن قيظي ، يعني : اعتذروا في الرجوع إلى منازلهم بأنها عورة ، أي : ليس دونها ما يحجبها عن العدو ، فهم يخشون عليها منهم . قال الله تعالى : (
وما هي بعورة ) أي : ليست كما يزعمون ، (
إن يريدون إلا فرارا ) أي : هربا من الزحف .