(
ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا ( 14 )
ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد الله مسئولا ( 15 )
قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا ( 16 )
قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا ( 17 ) ) .
يخبر تعالى عن هؤلاء الذين (
يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا ) : أنهم لو
[ ص: 390 ] دخل عليهم الأعداء من كل جانب من جوانب
المدينة ، وقطر من أقطارها ، ثم سئلوا الفتنة ، وهي الدخول في الكفر ، لكفروا سريعا ، وهم لا يحافظون على الإيمان ، ولا يستمسكون به مع أدنى خوف وفزع .
هكذا فسرها
قتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=16327وعبد الرحمن بن زيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ، وهذا ذم لهم في غاية الذم .
ثم قال تعالى يذكرهم بما كانوا عاهدوا الله من قبل هذا الخوف ، ألا يولوا الأدبار ولا يفروا من الزحف ، (
وكان عهد الله مسئولا ) أي : وإن الله تعالى سيسألهم عن ذلك العهد ، لا بد من ذلك .
ثم أخبرهم أن فرارهم ذلك لا يؤخر آجالهم ، ولا يطول أعمارهم ، بل ربما كان ذلك سببا في تعجيل أخذهم غرة; ولهذا قال : (
وإذا لا تمتعون إلا قليلا ) أي : بعد هربكم وفراركم ، (
قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ) [ النساء : 77 ] .
ثم قال : (
قل من ذا الذي يعصمكم من الله ) أي : يمنعكم ، (
إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا ) أي : ليس لهم ولا لغيرهم من دون الله مجير ولا مغيث .