(
قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله وهو على كل شيء شهيد ( 47 )
قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب ( 48 )
قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد ( 49 )
قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب ( 50 ) ) .
يقول تعالى آمرا رسوله أن يقول للمشركين : (
ما سألتكم من أجر فهو لكم ) أي : لا أريد منكم جعلا ولا عطاء على أداء رسالة الله إليكم ، ونصحي إياكم ، وأمركم بعبادة الله ، (
إن أجري إلا على الله ) أي : إنما أطلب ثواب ذلك من عند الله (
وهو على كل شيء شهيد ) أي : عالم بجميع الأمور ، بما أنا عليه من إخباري عنه بإرساله إياي إليكم ، وما أنتم عليه .
وقوله : (
[ ص: 527 ] قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب ) ، كقوله تعالى : ( يلقي
الروح من أمره على من يشاء من عباده ) [ غافر : 15 ] . أي : يرسل الملك إلى من يشاء من عباده من أهل الأرض ، وهو علام الغيوب ، فلا تخفى عليه خافية في السماوات ولا في الأرض .
وقوله : (
قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد ) أي : جاء الحق من الله والشرع العظيم ، وذهب الباطل وزهق واضمحل ، كقوله : (
بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه ) [
فإذا هو زاهق ] ) [ الأنبياء : 18 ] ، ولهذا
nindex.php?page=hadith&LINKID=825960لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد الحرام يوم الفتح ، ووجد تلك الأصنام منصوبة حول الكعبة ، جعل يطعن الصنم بسية قوسه ، ويقرأ : ( وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ) ، (
قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد ) . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وحده عند هذه الآية ، كلهم من حديث
الثوري ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، عن
أبي معمر عبد الله بن سخبرة ، عن
ابن مسعود ، به .
أي : لم يبق للباطل مقالة ولا رياسة ولا كلمة .
وزعم
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : أن المراد بالباطل هاهنا إبليس ، إنه لا يخلق أحدا ولا يعيده ، ولا يقدر على ذلك . وهذا وإن كان حقا ولكن ليس هو المراد هاهنا والله أعلم .
وقوله : (
قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي ) أي : الخير كله من عند الله ، وفيما أنزله الله عز وجل من الوحي والحق المبين فيه الهدى والبيان والرشاد ، ومن ضل فإنما يضل من تلقاء نفسه ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، لما سئل عن تلك المسألة في المفوضة : أقول فيها برأيي ، فإن يكن صوابا فمن الله ، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان ، والله ورسوله بريئان منه .
وقوله : (
إنه سميع قريب ) أي : سميع لأقوال عباده ، قريب مجيب دعوة الداعي إذا دعاه . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي هاهنا حديث
أبي موسى الذي في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822683 " إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، إنما تدعون سميعا " قريبا مجيبا " .