(
واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون ( 13 )
إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون ( 14 )
قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون ( 15 )
قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون ( 16 )
وما علينا إلا البلاغ المبين ( 17 ) ) .
يقول تعالى : واضرب - يا
محمد - لقومك الذين كذبوك (
مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون ) .
قال
ابن إسحاق - فيما بلغه عن
ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16850وكعب الأحبار ،
nindex.php?page=showalam&ids=17285ووهب بن منبه - : إنها مدينة
أنطاكية ، وكان بها ملك يقال له :
أنطيخس بن أنطيخس بن أنطيخس ، وكان يعبد الأصنام ، فبعث الله إليه ثلاثة من الرسل ، وهم :
صادق وصدوق وشلوم ، فكذبهم .
[ ص: 569 ] وهكذا روي عن
بريدة بن الحصيب ،
وعكرمة ، وقتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري : أنها
أنطاكية .
وقد استشكل بعض الأئمة كونها أنطاكية ، بما سنذكره بعد تمام القصة ، إن شاء الله تعالى .
وقوله : (
إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما ) أي : بادروهما بالتكذيب ، (
فعززنا بثالث ) أي : قويناهما وشددنا أزرهما برسول ثالث .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
وهب بن سليمان ، عن
شعيب الجبائي قال : كان اسم الرسولين الأولين
شمعون ويوحنا ، واسم الثالث
بولص ، والقرية
أنطاكية .
( فقالوا ) أي : لأهل تلك القرية : (
إنا إليكم مرسلون ) أي : من ربكم الذي خلقكم ، نأمركم بعبادته وحده لا شريك له . قاله
أبو العالية .
وزعم
قتادة بن دعامة : أنهم كانوا رسل
المسيح ، عليه السلام ، إلى أهل
أنطاكية . (
قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا ) أي : فكيف أوحي إليكم وأنتم بشر ونحن بشر ، فلم لا أوحي إلينا مثلكم ؟ ولو كنتم رسلا لكنتم ملائكة . وهذه شبه كثير من الأمم المكذبة ، كما أخبر الله تعالى عنهم في قوله : (
ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا ) [ التغابن : 6 ] ، فاستعجبوا من ذلك وأنكروه . وقوله : (
قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين ) [ إبراهيم : 10 ] . وقوله حكاية عنهم في قوله : (
ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون ) [ المؤمنون : 34 ] ، (
وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا ) ؟ [ الإسراء : 94 ] . ولهذا قال هؤلاء : (
ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون ) أي : أجابتهم رسلهم الثلاثة قائلين : الله يعلم أنا رسله إليكم ، ولو كنا كذبة عليه لانتقم منا أشد الانتقام ، ولكنه سيعزنا وينصرنا عليكم ، وستعلمون لمن تكون عاقبة الدار ، كقوله تعالى : (
قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السماوات والأرض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون ) [ العنكبوت : 52 ] .
(
وما علينا إلا البلاغ المبين ) يقولون إنما علينا أن نبلغكم ما أرسلنا به إليكم ، فإذا أطعتم كانت لكم السعادة في الدنيا والآخرة ، وإن لم تجيبوا فستعلمون غب ذلك ، والله أعلم .