(
ياأيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ( 168 )
إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ( 169 ) )
لما بين تعالى أنه لا إله إلا هو ، وأنه المستقل بالخلق ، شرع يبين أنه الرزاق لجميع خلقه ، فذكر [ ذلك ] في مقام الامتنان أنه أباح لهم أن يأكلوا مما في الأرض في حال كونه حلالا من الله طيبا ، أي : مستطابا في نفسه غير ضار للأبدان ولا للعقول ، ونهاهم عن اتباع خطوات الشيطان ، وهي : طرائقه ومسالكه فيما أضل أتباعه فيه من تحريم البحائر والسوائب والوصائل ونحوها مما زينه لهم في جاهليتهم ، كما في حديث
عياض بن حمار الذي في صحيح
مسلم ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820398 " يقول الله تعالى : إن كل ما أمنحه عبادي فهو لهم حلال " وفيه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820399 " وإني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ، وحرمت عليهم ما أحللت لهم " .
وقال الحافظ
أبو بكر بن مردويه : حدثنا
سليمان بن أحمد ، حدثنا
محمد بن عيسى بن شيبة المصري ، حدثنا
الحسين بن عبد الرحمن الاحتياطي ، حدثنا
أبو عبد الله الجوزجاني رفيق إبراهيم بن أدهم حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء ، عن
ابن عباس قال : تليت هذه الآية عند النبي صلى الله عليه وسلم : (
ياأيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ) فقام
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص ، فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة ، فقال .
nindex.php?page=hadith&LINKID=824667 " يا سعد ، أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ، والذي نفس محمد بيده ، إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه أربعين يوما ، وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به " .
وقوله : (
إنه لكم عدو مبين ) تنفير عنه وتحذير منه ، كما قال : (
إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ) [ فاطر : 6 ] وقال تعالى : (
أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ) [ الكهف : 50 ] .
[ ص: 479 ]
وقال
قتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي في قوله : (
ولا تتبعوا خطوات الشيطان )
كل معصية لله فهي من خطوات الشيطان .
وقال
عكرمة : هي نزغات الشيطان ، وقال
مجاهد : خطاه ، أو قال : خطاياه .
وقال
أبو مجلز : هي النذور في المعاصي .
وقال
الشعبي : نذر رجل أن ينحر ابنه فأفتاه مسروق بذبح كبش . وقال : هذا من خطوات الشيطان .
وقال
أبو الضحى ، عن
مسروق : أتى
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود بضرع وملح ، فجعل يأكل ، فاعتزل رجل من القوم ، فقال
ابن مسعود : ناولوا صاحبكم . فقال : لا أريده . فقال : أصائم أنت ؟ قال : لا . قال : فما شأنك ؟ قال : حرمت أن آكل ضرعا أبدا . فقال
ابن مسعود : هذا من خطوات الشيطان ، فاطعم وكفر عن يمينك .
رواه
ابن أبي حاتم ، وقال أيضا :
حدثنا أبي ، حدثنا
حسان بن عبد الله المصري ، عن
سليمان التيمي ، عن
أبي رافع ، قال : غضبت على امرأتي ، فقالت : هي يوما يهودية ويوما نصرانية ، وكل مملوك لها حر ، إن لم تطلق امرأتك . فأتيت
عبد الله بن عمر فقال : إنما هذه من خطوات الشيطان . وكذلك قالت
nindex.php?page=showalam&ids=170زينب بنت أم سلمة ، وهي يومئذ أفقه امرأة في المدينة . وأتيت
عاصما nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر فقالا مثل ذلك .
وقال
عبد بن حميد : حدثنا
أبو نعيم عن
شريك ، عن
عبد الكريم ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس قال : ما كان من يمين أو نذر في غضب ، فهو من خطوات الشيطان ، وكفارته كفارة يمين .
[ وقال
سعيد بن داود في تفسيره : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16287عبادة بن عباد المهلبي عن
عاصم الأحول ، عن
عكرمة في رجل قال لغلامه : إن لم أجلدك مائة سوط فامرأته طالق ، قال : لا يجلد غلامه ، ولا تطلق امرأته ، هذا من خطوات الشيطان ] .
وقوله : (
إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) أي : إنما يأمركم عدوكم الشيطان بالأفعال السيئة ، وأغلظ منها الفاحشة كالزنا ونحوه ، وأغلظ من ذلك وهو القول على الله بلا علم ، فيدخل في هذا كل كافر وكل مبتدع أيضا .