)
[ ص: 45 ] ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين ( 171 )
إنهم لهم المنصورون ( 172 )
وإن جندنا لهم الغالبون ( 173 )
فتول عنهم حتى حين ( 174 )
وأبصرهم فسوف يبصرون ( 175 )
أفبعذابنا يستعجلون ( 176 )
فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين ( 177 )
وتول عنهم حتى حين ( 178 )
وأبصر فسوف يبصرون ( 179 ) )
يقول تعالى : (
ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين ) أي : تقدم في الكتاب الأول أن العاقبة للرسل وأتباعهم في الدنيا والآخرة ، كما قال تعالى : (
كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز ) [ المجادلة : 21 ] ، وقال تعالى : (
إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ) [ غافر : 51 ] ; ولهذا قال : (
ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون ) أي : في الدنيا والآخرة . كما تقدم بيان نصرتهم على قومهم ممن كذبهم وخالفهم ، وكيف أهلك الله الكافرين ، ونجى عباده المؤمنين .
(
وإن جندنا لهم الغالبون ) أي : تكون لهم العاقبة .
وقوله جل وعلا (
فتول عنهم حتى حين ) أي : اصبر على أذاهم لك ، وانتظر إلى وقت مؤجل ، فإنا سنجعل لك العاقبة والنصرة والظفر ; ولهذا قال بعضهم : غيى ذلك إلى يوم
بدر . وما بعدها أيضا في معناها .
وقوله : (
وأبصرهم فسوف يبصرون ) أي : أنظرهم وارتقب ماذا يحل بهم من العذاب والنكال على مخالفتك وتكذيبك ; ولهذا قال على وجه التهديد والوعيد : (
فسوف يبصرون ) . ثم قال - عز وجل - (
أفبعذابنا يستعجلون ) أي : هم إنما يستعجلون العذاب لتكذيبهم وكفرهم ، فإن الله يغضب عليهم بذلك ، ويعجل لهم العقوبة ، ومع هذا أيضا كانوا من كفرهم وعنادهم يستعجلون العذاب والعقوبة .
قال الله تعالى : (
فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين ) أي : فإذا نزل العذاب بمحلتهم ، فبئس ذلك اليوم يومهم ، بإهلاكهم ودمارهم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
فإذا نزل بساحتهم ) يعني : بدارهم ، (
فساء صباح المنذرين ) أي : فبئس ما يصبحون ، أي : بئس الصباح صباحهم ; ولهذا ثبت في الصحيحين من حديث
إسماعيل بن علية ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16377عبد العزيز بن صهيب ، عن
أنس - رضي الله عنه - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826010صبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر ، فلما خرجوا بفؤوسهم ومساحيهم ورأوا الجيش ، رجعوا [ وهم ] يقولون : محمد والله ، محمد والخميس . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " الله أكبر ، خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين " ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث
مالك ، عن
حميد ، عن
أنس .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
روح ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة ، عن
قتادة ، عن
أنس بن مالك ، عن
أبي طلحة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822745لما صبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر ، وقد أخذوا مساحيهم وغدوا إلى حروثهم [ ص: 46 ] وأرضيهم ، فلما رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم - ولوا مدبرين ، فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : " الله أكبر ، الله أكبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين " لم يخرجوه من هذا الوجه ، وهو صحيح على شرط الشيخين .
وقوله : (
فتول عنهم حتى حين . وأبصرهم فسوف يبصرون )
تأكيد لما تقدم من الأمر بذلك .