[ ص: 88 ] (
أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب ( 9 ) )
يقول تعالى : أمن هذه صفته كمن أشرك بالله وجعل له أندادا ؟ لا يستوون عند الله ، كما قال تعالى : (
ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ) [ آل عمران : 113 ] ، وقال هاهنا : (
أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما ) أي : في حال سجوده وفي حال قيامه ; ولهذا استدل بهذه الآية من ذهب إلى أن القنوت هو الخشوع في الصلاة ، ليس هو القيام وحده كما ، ذهب إليه آخرون .
قال
الثوري ، عن
فراس ، عن
الشعبي ، عن
مسروق ، عن
ابن مسعود أنه قال : القانت المطيع لله ولرسوله .
وقال
ابن عباس ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،
وابن زيد : (
آناء الليل ) : جوف الليل . وقال
الثوري ، عن
منصور : بلغنا أن ذلك بين المغرب والعشاء .
وقال
الحسن ،
وقتادة : (
آناء الليل ) : أوله وأوسطه وآخره .
وقوله : (
يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ) أي : في حال عبادته خائف راج ، ولا بد في العبادة من هذا وهذا ، وأن يكون الخوف في مدة الحياة هو الغالب ; ولهذا قال : (
يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ) ، فإذا كان عند الاحتضار فليكن الرجاء هو الغالب عليه ، كما قال
الإمام عبد بن حميد في مسنده .
حدثنا
يحيى بن عبد الحميد ، حدثنا
جعفر بن سليمان ، حدثنا
ثابت عن
أنس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822774دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رجل وهو في الموت ، فقال له : " كيف تجدك ؟ " قال : أرجو وأخاف . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله - عز وجل - الذي يرجو ، وأمنه الذي يخافه " .
ورواه
الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي في " اليوم والليلة "
nindex.php?page=showalam&ids=13478، وابن ماجه ، من حديث
سيار بن حاتم ، عن
جعفر بن سليمان ، به . وقال
الترمذي : " غريب . وقد رواه بعضهم عن
ثابت ، عن
أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلا " .
وقال
ابن أبي حاتم ، حدثنا
عمر بن شبة ، عن
عبيدة النميري ، حدثنا
أبو خلف عبد الله بن عيسى الخزاز ، حدثنا
يحيى البكاء ، أنه سمع
ابن عمر قرأ : (
أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ) ; قال
ابن عمر : ذاك
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان ، رضي الله عنه .
وإنما قال
ابن عمر ذلك ; لكثرة صلاة أمير المؤمنين
عثمان بالليل وقراءته ، حتى إنه ربما قرأ القرآن في ركعة ، كما روى ذلك
أبو عبيدة عنه - رضي الله عنه - وقال الشاعر .
[ ص: 89 ] ضحوا بأشمط عنوان السجود به يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : كتب إلي
الربيع بن نافع : حدثنا
الهيثم بن حميد ، عن
زيد بن واقد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16047سليمان بن موسى ، عن
كثير بن مرة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=155تميم الداري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=822775من قرأ بمائة آية في ليلة كتب له قنوت ليلة " .
وكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في " اليوم والليلة " عن
إبراهيم بن يعقوب ، عن
عبد الله بن يوسف والربيع بن نافع ، كلاهما عن
الهيثم بن حميد ، به .
وقوله : (
قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) أي : هل يستوي هذا والذي قبله ممن جعل لله أندادا ليضل عن سبيله ؟ ! (
إنما يتذكر أولو الألباب ) أي : إنما يعلم الفرق بين هذا وهذا من له لب وهو العقل .