(
فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين ( 32 )
والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون ( 33 )
لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين ( 34 )
ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون ( 35 ) ) .
يقول تعالى مخاطبا للمشركين الذين افتروا على الله ، وجعلوا معه آلهة أخرى ، وادعوا أن الملائكة بنات الله ، وجعلوا لله ولدا - تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا - ومع هذا كذبوا بالحق إذ جاءهم على ألسنة رسل الله ، صلوات الله [ وسلامه ] عليهم أجمعين ، ولهذا قال : (
فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه ) أي : لا أحد أظلم من هذا ; لأنه جمع بين طرفي الباطل ،
[ ص: 99 ] كذب على الله ، وكذب رسول الله ، قالوا الباطل وردوا الحق ; ولهذا قال متوعدا لهم : (
أليس في جهنم مثوى للكافرين ) وهم الجاحدون المكذبون .
ثم قال : (
والذي جاء بالصدق وصدق به ) قال
مجاهد ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ،
وابن زيد : ( الذي جاء بالصدق ) هو الرسول . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : هو
جبريل - عليه السلام - (
وصدق به ) يعني :
محمدا - صلى الله عليه وسلم - .
وقال
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : (
والذي جاء بالصدق ) قال : من جاء بلا إله إلا الله ، (
وصدق به ) يعني : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقرأ
الربيع بن أنس : " الذين جاءوا بالصدق " يعني : الأنبياء ، " وصدقوا به " يعني : الأتباع .
وقال
ليث بن أبي سليم عن
مجاهد : (
والذي جاء بالصدق وصدق به ) قال : أصحاب القرآن المؤمنون يجيئون يوم القيامة ، فيقولون : هذا ما أعطيتمونا ، فعملنا فيه بما أمرتمونا .
وهذا القول عن
مجاهد يشمل كل المؤمنين ، فإن المؤمن يقول الحق ويعمل به ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - أولى الناس بالدخول في هذه الآية على هذا التفسير ، فإنه جاء بالصدق ، وصدق المرسلين ، وآمن بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون ، كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله .
وقال
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : (
والذي جاء بالصدق ) هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (
وصدق به ) المسلمون .
(
أولئك هم المتقون ) قال
ابن عباس : اتقوا الشرك .
(
لهم ما يشاءون عند ربهم ) يعني : في الجنة ، مهما طلبوا وجدوا ، (
ذلك جزاء المحسنين ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون ) كما قال في الآية الأخرى : (
أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون ) [ الأحقاف : 16 ] .