1. الرئيسية
  2. تفسير ابن كثير
  3. تفسير سورة غافر
  4. تفسير قوله تعالى " ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد "
صفحة جزء
( ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد ( 4 ) كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب ( 5 ) وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار ( 6 ) )

يقول تعالى : ما يدفع الحق ويجادل فيه بعد البيان وظهور البرهان ( إلا الذين كفروا ) أي : الجاحدون لآيات الله وحججه وبراهينه ، ( فلا يغررك تقلبهم في البلاد ) أي : في أموالهم ونعيمها وزهرتها ، كما قال : ( لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد . متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد ) [ آل عمران : 196 ، 197 ] ، وقال تعالى : ( نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ ) [ لقمان : 24 ] .

ثم قال تعالى مسليا لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - في تكذيب من كذبه من قومه ، بأن له أسوة من سلف من الأنبياء ; فإنه قد كذبهم أممهم وخالفوهم ، وما آمن بهم منهم إلا قليل ، فقال : ( كذبت قبلهم قوم نوح ) وهو أول رسول بعثه الله ينهى عن عبادة الأوثان ، ( والأحزاب من بعدهم ) أي : من كل أمة ، ( وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه ) أي : حرصوا على قتله بكل ممكن ، ومنهم من قتل رسوله ، ( وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق ) أي : ماحلوا بالشبهة ليردوا الحق الواضح الجلي .

وقد قال أبو القاسم الطبراني : حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا عارم أبو النعمان ، حدثنا معتمر بن سليمان قال : سمعت أبي يحدث عن حنش ، عن عكرمة ، عن ابن عباس [ رضي الله عنه ] ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من أعان باطلا ليدحض بباطله حقا ، فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله " .

وقوله : ( فأخذتهم ) أي : أهلكتهم على ما صنعوا من هذه الآثام والذنوب العظام ، ( فكيف كان عقاب ) أي : فكيف بلغك عذابي لهم ، ونكالي بهم ؟ قد كان شديدا موجعا مؤلما .

قال قتادة : كان والله شديدا .

[ ص: 130 ]

وقوله : ( وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار ) أي : كما حقت كلمة العذاب على الذين كفروا من الأمم السالفة ، كذلك حقت على المكذبين من هؤلاء الذين كذبوك وخالفوك يا محمد بطريق الأولى والأحرى ; لأن من كذبك فلا وثوق له بتصديق غيرك .

التالي السابق


الخدمات العلمية