(
وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ( 18 )
يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ( 19 )
والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء إن الله هو السميع البصير ( 20 ) )
[ ص: 137 ]
يوم الآزفة هو : اسم من أسماء يوم القيامة ، سميت بذلك لاقترابها ، كما قال تعالى : (
أزفت الآزفة . ليس لها من دون الله كاشفة ) [ النجم : 57 ، 58 ] وقال (
اقتربت الساعة وانشق القمر ) [ القمر : 1 ] ، وقال (
اقترب للناس حسابهم ) [ الأنبياء : 1 ] وقال (
أتى أمر الله فلا تستعجلوه ) [ النحل : 1 ] وقال (
فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون ) [ الملك : 27 ] .
وقوله : (
إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ) [ أي ساكتين ] ، قال
قتادة : وقفت القلوب في الحناجر من الخوف ، فلا تخرج ولا تعود إلى أماكنها . وكذا قال
عكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ، وغير واحد .
ومعنى ) كاظمين ) أي : ساكتين ، لا يتكلم أحد إلا بإذنه (
يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ) [ النبأ : 38 ] .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : ( كاظمين ) أي : باكين .
وقوله : (
ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ) أي : ليس للذين ظلموا أنفسهم بالشرك بالله من قريب منهم ينفعهم ، ولا شفيع يشفع فيهم ، بل قد تقطعت بهم الأسباب من كل خير .
وقوله : (
يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) يخبر تعالى عن علمه التام المحيط بجميع الأشياء ، جليلها وحقيرها ، صغيرها وكبيرها ، دقيقها ولطيفها ; ليحذر الناس علمه فيهم ، فيستحيوا من الله حق الحياء ، ويتقوه حق تقواه ، ويراقبوه مراقبة من يعلم أنه يراه ، فإنه تعالى يعلم العين الخائنة وإن أبدت أمانة ، ويعلم ما تنطوي عليه خبايا الصدور من الضمائر والسرائر .
قال
ابن عباس في قوله : (
يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) وهو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم ، وفيهم المرأة الحسناء ، أو تمر به وبهم المرأة الحسناء ، فإذا غفلوا لحظ إليها ، فإذا فطنوا غض ، فإذا غفلوا لحظ ، فإذا فطنوا غض [ بصره عنها ] وقد اطلع الله من قلبه أنه ود أن لو اطلع على فرجها . رواه
ابن أبي حاتم .
وقال
الضحاك : (
خائنة الأعين ) هو الغمز ، وقول الرجل : رأيت ، ولم ير ; أو : لم أر ، وقد رأى .
وقال
ابن عباس : يعلم [ الله ] تعالى من العين في نظرها ، هل تريد الخيانة أم لا ؟ وكذا قال
مجاهد ،
وقتادة .
وقال
ابن عباس في قوله : (
وما تخفي الصدور ) يعلم إذا أنت قدرت عليها هل تزني بها أم لا ؟ .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
وما تخفي الصدور ) أي : من الوسوسة .
[ ص: 138 ]
وقوله : (
والله يقضي بالحق ) أي : يحكم بالعدل .
وقال
الأعمش : عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس [ رضي الله عنهما ] في قوله : (
والله يقضي بالحق ) قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة ، وبالسيئة السيئة (
إن الله هو السميع البصير ) .
وهذا الذي فسر به
ابن عباس في هذه الآية كقوله تعالى : (
ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) [ النجم : 31 ] . وقوله : (
والذين يدعون من دونه ) أي : من الأصنام والأوثان والأنداد ، (
لا يقضون بشيء ) أي : لا يملكون شيئا ولا يحكمون بشيء (
إن الله هو السميع البصير ) أي : سميع لأقوال خلقه ، بصير بهم ، فيهدي من يشاء ، ويضل من يشاء ، وهو الحاكم العادل في جميع ذلك .