[ ص: 164 ] (
قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين ( 6 )
الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون ( 7 )
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون ( 8 ) )
يقول تعالى : ( قل ) يا
محمد لهؤلاء المكذبين المشركين : (
إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد ) لا كما تعبدونه من الأصنام والأنداد والأرباب المتفرقين ، إنما الله إله واحد ، (
فاستقيموا إليه ) أي : أخلصوا له العبادة على منوال ما أمركم به على ألسنة الرسل ، (
واستغفروه ) أي : لسالف الذنوب ، (
وويل للمشركين ) أي : دمار لهم وهلاك عليهم ، (
الذين لا يؤتون الزكاة ) قال
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : يعني : الذين لا يشهدون أن لا إله إلا الله . وكذا قال
عكرمة .
وهذا كقوله تعالى : (
قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ) [ الشمس : 9 ، 10 ] ، وكقوله : (
قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ) [ الأعلى : 14 ، 15 ] ، وقوله (
فقل هل لك إلى أن تزكى ) [ النازعات : 18 ] والمراد بالزكاة هاهنا :
طهارة النفس من الأخلاق الرذيلة ، ومن أهم ذلك طهارة النفس من الشرك . وزكاة المال إنما سميت زكاة لأنها تطهره من الحرام ، وتكون سببا لزيادته وبركته وكثرة نفعه ، وتوفيقا إلى استعماله في الطاعات .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة ) أي : لا يدينون بالزكاة .
وقال
معاوية بن قرة : ليس هم من أهل الزكاة .
وقال
قتادة : يمنعون زكاة أموالهم .
وهذا هو الظاهر عند كثير من المفسرين ، واختاره
ابن جرير . وفيه نظر ; لأن
إيجاب الزكاة إنما كان في السنة الثانية من الهجرة إلى
المدينة ، على ما ذكره غير واحد وهذه الآية مكية ، اللهم إلا أن يقال : لا يبعد أن يكون أصل الزكاة الصدقة كان مأمورا به في ابتداء البعثة ، كقوله تعالى : (
وآتوا حقه يوم حصاده ) [ الأنعام : 141 ] ، فأما الزكاة ذات النصب والمقادير فإنما بين أمرها
بالمدينة ، ويكون هذا جمعا بين القولين ، كما أن أصل الصلاة كان واجبا قبل طلوع الشمس وقبل غروبها في ابتداء البعثة ، فلما كان ليلة الإسراء قبل الهجرة بسنة ونصف ، فرض الله على رسوله [ - صلى الله عليه وسلم - ] الصلوات الخمس ، وفصل شروطها وأركانها وما يتعلق بها بعد ذلك ، شيئا فشيئا ، والله أعلم .
ثم قال بعد ذلك : (
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون ) قال
مجاهد وغيره : لا مقطوع ولا مجبوب ، كقوله : (
ماكثين فيه أبدا ) [ الكهف : 3 ] ، وكقوله تعالى (
عطاء غير مجذوذ ) [ هود : 108 ] .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : غير ممنون عليهم . وقد رد عليه بعض الأئمة هذا التفسير ، فإن
المنة لله على أهل الجنة ; قال الله تعالى : (
بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان ) [ الحجرات : 17 ] ، وقال أهل الجنة : (
فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم ) [ الطور : 27 ] ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=822853إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل " .