[ ص: 183 ] (
إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير ( 40 )
إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز ( 41 )
لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ( 42 )
ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم ( 43 ) )
قوله : ( إن الذين يلحدون في آياتنا ) ، قال
ابن عباس : الإلحاد : وضع الكلام على غير مواضعه .
وقال
قتادة وغيره : هو الكفر والعناد .
وقوله : (
لا يخفون علينا ) أي : فيه
تهديد شديد ، ووعيد أكيد ، أي : إنه تعالى عالم بمن يلحد في آياته وأسمائه وصفاته ، وسيجزيه على ذلك بالعقوبة والنكال ; ولهذا قال : (
أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة ) ؟ أي : أيستوي هذا وهذا ؟ لا يستويان .
ثم قال - عز وجل - تهديدا للكفرة : (
اعملوا ما شئتم ) قال
مجاهد ،
والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=16566وعطاء الخراساني : (
اعملوا ما شئتم ) : وعيد ، أي : من خير أو شر ، إنه عليم بكم وبصير بأعمالكم ; ولهذا قال : (
إنه بما تعملون بصير )
ثم قال : (
إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم ) قال
الضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،
وقتادة : وهو القرآن (
وإنه لكتاب عزيز ) أي : منيع الجناب ، لا يرام أن يأتي أحد بمثله ،
( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ) أي : ليس للبطلان إليه سبيل ; لأنه منزل من رب العالمين ; ولهذا قال : (
تنزيل من حكيم حميد ) أي : حكيم في أقواله وأفعاله ، حميد بمعنى محمود ، أي : في جميع ما يأمر به وينهى عنه ، الجميع محمودة عواقبه وغاياته .
ثم قال : (
ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ) قال
قتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ، وغيرهما : ما يقال لك من التكذيب إلا كما قد قيل للرسل من قبلك ، فكما قد كذبت فقد كذبوا ، وكما صبروا على أذى قومهم لهم ، فاصبر أنت على أذى قومك لك . وهذا اختيار
ابن جرير ، ولم يحك هو ، ولا
ابن أبي حاتم غيره .
وقوله : (
إن ربك لذو مغفرة للناس ) أي : لمن تاب إليه (
وذو عقاب أليم ) أي : لمن استمر على كفره ، وطغيانه ، وعناده ، وشقاقه ومخالفته .
قال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
موسى بن إسماعيل ، حدثنا
حماد ، عن
علي بن زيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال : لما نزلت هذه الآية : (
إن ربك لذو مغفرة ) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
لولا غفر الله وتجاوزه ما هنأ أحدا العيش ، ولولا وعيده وعقابه لاتكل كل أحد " .