( أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير ( 9 )
وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب ( 10 ) )
(
فاطر السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ( 11 )
له مقاليد السموات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم ( 12 ) )
يقول تعالى منكرا على المشركين في اتخاذهم آلهة من دون الله ، ومخبرا أنه هو الولي الحق الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده ، فإنه القادر على إحياء الموتى وهو على كل شيء قدير .
ثم قال : (
وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ) أي : مهما اختلفتم فيه من الأمور وهذا عام في جميع الأشياء ، (
فحكمه إلى الله ) أي : هو الحاكم فيه بكتابه ، وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - كقوله : (
فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) [ النساء : 59 ] . .
(
ذلكم الله ربي ) أي : الحاكم في كل شيء ، (
عليه توكلت وإليه أنيب ) أي : أرجع في جميع الأمور .
[ ص: 194 ]
وقوله : ( فاطر السموات والأرض ) أي : خالقهما وما بينهما ، (
جعل لكم من أنفسكم أزواجا ) أي : من جنسكم وشكلكم ، منة عليكم وتفضلا جعل من جنسكم ذكرا وأنثى ، (
ومن الأنعام أزواجا ) أي :
وخلق لكم من الأنعام ثمانية أزواج .
وقوله : (
يذرؤكم فيه ) أي : يخلقكم فيه ، أي : في ذلك الخلق على هذه الصفة لا يزال يذرؤكم فيه ذكورا وإناثا ، خلقا من بعد خلق ، وجيلا بعد جيل ، ونسلا بعد نسل ، من الناس والأنعام .
وقال
البغوي رحمه الله : (
يذرؤكم فيه ) أي : في الرحم . وقيل : في البطن . وقيل : في هذا الوجه من الخلقة .
قال
مجاهد : ونسلا بعد نسل من الناس والأنعام .
وقيل : " في " بمعنى " الباء " ، أي : يذرؤكم به .
(
ليس كمثله شيء ) أي : ليس كخالق الأزواج كلها شيء ; لأنه الفرد الصمد الذي لا نظير له ، (
وهو السميع البصير )
وقوله : (
له مقاليد السموات والأرض ) تقدم تفسيره في " سورة الزمر " ، وحاصل ذلك أنه المتصرف الحاكم فيهما ، (
يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ) أي : يوسع على من يشاء ، ويضيق على من يشاء ، وله الحكمة والعدل التام ، (
إنه بكل شيء عليم )