(
ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير ( 29 )
وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ( 30 )
وما أنتم بمعجزين في الأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ( 31 ) )
يقول تعالى : (
ومن آياته ) الدالة على عظمته وقدرته العظيمة وسلطانه القاهر (
خلق السموات والأرض وما بث فيهما ) أي : ذرأ فيهما ، أي : في السموات والأرض ، (
من دابة ) وهذا يشمل الملائكة والجن والإنس وسائر الحيوانات ، على اختلاف أشكالهم وألوانهم ولغاتهم ، وطباعهم وأجناسهم ، وأنواعهم ، وقد فرقهم في أرجاء أقطار الأرض والسموات ، (
وهو ) مع هذا كله (
على جمعهم إذا يشاء قدير ) أي :
يوم القيامة يجمع الأولين والآخرين وسائر الخلائق في صعيد واحد ، يسمعهم الداعي ، وينفذهم البصر ، فيحكم فيهم بحكمه العدل الحق .
وقوله : (
وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) أي : مهما أصابكم أيها الناس من المصائب فإنما هو عن سيئات تقدمت لكم (
ويعفو عن كثير ) أي : من السيئات ، فلا يجازيكم عليها بل يعفو عنها ، (
ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ) [ فاطر : 45 ] وفي الحديث الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826078 " والذي نفسي بيده ، ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ، إلا كفر الله عنه بها من خطاياه ، حتى الشوكة يشاكها " .
وقال
ابن جرير : حدثنا
يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، حدثنا
أيوب قال : قرأت في كتاب
أبي قلابة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826079نزلت : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) [ الزلزلة : 7 ، 8 ] وأبو بكر يأكل ، فأمسك وقال : يا رسول الله ، إني لراء ما عملت من خير وشر ؟ فقال : " أرأيت ما رأيت مما تكره ، فهو من مثاقيل ذر الشر ، وتدخر مثاقيل الخير حتى تعطاه يوم القيامة " قال : قال أبو إدريس : فإني أرى مصداقها في كتاب الله : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) .
ثم رواه من وجه آخر ، عن
أبي قلابة ، عن
أنس ، قال : والأول أصح .
[ ص: 208 ]
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12799محمد بن عيسى بن الطباع ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17070مروان بن معاوية الفزاري ، حدثنا
الأزهر بن راشد الكاهلي ، عن
الخضر بن القواس البجلي ، عن
أبي سخيلة عن
علي ، رضي الله عنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822884ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله عز وجل ، وحدثنا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) . وسأفسرها لك يا علي : " ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا ، فبما كسبت أيديكم والله تعالى أحلم من أن يثني عليه العقوبة في الآخرة ، وما عفا الله عنه في الدنيا فالله تعالى أكرم من أن يعود بعد عفوه "
وكذا رواه الإمام
أحمد ، عن
مروان بن معاوية وعبدة ، عن
أبي سخيلة قال : قال
علي . . . فذكر نحوه مرفوعا .
ثم روى
ابن أبي حاتم [ نحوه ] من وجه آخر موقوفا فقال : حدثنا أبي ، حدثنا
منصور بن أبي مزاحم ، حدثنا
أبو سعيد بن أبي الوضاح ، عن
أبي الحسن ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=9473أبي جحيفة قال : دخلت على
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، فقال : ألا أحدثكم بحديث ينبغي لكل مؤمن أن يعيه ؟ قال : فسألناه فتلا هذه الآية : (
وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) قال : ما عاقب الله به في الدنيا فالله أحلم من أن يثني عليه العقوبة يوم القيامة ، وما عفا الله عنه في الدنيا فالله أكرم من أن يعود في عفوه يوم القيامة .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
يعلى بن عبيد ، حدثنا
طلحة - يعني ابن يحيى - عن
أبي بردة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية - هو ابن أبي سفيان ، رضي الله عنهما ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822885 " ما من شيء يصيب المؤمن في جسده يؤذيه إلا كفر الله عنه به من سيئاته " .
وقال
أحمد أيضا : حدثنا
حسين ، عن
زائدة ، عن
ليث ، عن
مجاهد ، عن
عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822886 " إذا كثرت ذنوب العبد ، ولم يكن له ما يكفرها ، ابتلاه الله بالحزن ليكفرها " .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
عمرو بن عبد الله الأودي ، حدثنا
أبو أسامة ، عن
إسماعيل بن مسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن - هو البصري - قال في قوله : (
وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826080لما نزلت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " والذي نفس محمد بيده ، ما من خدش عود ، ولا اختلاج عرق ، ولا عثرة قدم ، إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر " .
وقال أيضا : حدثنا أبي ، حدثنا
عمر بن علي ، حدثنا
هشيم ، عن
منصور ، عن
الحسن ، عن
[ ص: 209 ] عمران بن حصين ، رضي الله عنه ، قال : دخل عليه بعض أصحابه وقد كان ابتلي في جسده ، فقال له بعضهم إنا لنبتئس لك لما نرى فيك . قال : فلا تبتئس بما ترى ، فإن ما ترى بذنب ، وما يعفو الله عنه أكثر ، ثم تلا هذه الآية : (
وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير )
[ قال : ] وحدثنا أبي : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17319يحيى بن عبد الحميد الحماني ، حدثنا
جرير عن
أبي البلاد قال : قلت
للعلاء بن بدر : (
وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) ، وقد ذهب بصري وأنا غلام ؟ قال : فبذنوب والديك .
وحدثنا أبي : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14714علي بن محمد الطنافسي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
عبد العزيز بن أبي رواد ، عن
الضحاك قال : ما نعلم أحدا حفظ القرآن ثم نسيه إلا بذنب ، ثم قرأ الضحاك : (
وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) . ثم يقول
الضحاك : وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن .