[ ص: 217 ] (
وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم ( 51 ) )
(
وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ( 52 )
صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور ( 53 ) )
هذه
مقامات الوحي بالنسبة إلى جناب الله ، عز وجل ، وهو أنه تعالى تارة يقذف في روع النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا لا يتمارى فيه أنه من الله عز وجل ، كما جاء في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826084 " إن روح القدس نفث في روعي : أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب " .
وقوله : (
أو من وراء حجاب ) كما كلم
موسى ، عليه السلام ، فإنه سأل الرؤية بعد التكليم ، فحجب عنها .
وفي الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال
nindex.php?page=showalam&ids=36لجابر بن عبد الله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822895 " ما كلم الله أحدا إلا من وراء حجاب ، وإنه كلم أباك كفاحا " الحديث ، وكان [ أبوه ] قد قتل يوم
أحد ، ولكن هذا في عالم البرزخ ، والآية إنما هي في الدار الدنيا .
وقوله : (
أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء ) كما ينزل
جبريل [ عليه السلام ] وغيره من الملائكة على الأنبياء ، عليهم السلام ، (
إنه علي حكيم ) ، فهو علي عليم خبير حكيم .
وقوله (
وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ) يعني القرآن ، (
ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ) أي : على التفصيل الذي شرع لك في القرآن ، (
ولكن جعلناه ) أي القرآن (
نورا نهدي به من نشاء من عبادنا ) ، كقوله : (
قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد ) [ فصلت : 44 ] .
وقوله : (
وإنك ) [ أي ] يا
محمد (
لتهدي إلى صراط مستقيم ) ، وهو الخلق القويم . ثم فسره بقوله : (
صراط الله [ الذي ] ) أي : شرعه الذي أمر به الله ، (
الذي له ما في السموات وما في الأرض ) أي : ربهما ومالكهما ، والمتصرف فيهما ، الحاكم الذي لا معقب لحكمه ، (
ألا إلى الله تصير الأمور ) ، أي : ترجع الأمور ، فيفصلها ويحكم فيها .
آخر تفسير سورة " [ حم ] الشورى " والحمد لله رب العالمين .