(
ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم ( 9 )
الذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون ( 10 ) )
(
والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون ( 11 )
والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون ( 12 )
لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ( 13 )
وإنا إلى ربنا لمنقلبون ( 14 ) )
يقول تعالى : ولئن سألت - يا
محمد - هؤلاء المشركين بالله العابدين معه غيره : (
من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم ) أي : ليعترفن بأن الخالق لذلك هو الله [ تعالى ] وحده لا شريك له ، وهم مع هذا يعبدون معه غيره من الأصنام والأنداد .
ثم قال : (
الذي جعل لكم الأرض مهدا ) أي : فراشا قرارا ثابتة ، يسيرون عليها ويقومون وينامون وينصرفون ، مع أنها مخلوقة على تيار الماء ، لكنه أرساها بالجبال لئلا تميد هكذا ولا هكذا ، (
وجعل لكم فيها سبلا ) أي : طرقا بين الجبال والأودية (
لعلكم تهتدون ) أي : في سيركم من بلد إلى بلد ،
[ ص: 220 ] وقطر إلى قطر ، وإقليم إلى إقليم .
(
والذي نزل من السماء ماء بقدر ) أي : بحسب الكفاية لزروعكم وثماركم وشربكم ، لأنفسكم ولأنعامكم . وقوله : (
فأنشرنا به بلدة ميتا ) أي : أرضا ميتة ، فلما جاءها الماء اهتزت وربت ، وأنبتت من كل زوج بهيج .
ثم نبه بإحياء الأرض على إحياء الأجساد يوم المعاد بعد موتها ، فقال : (
كذلك تخرجون )
ثم قال : (
والذي خلق الأزواج كلها ) أي : مما تنبت الأرض من سائر الأصناف ، من نبات وزروع وثمار وأزاهير ، وغير ذلك [ أي ] من الحيوانات على اختلاف أجناسها وأصنافها ، (
وجعل لكم من الفلك ) أي السفن (
والأنعام ما تركبون ) أي : ذللها لكم وسخرها ويسرها لأكلكم لحومها ، وشربكم ألبانها وركوبكم ظهورها ; ولهذا قال : (
لتستووا على ظهوره ) أي : لتستووا متمكنين مرتفقين (
على ظهوره ) أي : على ظهور هذا الجنس ، (
ثم تذكروا نعمة ربكم ) أي : فيما سخر لكم (
إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ) أي : مقاومين . ولولا تسخير الله لنا هذا ما قدرنا عليه .
قال
ابن عباس ، وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي وابن زيد : (
مقرنين ) أي : مطيقين .
(
وإنا إلى ربنا لمنقلبون ) أي : لصائرون إليه بعد مماتنا ، وإليه سيرنا الأكبر . وهذا من باب التنبيه بسير الدنيا على سير الآخرة ، كما نبه بالزاد الدنيوي على [ الزاد ] الأخروي في قوله : (
وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) [ البقرة : 197 ] وباللباس الدنيوي على الأخروي في قوله تعالى : (
وريشا ولباس التقوى ذلك خير [ ذلك من آيات الله ] ) [ الأعراف : 26 ] .
ذكر الأحاديث الواردة
عند ركوب الدابة :
حديث
nindex.php?page=showalam&ids=8أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه :
قال الإمام
أحمد : حدثنا
يزيد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16101شريك بن عبد الله ، عن
أبي إسحاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=49علي بن ربيعة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822896رأيت عليا ، رضي الله عنه ، أتي بدابة ، فلما وضع رجله في الركاب قال : باسم الله . فلما استوى عليها قال : الحمد لله ، ( سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين . وإنا إلى ربنا لمنقلبون ) ثم حمد الله ثلاثا ، وكبر ثلاثا ، ثم قال : سبحانك ، لا إله إلا أنت ، قد ظلمت نفسي فاغفر لي . ثم ضحك فقلت له : من أي شيء ضحكت يا أمير المؤمنين ؟ فقال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صنع كما صنعت ، ثم ضحك . فقلت : مم ضحكت يا رسول الله ؟ فقال : " يعجب الرب من عبده إذا قال : رب اغفر لي . ويقول : علم عبدي أنه لا يغفر الذنوب غيري " .
[ ص: 221 ]
وهكذا رواه
أبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، من حديث
أبي الأحوص - زاد
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي :
ومنصور - عن
nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق السبيعي ، عن
علي بن ربيعة الأسدي الوالبي ، به . وقال
الترمذي : حسن صحيح .
وقد قال
عبد الرحمن بن مهدي ، عن
شعبة : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=11813لأبي إسحاق السبيعي : ممن سمعت هذا الحديث ؟ قال : من
nindex.php?page=showalam&ids=17417يونس بن خباب . فلقيت
nindex.php?page=showalam&ids=17417يونس بن خباب فقلت : ممن سمعته ؟ فقال : من رجل سمعه من
nindex.php?page=showalam&ids=49علي بن ربيعة . ورواه بعضهم عن
nindex.php?page=showalam&ids=17417يونس بن خباب ، عن
شقيق بن عقبة الأسدي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16619علي بن ربيعة الوالبي ، به .
حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس ، رضي الله عنهما :
قال الإمام
أحمد : حدثنا
أبو المغيرة ، حدثنا
أبو بكر بن عبد الله ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس ; nindex.php?page=hadith&LINKID=822897أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أردفه على دابته ، فلما استوى عليها كبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثا ، وحمد ثلاثا ، وهلل الله واحدة . ثم استلقى عليه فضحك ، ثم أقبل عليه فقال : " ما من امرئ مسلم يركب دابة فيصنع كما صنعت ، إلا أقبل الله ، عز وجل ، عليه ، فضحك إليه كما ضحكت إليك " . تفرد به
أحمد .
حديث
عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما :
قال الإمام
أحمد : حدثنا
أبو كامل حدثنا
حماد بن سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير ، عن
علي بن عبد الله البارقي ، عن
عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما ;
nindex.php?page=hadith&LINKID=822898أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ركب راحلته كبر ثلاثا ، ثم قال : ( سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين . وإنا إلى ربنا لمنقلبون ) . ثم يقول : " اللهم إني أسألك في سفري هذا البر والتقوى ، ومن العمل ما ترضى . اللهم ، هون علينا السفر واطو لنا البعيد . اللهم ، أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل . اللهم ، اصحبنا في سفرنا ، واخلفنا في أهلنا " . وكان إذا رجع إلى أهله قال : " آيبون تائبون إن شاء الله ، عابدون ، لربنا حامدون " .
وهكذا رواه
مسلم وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي من حديث
حماد بن سلمة ، كلاهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير ، به .
حديث آخر :
قال الإمام
أحمد : حدثنا
محمد بن عبيد ، حدثنا
محمد بن إسحاق ، عن
محمد بن إبراهيم ، عن
[ ص: 222 ] عمرو بن الحكم بن ثوبان ، عن
أبي لاس الخزاعي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822899حملنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على إبل من إبل الصدقة إلى الحج . فقلنا : يا رسول الله ، ما نرى أن تحملنا هذه ! فقال : " ما من بعير إلا في ذروته شيطان ، فاذكروا اسم الله عليها إذا ركبتموها كما آمركم ، ثم امتهنوها لأنفسكم ، فإنما يحمل الله عز وجل " . أبو لاس اسمه :
محمد بن الأسود بن خلف .
حديث آخر في معناه :
قال
أحمد : حدثنا
عتاب ، أخبرنا
عبد الله ( ح )
وعلي بن إسحاق ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله - يعني ابن المبارك - أخبرنا
أسامة بن زيد ، أخبرني
محمد بن حمزة ; أنه سمع أباه يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822900 " على ظهر كل بعير شيطان ، فإن ركبتموها فسموا الله ، عز وجل ، ثم لا تقصروا عن حاجاتكم " .