(
ولقد أرسلنا موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فقال إني رسول رب العالمين ( 46 )
فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون ( 47 ) )
(
وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون ( 48 )
وقالوا يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون ( 49 )
فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون ( 50 ) )
يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله
موسى ، عليه السلام ، أنه ابتعثه إلى
فرعون وملئه من الأمراء والوزراء والقادة ، والأتباع والرعايا ، من
القبط وبني إسرائيل ، يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وينهاهم عن عبادة ما سواه ، وأنه بعث معه آيات عظاما ، كيده وعصاه ، وما أرسل معه من الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ، ومن نقص الزروع والأنفس والثمرات ، ومع هذا كله استكبروا عن اتباعها والانقياد لها ، وكذبوها وسخروا منها ، وضحكوا ممن جاءهم بها . (
وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها ) ومع هذا ما رجعوا عن غيهم وضلالهم ، وجهلهم وخبالهم . وكلما جاءتهم آية من هذه الآيات يضرعون إلى
موسى ، عليه السلام ، ويتلطفون له في العبارة بقولهم : (
يا أيها الساحر ) أي : العالم ، قاله
ابن جرير . وكان علماء زمانهم هم السحرة . ولم يكن السحر عندهم في زمانهم مذموما ، فليس هذا منهم على سبيل الانتقاص منهم ; لأن الحال حال ضرورة منهم إليه لا تناسب ذلك ، وإنما هو تعظيم في زعمهم ، ففي كل مرة يعدون
موسى [ عليه السلام ] إن كشف عنهم هذا أن يؤمنوا ويرسلوا معه
بني إسرائيل . وفي كل مرة ينكثون ما عاهدوا عليه ، وهذا كقوله [ تعالى ] (
فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين . ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل . فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون ) [ الأعراف : 133 - 135 ] .