بسم الله الرحمن الرحيم
(
حم ( 1 )
والكتاب المبين ( 2 )
إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين ( 3 )
فيها يفرق كل أمر حكيم ( 4 )
أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين ( 5 )
رحمة من ربك إنه هو السميع العليم ( 6 )
رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين ( 7 )
لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين ( 8 ) )
يقول تعالى مخبرا عن القرآن العظيم : إنه أنزله في ليلة مباركة ، وهي ليلة القدر ، كما قال تعالى : (
إنا أنزلناه في ليلة القدر ) [ القدر : 1 ] وكان ذلك في شهر رمضان ، كما قال : تعالى : (
شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) [ البقرة : 185 ]
[ ص: 246 ] وقد ذكرنا الأحاديث الواردة في ذلك في " سورة البقرة " بما أغنى عن إعادته .
ومن قال : إنها ليلة النصف من شعبان - كما روي عن
عكرمة - فقد أبعد النجعة فإن نص القرآن أنها في رمضان . والحديث الذي رواه
عبد الله بن صالح ، عن
الليث ، عن
عقيل عن
الزهري : أخبرني
عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "
تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان ، حتى إن الرجل لينكح ويولد له ، وقد أخرج اسمه في الموتى " فهو حديث مرسل ، ومثله لا يعارض به النصوص .
وقوله : (
إنا كنا منذرين ) أي : معلمين الناس ما ينفعهم ويضرهم شرعا ، لتقوم حجة الله على عباده .
وقوله : (
فيها يفرق كل أمر حكيم ) أي : في ليلة القدر يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمر السنة ، وما يكون فيها من الآجال والأرزاق ، وما يكون فيها إلى آخرها . وهكذا روي عن
ابن عمر ، وأبي مالك ، ومجاهد ،
والضحاك ، وغير واحد من السلف .
وقوله : ( حكيم ) أي : محكم لا يبدل ولا يغير ; ولهذا قال : (
أمرا من عندنا ) أي : جميع ما يكون ويقدره الله تعالى وما يوحيه فبأمره وإذنه وعلمه ، (
إنا كنا مرسلين ) أي : إلى الناس رسولا يتلو عليهم آيات الله مبينات ، فإن الحاجة كانت ماسة إليه ; ولهذا قال : (
رحمة من ربك إنه هو السميع العليم رب السموات والأرض وما بينهما ) أي : الذي أنزل هذا القرآن هو رب السموات والأرض وخالقهما ومالكهما وما فيهما ، (
إن كنتم موقنين ) أي : إن كنتم متحققين .
ثم قال : (
لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين ) وهذه الآية كقوله تعالى : (
قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت [ فآمنوا بالله ورسوله ] ) الآية [ الأعراف : 158 ] .