(
أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ( 24 )
إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم ( 25 )
ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم ( 26 )
فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ( 27 )
ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم ( 28 ) ) .
يقول تعالى آمرا بتدبر القرآن وتفهمه ، وناهيا عن الإعراض عنه ، فقال : (
أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) أي : بل على قلوب أقفالها ، فهي مطبقة لا يخلص إليها شيء من معانيه .
قال
ابن جرير : حدثنا
بشر ، قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد قال : حدثنا
حماد بن زيد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه قال :
تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما : ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) ، فقال شاب من أهل اليمن : بل عليها أقفالها حتى يكون الله عز وجل يفتحها أو يفرجها . فما زال الشاب في نفس عمر - رضي الله عنه - حتى ولي ، فاستعان به .
ثم قال تعالى : (
إن الذين ارتدوا على أدبارهم ) أي : فارقوا الإيمان ورجعوا إلى الكفر ، (
من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم ) أي : زين لهم ذلك وحسنه ، (
وأملى لهم ) أي : غرهم
[ ص: 321 ] وخدعهم ، (
ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر ) أي : مالئوهم وناصحوهم في الباطن على الباطل ، وهذا
شأن المنافقين يظهرون خلاف ما يبطنون ; ولهذا قال الله عز وجل : (
والله يعلم إسرارهم ) أي : [ يعلم ] ما يسرون وما يخفون ، الله مطلع عليه وعالم به ، كقوله : (
والله يكتب ما يبيتون ) [ النساء : 81 ] .
ثم قال : (
فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ) أي : كيف حالهم إذا جاءتهم الملائكة لقبض أرواحهم وتعصت الأرواح في أجسادهم ، واستخرجتها الملائكة بالعنف والقهر والضرب ، كما قال : (
ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ) الآية [ الأنفال : 50 ] ، وقال : (
ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم ) أي : بالضرب (
أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون ) [ الأنعام : 93 ] ; ولهذا قال هاهنا : (
ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم )