(
إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسألكم أموالكم ( 36 )
إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم ( 37 )
ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ( 38 ) ) .
يقول تعالى تحقيرا لأمر الدنيا وتهوينا لشأنها : (
إنما الحياة الدنيا لعب ولهو ) أي : حاصلها ذلك إلا ما كان منها لله عز وجل ; ولهذا قال : (
وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسألكم أموالكم ) أي : هو غني عنكم لا يطلب منكم شيئا ، وإنما فرض عليكم الصدقات من الأموال مواساة لإخوانكم
[ ص: 324 ] الفقراء ، ليعود نفع ذلك عليكم ، ويرجع ثوابه إليكم .
ثم قال : (
إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ) أي : يحرجكم تبخلوا : (
ويخرج أضغانكم )
قال
قتادة : " قد علم الله أن في إخراج الأموال إخراج الأضغان " . وصدق
قتادة فإن المال محبوب ، ولا يصرف إلا فيما هو أحب إلى الشخص منه .
وقوله : (
ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ) أي : لا يجيب إلى ذلك (
ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه ) أي : إنما نقص نفسه من الأجر ، وإنما يعود وبال ذلك عليه ، (
والله الغني ) أي : عن كل ما سواه ، وكل شيء فقير إليه دائما ; ولهذا قال : (
وأنتم الفقراء ) أي : بالذات إليه . فوصفه بالغنى وصف لازم له ، ووصف الخلق بالفقر وصف لازم لهم ، [ أي ] لا ينفكون عنه .
وقوله : (
وإن تتولوا ) أي : عن طاعته واتباع شرعه (
يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) أي : ولكن يكونون سامعين مطيعين له ولأوامره .
وقال
ابن أبي حاتم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا
ابن وهب ، أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=14429مسلم بن خالد ، عن
العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة [ رضي الله عنه ]
nindex.php?page=hadith&LINKID=826147أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية : ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) ، قالوا : يا رسول الله من هؤلاء الذين إن تولينا استبدل بنا ثم لا يكونوا أمثالنا ؟ قال : فضرب بيده على كتف سلمان الفارسي ثم قال : " هذا وقومه ، ولو كان الدين عند الثريا لتناوله رجال من الفرس " تفرد به
مسلم بن خالد الزنجي ، ورواه عنه غير واحد ، وقد تكلم فيه بعض الأئمة ، والله أعلم .
آخر تفسير سورة القتال .