(
الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون ياأولي الألباب ( 197 ) )
اختلف أهل العربية في قوله : (
الحج أشهر معلومات ) فقال بعضهم : [ تقديره ] الحج حج أشهر معلومات ، فعلى هذا التقدير يكون الإحرام بالحج فيها أكمل من الإحرام به فيما عداها ، وإن كان ذاك صحيحا ، والقول بصحة الإحرام بالحج في جميع السنة مذهب
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة ،
وأحمد [ ص: 541 ] بن حنبل ،
nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق ابن راهويه ، وبه يقول
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد . واحتج لهم بقوله تعالى : (
يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ) [ البقرة : 189 ] وبأنه أحد النسكين . فصح الإحرام به في جميع السنة كالعمرة .
وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، رحمه الله ، إلى أنه
لا يصح الإحرام بالحج إلا في أشهره فلو أحرم به قبلها لم ينعقد إحرامه به ، وهل ينعقد عمرة ؟ فيه قولان عنه . والقول بأنه لا يصح الإحرام بالحج إلا في أشهره مروي عن
ابن عباس ،
وجابر ، وبه يقول
عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
ومجاهد ، رحمهم الله ، والدليل عليه قوله تعالى : (
الحج أشهر معلومات ) وظاهره التقدير الآخر الذي ذهب إليه النحاة ، وهو أن : وقت الحج أشهر معلومات ، فخصصه بها من بين سائر شهور السنة ، فدل على أنه لا يصح قبلها ، كميقات الصلاة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، رحمه الله : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=14429مسلم بن خالد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، أخبرني
عمر بن عطاء ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس ، أنه قال : لا ينبغي لأحد أن يحرم بالحج إلا في شهور الحج ، من أجل قول الله : (
الحج أشهر معلومات ) وكذا رواه
ابن أبي حاتم ، عن
أحمد بن يحيى بن مالك السوسي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15697حجاج بن محمد الأعور ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، به . ورواه
ابن مردويه في تفسيره من طريقين ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15689حجاج بن أرطاة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم بن عتيبة عن مقسم ، عن
ابن عباس : أنه قال : من السنة ألا يحرم [ بالحج ] إلا في أشهر الحج .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة في صحيحه : حدثنا
أبو كريب ، حدثنا
أبو خالد الأحمر ، عن
شعبة ، عن
الحكم ، عن
مقسم ، عن
ابن عباس ، قال : لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج ، فإن من سنة الحج أن يحرم بالحج في أشهر الحج . وهذا إسناد صحيح ، وقول الصحابي : " من السنة كذا " في حكم المرفوع عند الأكثرين ، ولا سيما قول
ابن عباس تفسيرا للقرآن ، وهو ترجمانه .
وقد ورد فيه حديث مرفوع ، قال
ابن مردويه : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13433عبد الباقي بن قانع حدثنا
الحسن بن المثنى ، حدثنا
أبو حذيفة ، حدثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير ، عن
جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820502 " لا ينبغي لأحد أن يحرم بالحج إلا في أشهر الحج " .
وإسناده لا بأس به . لكن رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي من طرق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير ، أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله يسأل : أيهل بالحج قبل أشهر الحج ؟ فقال : لا .
وهذا الموقوف أصح وأثبت من المرفوع ، ويبقى حينئذ مذهب صحابي ، يتقوى بقول
ابن عباس : " من السنة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهره " . والله أعلم .
وقوله : (
أشهر معلومات ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : قال
ابن عمر : هي شوال ، وذو القعدة ، وعشر من ذي الحجة . وهذا الذي علقه البخاري عنه بصيغة الجزم رواه
ابن جرير موصولا حدثنا
أحمد بن [ ص: 542 ] حازم بن أبي غرزة حدثنا
أبو نعيم ، حدثنا
ورقاء ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار ، عن
ابن عمر : (
الحج أشهر معلومات ) قال : شوال ، وذو القعدة وعشر من ذي الحجة .
إسناد صحيح ، وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم أيضا في مستدركه ، عن
الأصم ، عن
الحسن بن علي بن عفان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16421عبد الله بن نمير ، عن
عبيد الله عن
نافع ، عن
ابن عمر فذكره وقال : على شرط الشيخين .
قلت : وهو مروي عن
عمر ،
وعلي ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=14171وعبد الله بن الزبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ،
ومكحول ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك بن مزاحم ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان . وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ،
nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، رحمهم الله . واختار هذا القول
ابن جرير ، قال : وصح إطلاق الجمع على شهرين وبعض الثالث للتغليب ، كما تقول العرب : " زرته العام ، ورأيته اليوم " . وإنما وقع ذلك في بعض العام واليوم ; قال الله تعالى : (
فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ) [ البقرة : 203 ] وإنما تعجل في يوم ونصف .
وقال الإمام
مالك بن أنس [
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في القديم ] : هي : شوال وذو القعدة وذو الحجة بكماله . وهو رواية عن
ابن عمر أيضا ; قال
ابن جرير :
حدثنا
أحمد بن إسحاق ، حدثنا
أبو أحمد ، حدثنا
شريك ، عن
إبراهيم بن مهاجر ، عن
مجاهد ، عن
ابن عمر قال : شوال وذو القعدة وذو الحجة .
وقال
ابن أبي حاتم في تفسيره : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا
ابن وهب ، أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال : قلت
لنافع : أسمعت
عبد الله بن عمر يسمي شهور الحج ؟ قال : نعم ، كان
عبد الله يسمي : " شوال وذو القعدة وذو الحجة " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : وقال ذلك
ابن شهاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله صاحب النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا إسناد صحيح إلى
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج . وقد حكي هذا أيضا عن
طاوس ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة بن الزبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ،
وقتادة . وجاء فيه حديث مرفوع ، ولكنه موضوع ، رواه الحافظ
ابن مردويه ، من طريق
حصين بن مخارق وهو متهم بالوضع عن
يونس بن عبيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب ، عن
أبي أمامة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820503 " الحج أشهر معلومات : شوال وذو القعدة وذو الحجة " .
وهذا كما رأيت لا يصح رفعه ، والله أعلم .
وفائدة مذهب
مالك أنه إلى آخر ذي الحجة ، بمعنى أنه مختص بالحج ، فيكره الاعتمار في بقية
[ ص: 543 ] ذي الحجة ، لا أنه يصح الحج بعد ليلة النحر .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
أحمد بن سنان ، حدثنا
أبو معاوية ، عن
الأعمش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16836قيس بن مسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16243طارق بن شهاب ، قال : قال
عبد الله : الحج أشهر معلومات ، ليس فيها عمرة . وهذا إسناد صحيح .
قال
ابن جرير : إنما أراد من ذهب إلى أن أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة أن هذه الأشهر ليست أشهر العمرة ، إنما هي للحج ، وإن كان عمل الحج قد انقضى بانقضاء أيام منى ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين : ما أحد من أهل العلم يشك في أن عمرة في غير أشهر الحج أفضل من عمرة في أشهر الحج .
وقال
ابن عون : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد ، عن العمرة في أشهر الحج ، فقال : كانوا لا يرونها تامة .
قلت : وقد ثبت عن
عمر وعثمان ، رضي الله عنهما ، أنهما كانا يحبان الاعتمار في غير أشهر الحج ، وينهيان عن ذلك في أشهر الحج ، والله أعلم .
وقوله : (
فمن فرض فيهن الحج ) أي : أوجب بإحرامه حجا . فيه دلالة على لزوم الإحرام بالحج والمضي فيه . قال
ابن جرير : أجمعوا على أن المراد من الفرض هاهنا الإيجاب والإلزام .
وقال
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : (
فمن فرض فيهن الحج ) يقول : من أحرم بحج أو عمرة . وقال
عطاء : الفرض الإحرام . وكذا قال
إبراهيم ،
والضحاك ، وغيرهم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : أخبرني
عمر بن عطاء ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس : أنه قال (
فمن فرض فيهن الحج ) فلا ينبغي أن يلبي بالحج ثم يقيم بأرض . قال
ابن أبي حاتم : وروي عن
ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
وابن الزبير ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ،
وعكرمة ،
والضحاك ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان نحو ذلك .
وقال
طاوس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم بن محمد : هو التلبية .
وقوله : (
فلا رفث ) أي :
من أحرم بالحج أو العمرة ، فليجتنب الرفث ، وهو الجماع ، كما قال تعالى : (
أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ) [ البقرة : 187 ] ، وكذلك يحرم تعاطي دواعيه من المباشرة والتقبيل ونحو ذلك ، وكذا التكلم به بحضرة النساء .
قال
ابن جرير : حدثني
يونس ، أخبرنا
ابن وهب ، أخبرني
يونس : أن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافعا أخبره : أن
عبد الله بن عمر كان يقول : الرفث إتيان النساء ، والتكلم بذلك : الرجال والنساء إذا ذكروا ذلك بأفواههم .
قال
ابن وهب : وأخبرني
أبو صخر ، عن
محمد بن كعب ، مثله .
قال
ابن جرير : وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، حدثنا
محمد بن جعفر ، حدثنا
شعبة ، عن
قتادة ، عن رجل ، عن
أبي العالية الرياحي ، عن
ابن عباس : أنه كان يحدو وهو محرم وهو يقول :
وهن يمشين بنا هميسا إن يصدق الطير ننل لميسا
قال
أبو العالية فقلت : تكلم بالرفث وأنت محرم ؟ ! قال : إنما الرفث ما قيل عند النساء .
[ ص: 544 ]
ورواه
الأعمش ، عن
زياد بن حصين ، عن
أبي العالية ، عن
ابن عباس ، فذكره .
وقال
ابن جرير أيضا : حدثنا
ابن أبي عدي ، عن
عون حدثني
زياد بن حصين ، حدثني
أبي حصين بن قيس ، قال : أصعدت مع
ابن عباس في الحاج ، وكنت خليلا له ، فلما كان بعد إحرامنا قال
ابن عباس ، فأخذ بذنب بعيره فجعل يلويه و [ هو ] يرتجز ، ويقول :
وهن يمشين بنا هميسا إن يصدق الطير ننل لميسا
قال : فقلت : أترفث وأنت محرم ؟ فقال : إنما الرفث ما قيل عند النساء .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16446عبد الله بن طاوس ، عن أبيه : سألت
ابن عباس عن قول الله تعالى : (
فلا رفث ولا فسوق ) قال : الرفث التعريض بذكر الجماع ، وهي العرابة في كلام العرب ، وهو أدنى الرفث .
وقال
عطاء بن أبي رباح : الرفث : الجماع ، وما دونه من قول الفحش ، وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار . وقال
عطاء : كانوا يكرهون العرابة ، وهو التعريض بذكر الجماع وهو محرم .
وقال
طاوس : هو أن تقول للمرأة : إذا حللت أصبتك . وكذا قال
أبو العالية .
وقال
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : الرفث : غشيان النساء والقبل والغمز ، وأن يعرض لها بالفحش من الكلام ، ونحو ذلك .
وقال
ابن عباس أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر : الرفث : غشيان النساء . وكذا قال
سعيد بن جبير ،
وعكرمة ،
ومجاهد ،
وإبراهيم ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
ومكحول ،
nindex.php?page=showalam&ids=16572وعطاء بن يسار ،
وعطية ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ،
والربيع ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك بن أنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان ،
nindex.php?page=showalam&ids=16395وعبد الكريم بن مالك ،
والحسن ،
وقتادة والضحاك ، وغيرهم .
وقوله : (
ولا فسوق ) قال
مقسم وغير واحد ، عن
ابن عباس : هي المعاصي . وكذا قال
عطاء ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
وعكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=14980ومحمد بن كعب ،
والحسن ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ،
ومكحول ،
وابن أبان ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16572وعطاء بن يسار ،
nindex.php?page=showalam&ids=16566وعطاء الخراساني ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان .
وقال
محمد بن إسحاق ، عن
نافع ، عن
ابن عمر قال : الفسوق : ما أصيب من معاصي الله به صيد أو غيره . وكذا روى
ابن وهب ، عن
يونس ، عن
نافع أن
عبد الله بن عمر كان يقول : الفسوق إتيان معاصي الله في الحرم .
وقال آخرون : الفسوق هاهنا السباب ، قاله
ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ،
وابن الزبير ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،
وإبراهيم والحسن . وقد يتمسك لهؤلاء بما ثبت في الصحيح
nindex.php?page=hadith&LINKID=820504 " سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر " .
[ ص: 545 ]
ولهذا رواه هاهنا الحبر
أبو محمد بن أبي حاتم ، رحمه الله ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
يزيد عن أبي وائل ، عن
عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820504 " سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر " . وروي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15238عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه ومن حديث
أبي إسحاق عن
محمد بن سعد عن أبيه ] .
وقال
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : الفسوق هاهنا : الذبح للأصنام . قال الله تعالى : (
أو فسقا أهل لغير الله به ) [ الأنعام : 145 ] .
وقال
الضحاك : الفسوق : التنابز بالألقاب .
والذين قالوا : الفسوق هاهنا هو جميع المعاصي ، معهم الصواب ، كما نهى تعالى عن الظلم في الأشهر الحرم ، وإن كان في جميع السنة منهيا عنه ، إلا أنه في الأشهر الحرم آكد ; ولهذا قال : (
منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) [ التوبة : 36 ] ، وقال في الحرم : (
ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم ) [ الحج : 25 ] .
واختار
ابن جرير أن الفسوق هاهنا : هو ارتكاب ما نهي عنه في الإحرام ، من قتل الصيد ، وحلق الشعر ، وقلم الأظفار ، ونحو ذلك ، كما تقدم عن
ابن عمر . وما ذكرناه أولى ، والله أعلم .
وقد ثبت في الصحيحين من حديث
أبي حازم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820505 " من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق ، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " .
وقوله : (
ولا جدال في الحج ) فيه قولان :
أحدهما : ولا مجادلة في وقت الحج وفي مناسكه ، وقد بينه الله أتم بيان ووضحه أكمل إيضاح . كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
العلاء بن عبد الكريم : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا يقول : (
ولا جدال في الحج ) قد بين الله أشهر الحج ، فليس فيه جدال بين الناس .
وقال
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : (
ولا جدال في الحج ) قال : لا شهر ينسأ ، ولا جدال في الحج ، قد تبين ، ثم ذكر كيفية ما كان المشركون يصنعون في النسيء الذي ذمهم الله به .
وقال
الثوري ، عن
عبد العزيز بن رفيع ، عن
مجاهد في قوله : (
ولا جدال في الحج ) قال : قد استقام الحج ، فلا جدال فيه . وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي .
وقال
هشيم : أخبرنا
حجاج ، عن عطاء ، عن
ابن عباس : (
ولا جدال في الحج ) قال : المراء في الحج .
[ ص: 546 ]
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب : قال
مالك : قال الله تعالى : (
ولا جدال في الحج ) فالجدال في الحج والله أعلم أن قريشا كانت تقف عند المشعر الحرام بالمزدلفة ، وكانت العرب ، وغيرهم يقفون بعرفة ، وكانوا يتجادلون ، يقول هؤلاء : نحن أصوب . ويقول هؤلاء : نحن أصوب . فهذا فيما نرى ، والله أعلم .
وقال
ابن وهب ، عن
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : كانوا يقفون مواقف مختلفة يتجادلون ، كلهم يدعي أن موقفه موقف
إبراهيم فقطعه الله حين أعلم نبيه بالمناسك .
وقال
ابن وهب ، عن
أبي صخر ، عن
محمد بن كعب ، قال : كانت قريش إذا اجتمعت بمنى قال هؤلاء : حجنا أتم من حجكم . وقال هؤلاء : حجنا أتم من حجكم .
وقال
حماد بن سلمة عن
جبر بن حبيب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد أنه قال : الجدال في الحج أن يقول بعضهم : الحج غدا . ويقول بعضهم : اليوم .
وقد اختار
ابن جرير مضمون هذه الأقوال ، وهو قطع التنازع في مناسك الحج .
والقول الثاني : أن المراد بالجدال هاهنا : المخاصمة .
قال
ابن جرير : حدثنا
عبد الحميد بن بيان حدثنا
إسحاق ، عن
شريك ، عن
أبي إسحاق ، عن
أبي الأحوص ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله هو ابن مسعود في قوله : (
ولا جدال في الحج ) قال : أن تماري صاحبك حتى تغضبه .
وبهذا الإسناد إلى
أبي إسحاق ، عن
التميمي : سألت
ابن عباس عن " الجدال " قال : المراء ، تماري صاحبك حتى تغضبه . وكذا روى
مقسم والضحاك ، عن
ابن عباس . وكذا قال
أبو العالية ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
وعكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16566وعطاء الخراساني ،
ومكحول ،
nindex.php?page=showalam&ids=16705وعمرو بن دينار ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،
والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16572وعطاء بن يسار ،
والحسن ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان .
وقال
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : (
ولا جدال في الحج ) قال الجدال : المراء والملاحاة ، حتى تغضب أخاك وصاحبك ، فنهى الله عن ذلك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي : (
ولا جدال في الحج ) قال : كانوا يكرهون الجدال . وقال
محمد بن إسحاق ، عن
نافع ، عن
ابن عمر ، قال : الجدال : السباب والمنازعة . وكذا روى
ابن وهب ، عن
يونس ، عن
نافع : أن
ابن عمر كان يقول :
الجدال في الحج : السباب ، والمراء ، والخصومات ، وقال
ابن أبي حاتم : وروي عن
ابن الزبير ،
والحسن ،
وإبراهيم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14980ومحمد بن كعب ، قالوا : الجدال المراء .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك ، عن
يحيى بن بشر عن
عكرمة : (
ولا جدال في الحج ) والجدال الغضب ، أن تغضب عليك مسلما ، إلا أن تستعتب مملوكا فتغضبه من غير أن تضربه ، فلا بأس عليك ، إن شاء الله .
[ ص: 547 ]
قلت : ولو ضربه لكان جائزا سائغا . والدليل على ذلك ما رواه الإمام
أحمد : حدثنا
عبد الله بن إدريس ، حدثنا
محمد بن إسحاق ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=820506عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه : أن أسماء بنت أبي بكر قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجاجا ، حتى إذا كنا بالعرج نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجلست عائشة إلى جنب رسول الله ، وجلست إلى جنب أبي . وكانت زمالة أبي بكر وزمالة رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدة مع غلام أبي بكر ، فجلس أبو بكر ينتظره إلى أن يطلع عليه ، فأطلع وليس معه بعيره ، فقال : أين بعيرك ؟ فقال : أضللته البارحة . فقال أبو بكر : بعير واحد تضله ؟ فطفق يضربه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم ويقول : " انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع ؟ " .
وهكذا أخرجه
أبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، من حديث
ابن إسحاق . ومن هذا الحديث حكى بعضهم عن بعض السلف أنه قال : من تمام الحج ضرب الجمال . ولكن يستفاد من قول النبي صلى الله عليه وسلم عن
أبي بكر : " انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع ؟ " كهيئة الإنكار اللطيف أن الأولى ترك ذلك ، والله أعلم .
وقد قال الإمام
عبد بن حميد في مسنده : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى ، عن
موسى بن عبيدة ، عن أخيه
عبد الله بن عبيدة عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" من قضى نسكه ، وسلم المسلمون من لسانه ويده ، غفر له ما تقدم من ذنبه " .
وقوله : (
وما تفعلوا من خير يعلمه الله ) لما نهاهم عن إتيان القبيح قولا وفعلا حثهم على فعل الجميل ، وأخبرهم أنه عالم به ، وسيجزيهم عليه أوفر الجزاء يوم القيامة .
وقوله : (
وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) قال
العوفي ، عن
ابن عباس : كان أناس يخرجون من أهليهم ليست معهم أزودة ، يقولون : نحج بيت الله ولا يطعمنا . فقال الله : تزودوا ما يكف وجوهكم عن الناس .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
محمد بن عبد الله بن يزيد المقري ، حدثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، عن
عكرمة : قال : إن ناسا كانوا يحجون بغير زاد ، فأنزل الله : (
وتزودوا فإن خير الزاد التقوى )
وكذا رواه
ابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=14923عمرو وهو الفلاس عن
ابن عيينة .
قال
ابن أبي حاتم : وقد روى هذا الحديث
ورقاء ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس . قال : وما يرويه عن
ابن عيينة أصح .
[ ص: 548 ]
قلت : قد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، عن
سعيد بن عبد الرحمن المخزومي ، عن
سفيان بن عيينة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس [ قال ] كان ناس يحجون بغير زاد ، فأنزل الله : (
وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) . وأما حديث
ورقاء فأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، عن
يحيى بن بشر ، عن
شبابة . وأخرجه
أبو داود ، عن
أبي مسعود أحمد بن الفرات الرازي ،
ومحمد بن عبد الله المخرمي ، عن
شبابة ، عن
ورقاء ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، عن
عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ، ويقولون : نحن المتوكلون . فأنزل الله : (
وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) .
ورواه
عبد بن حميد في تفسيره ، عن
شبابة [ به ] . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في صحيحه من حديث
شبابة ، به .
وروى
ابن جرير وابن مردويه من حديث
عمرو بن عبد الغفار [ عن
محمد بن سوقة ] عن
نافع ، عن
ابن عمر ، قال : كانوا إذا أحرموا ومعهم أزوادهم رموا بها ، واستأنفوا زادا آخر ; فأنزل الله تعالى : (
وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) فنهوا عن ذلك ، وأمروا أن يتزودوا الكعك والدقيق والسويق . وكذا قال
ابن الزبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية ،
ومجاهد ،
وعكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
والنخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15959وسالم بن عبد الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=16566وعطاء الخراساني ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان .
وقال
سعيد بن جبير : فتزودوا الدقيق والسويق والكعك وقال
وكيع [ بن الجراح ] في تفسيره : حدثنا
سفيان ، عن
محمد بن سوقة عن
سعيد بن جبير : ( وتزودوا ) قال :
الخشكنانج والسويق . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع أيضا : حدثنا
إبراهيم المكي ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، عن
ابن عمر ، قال : إن من كرم الرجل طيب زاده في السفر . وزاد فيه
حماد بن سلمة ، عن
أبي ريحانة أن
ابن عمر كان يشترط على من صحبه الجوزة .
وقوله : (
فإن خير الزاد التقوى ) لما أمرهم بالزاد للسفر في الدنيا أرشدهم إلى زاد الآخرة ، وهو استصحاب التقوى إليها ، كما قال : (
وريشا ولباس التقوى ذلك خير ) [ الأعراف : 26 ] . لما ذكر اللباس الحسي نبه مرشدا إلى اللباس المعنوي ، وهو الخشوع ، والطاعة والتقوى ، وذكر أنه خير من هذا ، وأنفع .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني في قوله : (
فإن خير الزاد التقوى ) يعني : زاد الآخرة .
وقال الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=14687أبو القاسم الطبراني : حدثنا
عبدان ، حدثنا
هشام بن عمار ، حدثنا
مروان بن [ ص: 549 ] معاوية ، عن
إسماعيل عن
قيس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=97جرير بن عبد الله ، عن النبي ، صلى الله عليه وسلم [ قال ] :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824370 " من يتزود في الدنيا ينفعه في الآخرة " .
وقال
مقاتل بن حيان : لما نزلت هذه الآية : ( وتزودوا ) قام رجل من فقراء المسلمين فقال : يا رسول الله ، ما نجد زادا نتزوده . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" تزود ما تكف به وجهك عن الناس ، وخير ما تزودتم التقوى " . رواه
ابن أبي حاتم .
وقوله : (
واتقون يا أولي الألباب ) يقول : واتقوا عقابي ، ونكالي ، وعذابي ، لمن خالفني ولم يأتمر بأمري ، يا ذوي العقول والأفهام .