(
ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير )
يقول تعالى مخبرا للناس أنه خلقهم من نفس واحدة ، وجعل منها زوجها ، وهما
آدم وحواء ، وجعلهم شعوبا ، وهي أعم من القبائل ، وبعد القبائل مراتب أخر كالفصائل والعشائر والعمائر والأفخاذ وغير ذلك .
وقيل : المراد بالشعوب بطون العجم ، وبالقبائل بطون العرب ، كما أن الأسباط بطون بني إسرائيل . وقد لخصت هذا في مقدمة مفردة جمعتها من كتاب : " الإنباه "
nindex.php?page=showalam&ids=13332لأبي عمر بن عبد البر ، ومن كتاب " القصد والأمم ، في معرفة أنساب العرب والعجم " . فجميع
الناس في الشرف بالنسبة الطينية إلى آدم وحواء سواء ، وإنما يتفاضلون بالأمور الدينية ، وهي طاعة الله ومتابعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ; ولهذا قال تعالى بعد النهي عن الغيبة واحتقار بعض الناس بعضا ، منبها على تساويهم في البشرية : (
يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ) أي : ليحصل التعارف بينهم ، كل يرجع إلى قبيلته .
وقال
مجاهد في قوله : ( لتعارفوا ) ، كما يقال : فلان بن فلان من كذا وكذا ، أي : من قبيلة كذا وكذا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري : كانت حمير ينتسبون إلى مخاليفها ، وكانت عرب
الحجاز ينتسبون إلى قبائلها .
وقد قال
أبو عيسى الترمذي : حدثنا
أحمد بن محمد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك ، عن
عبد [ ص: 386 ] الملك بن عيسى الثقفي ، عن
يزيد - مولى المنبعث - عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823899 " تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ; فإن صلة الرحم محبة في الأهل ، مثراة في المال ، منسأة في الأثر " . ثم قال : غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه .
وقوله : (
إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) أي : إنما تتفاضلون عند الله بالتقوى لا بالأحساب . وقد وردت الأحاديث بذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري رحمه الله : حدثنا
محمد بن سلام ، حدثنا
عبدة ، عن
عبيد الله ، عن
سعيد بن أبي سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821684سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أي الناس أكرم ؟ قال : " أكرمهم عند الله أتقاهم " قالوا : ليس عن هذا نسألك . قال : " فأكرم الناس يوسف نبي الله ، ابن نبي الله ، ابن خليل الله " . قالوا : ليس عن هذا نسألك . قال : " فعن معادن العرب تسألوني ؟ " قالوا : نعم . قال : " فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا " .
وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في غير موضع من طرق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16513عبدة بن سليمان . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في التفسير من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله - وهو ابن عمر العمري - به .
حديث آخر : قال
مسلم ، رحمه الله : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16696عمرو الناقد ، حدثنا
كثير بن هشام ، حدثنا
جعفر بن برقان ، عن
يزيد بن الأصم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823900 " إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " .
ورواه
ابن ماجه عن
أحمد بن سنان ، عن
كثير بن هشام ، به .
حديث آخر : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
أبي هلال ، عن
بكر ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=823901عن أبي ذر قال : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له : " انظر ، فإنك لست بخير من أحمر ولا أسود إلا أن تفضله بتقوى . تفرد به
أحمد .
حديث آخر : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14687الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا
أبو عبيدة عبد الوارث بن إبراهيم العسكري ، حدثنا
عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة ، حدثنا
عبيد بن حنين الطائي ، سمعت
محمد بن حبيب بن خراش العصري ، يحدث عن أبيه : أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826188المسلمون إخوة ، لا [ ص: 387 ] فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى "
حديث آخر : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13863أبو بكر البزار في مسنده : حدثنا
أحمد بن يحيى الكوفي ، حدثنا
الحسن بن الحسين ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16833قيس - يعني ابن الربيع - عن
شبيب بن غرقدة ، عن
المستظل بن حصين ، عن
حذيفة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826189 " كلكم بنو آدم . وآدم خلق من تراب ، ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم ، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان " .
ثم قال : لا نعرفه عن
حذيفة إلا من هذا الوجه .
حديث آخر : قال
ابن أبي حاتم : حدثنا
الربيع بن سليمان ، حدثنا
أسد بن موسى ، حدثنا
يحيى بن زكريا القطان ، حدثنا
موسى بن عبيدة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار ، عن
ابن عمر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826190طاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة على ناقته القصواء يستلم الأركان بمحجن في يده ، فما وجد لها مناخا في المسجد حتى نزل - صلى الله عليه وسلم - على أيدي الرجال ، فخرج بها إلى بطن المسيل فأنيخت . ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبهم على راحلته ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو له أهل ثم قال : " يا أيها الناس ، إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وتعظمها بآبائها ، فالناس رجلان : رجل بر تقي كريم على الله ، وفاجر شقي هين على الله . إن الله يقول : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) ثم قال : " أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم " .
هكذا رواه
عبد بن حميد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12063أبي عاصم الضحاك بن مخلد ، عن
موسى بن عبيدة ، به .
حديث آخر : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
يحيى بن إسحاق ، حدثنا
ابن لهيعة ، عن
الحارث بن يزيد ، عن
علي بن رباح ، عن
عقبة بن عامر ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823902 " إن أنسابكم هذه ليست بمسبة على أحد ، كلكم بنو آدم طف الصاع لم يملأه ، ليس لأحد على أحد فضل إلا بدين وتقوى ، وكفى بالرجل أن يكون بذيا بخيلا فاحشا " .
وقد رواه
ابن جرير ، عن
يونس ، عن
ابن وهب ، عن
ابن لهيعة ، به ولفظه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826191 " الناس لآدم وحواء ، طف الصاع لم يملئوه ، إن الله لا يسألكم عن أحسابكم ولا عن أنسابكم يوم القيامة ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم " . [ ص: 388 ] وليس هو في شيء من الكتب الستة من هذا الوجه .
حديث آخر : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
أحمد بن عبد الملك ، حدثنا
شريك ، عن
سماك ، عن
عبد الله بن عميرة زوج
درة ابنة أبي لهب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10701درة بنت أبي لهب قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823903قام رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر ، فقال : يا رسول الله ، أي الناس خير ؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - : " خير الناس أقرؤهم ، وأتقاهم لله عز وجل ، وآمرهم بالمعروف ، وأنهاهم عن المنكر ، وأوصلهم للرحم " .
حديث آخر : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا
ابن لهيعة ، حدثنا
أبو الأسود ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد ، عن
عائشة قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823904ما أعجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء من الدنيا ، ولا أعجبه أحد قط ، إلا ذو تقى . تفرد به
أحمد رحمه الله .
وقوله : (
إن الله عليم خبير ) أي : عليم بكم ، خبير بأموركم ، فيهدي من يشاء ، ويضل من يشاء ، ويرحم من يشاء ، ويعذب من يشاء ، ويفضل من يشاء على من يشاء ، وهو الحكيم العليم الخبير في ذلك كله . وقد استدل بهذه الآية الكريمة وهذه الأحاديث الشريفة ، من ذهب من العلماء إلى أن
الكفاءة في النكاح لا تشترط ، ولا يشترط سوى الدين ، لقوله : (
إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) وذهب الآخرون إلى أدلة أخرى مذكورة في كتب الفقه ، وقد ذكرنا طرفا من ذلك في " كتاب الأحكام " ولله الحمد والمنة . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني عن
عبد الرحمن أنه سمع رجلا من
بني هاشم يقول : أنا أولى الناس برسول الله . فقال : غيرك أولى به منك ، ولك منه نسبه .