[ ص: 444 ] (
علمه شديد القوى ( 5 )
ذو مرة فاستوى ( 6 )
وهو بالأفق الأعلى ( 7 )
ثم دنا فتدلى ( 8 )
فكان قاب قوسين أو أدنى ( 9 )
فأوحى إلى عبده ما أوحى ( 10 )
ما كذب الفؤاد ما رأى ( 11 )
أفتمارونه على ما يرى ( 12 )
ولقد رآه نزلة أخرى ( 13 )
عند سدرة المنتهى ( 14 )
عندها جنة المأوى ( 15 )
إذ يغشى السدرة ما يغشى ( 16 )
ما زاغ البصر وما طغى ( 17 )
لقد رأى من آيات ربه الكبرى ( 18 ) ) .
يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله
محمد - صلى الله عليه وسلم - أنه علمه الذي جاء به إلى الناس (
شديد القوى ) ، وهو
جبريل ، عليه السلام ، كما قال : (
إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين ) [ التكوير : 19 - 21 ] .
وقال هاهنا : (
ذو مرة ) أي : ذو قوة . قاله
مجاهد ،
والحسن ،
وابن زيد . وقال
ابن عباس : ذو منظر حسن .
وقال
قتادة : ذو خلق طويل حسن .
ولا منافاة بين القولين ; فإنه عليه السلام ، ذو منظر حسن ، وقوة شديدة . وقد ورد في الحديث الصحيح من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وابن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823951لا تحل الصدقة لغني ، ولا لذي مرة سوي " .
وقوله : (
فاستوى ) يعني
جبريل ، عليه السلام . قاله
مجاهد والحسن وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس .
(
وهو بالأفق الأعلى ) يعني
جبريل ، استوى في الأفق الأعلى . قاله
عكرمة وغير واحد . قال
عكرمة : والأفق الأعلى : الذي يأتي منه الصبح . وقال
مجاهد : هو مطلع الشمس . وقال
قتادة : هو الذي يأتي منه النهار . وكذا قال
ابن زيد ، وغيرهم .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
أبو زرعة ، حدثنا
مصرف بن عمرو اليامي أبو القاسم ، حدثنا
عبد الرحمن بن محمد بن طلحة بن مصرف ، حدثني أبي ، عن
الوليد - هو ابن قيس - عن
إسحاق بن أبي الكهتلة أظنه ذكره عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود nindex.php?page=hadith&LINKID=826213أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ير جبريل في صورته إلا مرتين ، أما واحدة فإنه سأله أن يراه في صورته فسد الأفق . وأما الثانية فإنه كان معه حيث صعد ، فذلك قوله : ( وهو بالأفق الأعلى ) .
وقد قال
ابن جرير هاهنا قولا لم أره لغيره ، ولا حكاه هو عن أحد وحاصله : أنه ذهب إلى أن المعنى : (
فاستوى ) أي : هذا الشديد القوى ذو المرة هو
ومحمد صلى الله عليهما وسلم (
بالأفق الأعلى ) أي : استويا جميعا بالأفق ، وذلك ليلة الإسراء كذا قال ، ولم يوافقه أحد على ذلك . ثم
[ ص: 445 ] شرع يوجه ما قال من حيث العربية ، فقال : وهذا كقوله تعالى : (
أئذا كنا ترابا وآباؤنا ) [ النمل : 67 ] ، فعطف بالآباء على المكنى في ) كنا ) من غير إظهار " نحن " ، فكذلك قوله : (
فاستوى وهو ) قال : وذكر
الفراء عن بعض العرب أنه أنشده :
ألم تر أن النبع يصلب عوده ولا يستوي والخروع المتقصف
وهذا الذي قاله من جهة العربية متجه ، ولكن لا يساعده المعنى على ذلك ; فإن هذه الرؤية
لجبريل لم تكن ليلة الإسراء ، بل قبلها ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأرض ، فهبط عليه
جبريل ، عليه السلام ، وتدلى إليه ، فاقترب منه وهو على الصورة التي خلقه الله عليها ، له ستمائة جناح ، ثم رآه بعد ذلك نزلة أخرى عند سدرة المنتهى ، يعني ليلة الإسراء ، وكانت هذه الرؤية الأولى في أوائل البعثة بعد ما جاءه
جبريل ، عليه السلام ، أول مرة ، فأوحى الله إليه صدر سورة " اقرأ " ، ثم فتر الوحي فترة ذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها مرارا ليتردى من رءوس الجبال ، فكلما هم بذلك ناداه جبريل من الهواء : " يا
محمد ، أنت رسول الله حقا ، وأنا
جبريل " . فيسكن لذلك جأشه ، وتقر عينه ، وكلما طال عليه الأمر عاد لمثلها حتى تبدى له
جبريل ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأبطح في صورته التي خلقه الله عليها ، له ستمائة جناح قد سد عظم خلقه الأفق ، فاقترب منه وأوحى إليه عن الله عز وجل ما أمره به ، فعرف عند ذلك عظمة الملك الذي جاءه بالرسالة ، وجلالة قدره ، وعلو مكانته عند خالقه الذي بعثه إليه . فأما الحديث الذي رواه الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13863أبو بكر البزار في مسنده حيث قال :
حدثنا
سلمة بن شبيب ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور ، حدثنا
الحارث بن عبيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12107أبي عمران الجوني ، عن
أنس بن مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=825599بينا أنا قاعد إذ جاء جبريل عليه السلام ، فوكز بين كتفي ، فقمت إلى شجرة فيها كوكري الطير ، فقعد في أحدهما وقعدت في الآخر . فسمت وارتفعت حتى سدت الخافقين وأنا أقلب طرفي ، ولو شئت أن أمس السماء لمسست ، فالتفت إلي جبريل كأنه حلس لاط ، فعرفت فضل علمه بالله علي . وفتح لي باب من أبواب السماء ورأيت النور الأعظم ، وإذا دون الحجاب رفرفة الدر والياقوت . وأوحي إلي ما شاء الله أن يوحي " .
ثم قال
البزار : لا يرويه إلا
الحارث بن عبيد ، وكان رجلا مشهورا من أهل
البصرة .
قلت :
الحارث بن عبيد هذا هو
أبو قدامة الإيادي ، أخرج له
مسلم في صحيحه إلا أن
ابن معين ضعفه ، وقال : ليس هو بشيء . وقال الإمام
أحمد : مضطرب الحديث . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي : كتب حديثه ولا يحتج به . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : كثر وهمه فلا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد . فهذا الحديث من غرائب رواياته ، فإن فيه نكارة وغرابة ألفاظ وسياقا عجيبا ، ولعله منام ، والله أعلم .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
حجاج ، حدثنا
شريك ، عن
عاصم ، عن
أبي وائل ، عن
عبد الله [ ص: 446 ] قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823952رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبريل في صورته وله ستمائة جناح ، كل جناح منها قد سد الأفق ، يسقط من جناحه من التهاويل والدر والياقوت ما الله به عليم . انفرد به
أحمد .
وقال أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم ، حدثنا
أبو بكر بن عياش ، عن
إدريس بن منبه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه ، عن
ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823953سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - جبريل أن يراه في صورته ، فقال : ادع ربك . فدعا ربه عز وجل ، فطلع عليه سواد من قبل المشرق ، فجعل يرتفع وينتشر ، فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - صعق ، فأتاه فنعشه ومسح البزاق عن شدقه .
انفرد به
أحمد . وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر في ترجمة "
عتبة بن أبي لهب " ، من طريق
محمد بن إسحاق ، عن
عثمان بن عروة بن الزبير ، عن أبيه ، عن
هبار بن الأسود قال :
كان أبو لهب وابنه عتبة قد تجهزا إلى الشام ، فتجهزت معهما ، فقال ابنه عتبة : والله لأنطلقن إلى محمد ولأوذينه في ربه سبحانه ، فانطلق حتى أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا محمد ، هو يكفر بالذي دنا فتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " اللهم ابعث إليه كلبا من كلابك " . ثم انصرف عنه فرجع إلى أبيه فقال : يا بني ، ما قلت له ؟ فذكر له ما قال له ، قال : فما قال لك ؟ قال : قال : " اللهم سلط عليه كلبا من كلابك " قال : يا بني والله ما آمن عليك دعاءه . فسرنا حتى نزلنا الشراة ، وهي مأسدة ، ونزلنا إلى صومعة راهب ، فقال الراهب : يا معشر العرب ، ما أنزلكم هذه البلاد فإنها تسرح الأسد فيها كما تسرح الغنم ؟ فقال لنا أبو لهب : إنكم قد عرفتم كبر سني وحقي ، وإن هذا الرجل قد دعا على ابني دعوة - والله - ما آمنها عليه ، فاجمعوا متاعكم إلى هذه الصومعة ، وافرشوا لابني عليها ، ثم افرشوا حولها . ففعلنا ، فجاء الأسد فشم وجوهنا ، فلما لم يجد ما يريد تقبض ، فوثب ، فإذا هو فوق المتاع ، فشم وجهه ثم هزمه هزمة ففضخ رأسه . فقال أبو لهب : قد عرفت أنه لا ينفلت عن دعوة محمد .
وقوله : (
فكان قاب قوسين أو أدنى ) أي : فاقترب
جبريل إلى
محمد لما هبط عليه إلى الأرض حتى كان بينه وبين
محمد - صلى الله عليه وسلم - قاب قوسين أي : بقدرهما إذا مدا . قاله
مجاهد ،
وقتادة .
وقد قيل : إن المراد بذلك بعد ما بين وتر القوس إلى كبدها .
وقوله : (
أو أدنى ) قد تقدم أن هذه الصيغة تستعمل في اللغة لإثبات المخبر عنه ونفي ما زاد عليه ، كقوله : (
ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة ) [ البقرة : 74 ] ، أي : ما هي بألين من الحجارة ، بل هي مثلها أو تزيد عليها في الشدة والقسوة . وكذا قوله : (
يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية ) [ النساء : 77 ] ، وقوله : (
وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون ) [ الصافات : 147 ] ،
[ ص: 447 ] أي : ليسوا أقل منها بل هم مائة ألف حقيقة ، أو يزيدون عليها . فهذا تحقيق للمخبر به لا شك ولا تردد ، فإن هذا ممتنع هاهنا ، وهكذا هذه الآية : (
فكان قاب قوسين أو أدنى ) .
وهذا الذي قلناه من أن هذا المقترب الداني الذي صار بينه وبين
محمد - صلى الله عليه وسلم - إنما هو
جبريل عليه السلام ، هو قول أم المؤمنين
عائشة ، nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ،
وأبي ذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ، كما سنورد أحاديثهم قريبا إن شاء الله . وروى
مسلم في صحيحه ، عن
ابن عباس أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823954رأى محمد ربه بفؤاده مرتين " . فجعل هذه إحداهما . وجاء في حديث
شريك بن أبي نمر ، عن
أنس في حديث الإسراء : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823955ثم دنا الجبار رب العزة فتدلى " ولهذا تكلم كثير من الناس في متن هذه الرواية ، وذكروا أشياء فيها من الغرابة ، فإن صح فهو محمول على وقت آخر وقصة أخرى ، لا أنها تفسير لهذه الآية ; فإن هذه كانت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأرض لا ليلة الإسراء ; ولهذا قال بعده : (
ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى ) ، فهذه هي ليلة الإسراء والأولى كانت في الأرض .
وقد قال
ابن جرير : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12461محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، حدثنا
عبد الواحد بن زياد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11814سليمان الشيباني ، حدثنا
زر بن حبيش قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود في هذه الآية : (
فكان قاب قوسين أو أدنى ) ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823956 " رأيت جبريل له ستمائة جناح " .
وقال
ابن وهب : حدثنا
ابن لهيعة ، عن
أبي الأسود ، عن
عروة ، عن
عائشة قالت : كان أول شأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه رأى في منامه جبريل بأجياد ، ثم إنه خرج ليقضي حاجته فصرخ به جبريل : يا محمد يا محمد . فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمينا وشمالا فلم ير شيئا - ثلاثا - ثم رفع بصره فإذا هو ثان إحدى رجليه مع الأخرى على أفق السماء فقال : يا محمد ، جبريل ، جبريل - يسكنه - فهرب النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى دخل في الناس ، فنظر فلم ير شيئا ، ثم خرج من الناس ، ثم نظر فرآه ، فدخل في الناس فلم ير شيئا ، ثم خرج فنظر فرآه ، فذلك قول الله عز وجل : (
والنجم إذا هوى [ ما ضل صاحبكم وما غوى ] ) إلى قوله : (
ثم دنا فتدلى ) يعني جبريل إلى محمد ، (
فكان قاب قوسين أو أدنى ) : ويقولون : القاب نصف الأصبع . وقال بعضهم : ذراعين كان بينهما .
رواه
ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، من حديث
ابن وهب . وفي حديث
الزهري عن
أبي سلمة ، عن
جابر شاهد لهذا .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
طلق بن غنام ، عن
زائدة ، عن
الشيباني قال : سألت
زرا عن قوله :
[ ص: 448 ] (
فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى ) قال : حدثنا
عبد الله أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - رأى جبريل له ستمائة جناح .
وقال
ابن جرير : حدثني
ابن بزيع البغدادي ، حدثنا
إسحاق بن منصور ، حدثنا
إسرائيل ، عن
أبي إسحاق ، عن
عبد الرحمن بن يزيد ، عن
عبد الله : (
ما كذب الفؤاد ما رأى ) قال : رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبريل عليه حلتا رفرف ، قد ملأ ما بين السماء والأرض .
فعلى ما ذكرناه يكون قوله : (
فأوحى إلى عبده ما أوحى ) معناه : فأوحى
جبريل إلى عبد الله
محمد ما أوحى . أو : فأوحى الله إلى عبده
محمد ما أوحى بواسطة
جبريل وكلا المعنيين صحيح ، وقد ذكر عن
سعيد بن جبير في قوله : (
فأوحى إلى عبده ما أوحى ) ، قال : أوحى إليه : " ألم أجدك يتيما " (
، ورفعنا لك ذكرك ) [ الشرح : 4 ] .
وقال غيره : أوحى [ الله ] إليه أن الجنة محرمة على الأنبياء حتى تدخلها ، وعلى الأمم حتى تدخلها أمتك .
وقوله : (
ما كذب الفؤاد ما رأى أفتمارونه على ما يرى ) قال مسلم : حدثنا
أبو سعيد الأشج ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، حدثنا
الأعمش ، عن
زياد بن حصين ، عن
أبي العالية ، عن
ابن عباس : (
ما كذب الفؤاد ما رأى ) ، (
ولقد رآه نزلة أخرى ) قال : رآه بفؤاده مرتين .
وكذا رواه
سماك ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس ، مثله . وكذا قال
أبو صالح nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي وغيرهما : إنه رآه بفؤاده مرتين [ أو مرة ] ، وقد خالفه
ابن مسعود وغيره ، وفي رواية عنه أنه أطلق الرؤية ، وهي محمولة على المقيدة بالفؤاد . ومن روى عنه بالبصر فقد أغرب ، فإنه لا يصح في ذلك شيء عن الصحابة رضي الله عنهم ، وقول
البغوي في تفسيره : وذهب جماعة إلى أنه رآه بعينه ، وهو قول
أنس والحسن وعكرمة . فيه نظر ، والله أعلم .
وقال
الترمذي : حدثنا
محمد بن عمرو بن نبهان بن صفوان ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17330يحيى بن كثير العنبري ، عن
سلم بن جعفر ، عن
الحكم بن أبان ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس قال : رأى محمد ربه . قلت : أليس الله يقول : (
لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) [ الأنعام : 103 ] قال : ويحك ! ذاك إذا تجلى بنوره الذي هو نوره ، وقد رأى ربه مرتين .
[ ص: 449 ] ثم قال : حسن غريب .
وقال أيضا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14771ابن أبي عمر ، حدثنا
سفيان ، عن
مجالد ، عن
الشعبي قال : لقي
ابن عباس كعبا بعرفة ، فسأله عن شيء فكبر حتى جاوبته الجبال ، فقال
ابن عباس : إنا
بنو هاشم فقال
كعب : إن الله قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى ، فكلم موسى مرتين ورآه محمد مرتين . وقال
مسروق : دخلت على
عائشة فقلت : هل رأى محمد ربه ؟ فقالت : لقد تكلمت بشيء قف له شعري . فقلت : رويدا ، ثم قرأت : (
لقد رأى من آيات ربه الكبرى )
فقالت : أين يذهب بك ؟ إنما هو جبريل ، من أخبرك أن محمدا رأى ربه أو كتم شيئا مما أمر به ، أو يعلم الخمس التي قال الله تعالى : (
إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ) [ لقمان : 34 ] ، فقد أعظم الفرية ، ولكنه رأى جبريل ، لم يره في صورته إلا مرتين ، مرة عند سدرة المنتهى ومرة في جياد ، وله ستمائة جناح قد سد الأفق .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : حدثنا
إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17105معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن
قتادة ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس قال : أتعجبون أن تكون الحلة لإبراهيم ، والكلام لموسى ، والرؤية لمحمد عليهم السلام ؟ ! .
وفي صحيح
مسلم ، عن
أبي ذر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821799سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : هل رأيت ربك ؟ فقال : " نور أنى أراه " . وفي رواية : " رأيت نورا " .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
أبو سعيد الأشج ، حدثنا
أبو خالد ، عن
موسى بن عبيدة ، عن
محمد بن كعب قال :
قالوا : يا رسول الله ، رأيت ربك ؟ قال : " رأيته بفؤادي مرتين " ثم قرأ : ( ما كذب الفؤاد ما رأى ) .
ورواه
ابن جرير ، عن
ابن حميد ، عن
مهران ، عن
موسى بن عبيدة ، عن
محمد بن كعب ، عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
قلنا : يا رسول الله ، هل رأيت ربك ؟ قال : " لم أره بعيني ، ورأيته بفؤادي مرتين " ثم تلا ( ثم دنا فتدلى ) .
[ ص: 450 ] ثم قال
ابن أبي حاتم : وحدثنا
الحسن بن محمد بن الصباح ، حدثنا
محمد بن عبد الله الأنصاري ، أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16292عباد بن منصور قال : سألت
عكرمة : (
ما كذب الفؤاد ما رأى ) ، فقال
عكرمة : تريد أن أخبرك أنه قد رآه ؟ قلت : نعم . قال : قد رآه ، ثم قد رآه . قال : فسألت عنه
الحسن فقال : رأى جلاله وعظمته ورداءه .
وحدثنا أبي ، حدثنا
محمد بن مجاهد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14797أبو عامر العقدي ، أخبرنا
أبو خلدة ، عن
أبي العالية قال :
سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هل رأيت ربك ؟ قال : " رأيت نهرا ، ورأيت وراء النهر حجابا ، ورأيت وراء الحجاب نورا لم أر غير " .
وذلك غريب جدا ، فأما الحديث الذي رواه الإمام
أحمد :
حدثنا
أسود بن عامر ، حدثنا
حماد بن سلمة ، عن
قتادة ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823957رأيت ربي عز وجل " .
فإنه حديث إسناده على شرط الصحيح ، لكنه مختصر من حديث المنام كما رواه الإمام
أحمد أيضا :
حدثنا
عبد الرزاق ، حدثنا
معمر ، عن
أيوب ، عن
أبي قلابة عن
ابن عباس ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823958أتاني ربي الليلة في أحسن صورة - أحسبه يعني في النوم - فقال : يا محمد ، أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ " قال : " قلت : لا . فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي - أو قال : نحري - فعلمت ما في السماوات وما في الأرض ، ثم قال : يا محمد ، هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ " قال : " قلت : نعم ، يختصمون في الكفارات والدرجات " . قال : " وما الكفارات والدرجات ؟ " قال : " قلت : المكث في المساجد بعد الصلوات ، والمشي على الأقدام إلى الجمعات ، وإبلاغ الوضوء في المكاره ، من فعل ذلك عاش بخير ومات بخير ، وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه . وقال : قل يا محمد إذا صليت : اللهم ، إني أسألك الخيرات وترك المنكرات ، وحب المساكين ، وإذا أردت بعبادك فتنة أن تقبضني إليك غير مفتون " . قال : " والدرجات بذل الطعام ، وإفشاء السلام ، والصلاة بالليل والناس نيام " .
وقد تقدم في آخر سورة " ص " ، عن
معاذ نحوه . وقد رواه
ابن جرير من وجه آخر عن
ابن عباس ، وفيه سياق آخر وزيادة غريبة فقال :
حدثني
أحمد بن عيسى التميمي ، حدثني
سليمان بن عمر بن سيار ، حدثني أبي ، عن
سعيد بن زربي ، عن
عمر بن سليمان ، عن
عطاء ، عن
ابن عباس قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823959رأيت ربي في [ ص: 451 ] أحسن صورة فقال لي : يا محمد ، هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ فقلت : لا يا رب . فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي ، فعلمت ما في السماوات والأرض ، فقلت : يا رب ، في الدرجات والكفارات ، ونقل الأقدام إلى الجمعات ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة . فقلت : يا رب إنك اتخذت إبراهيم خليلا وكلمت موسى تكليما ، وفعلت وفعلت ، فقال : ألم أشرح لك صدرك ؟ ألم أضع عنك وزرك ؟ ألم أفعل بك ؟ ألم أفعل ؟ قال : " فأفضى إلي بأشياء لم يؤذن لي أن أحدثكموها " قال : " فذاك قوله في كتابه : ( ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى ما كذب الفؤاد ما رأى ) ، فجعل نور بصري في فؤادي ، فنظرت إليه بفؤادي " . إسناده ضعيف .
وقد ذكر الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر بسنده إلى
هبار بن الأسود ، رضي الله عنه ;
أن عتبة بن أبي لهب لما خرج في تجارة إلى الشام قال لأهل مكة : اعلموا أني كافر بالذي دنا فتدلى . فبلغ قوله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " سلط الله عليه كلبا من كلابه " . قال هبار : فكنت معهم ، فنزلنا بأرض كثيرة الأسد ، قال : فلقد رأيت الأسد جاء فجعل يشم رءوس القوم واحدا واحدا ، حتى تخطى إلى عتبة فاقتطع رأسه من بينهم .
وذكر
ابن إسحاق وغيره في السيرة : أن ذلك كان بأرض الزرقاء ، وقيل : بالسراة ، وأنه خاف ليلتئذ ، وأنهم جعلوه بينهم وناموا من حوله ، فجاء الأسد فجعل يزأر ، ثم تخطاهم إليه فضغم رأسه ، لعنه الله .
وقوله : (
ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى ) ، هذه هي
المرة الثانية التي رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها جبريل على صورته التي خلقه الله عليها ، وكانت ليلة الإسراء . وقد قدمنا الأحاديث الواردة في الإسراء بطرقها وألفاظها في أول سورة " سبحان " بما أغنى عن إعادته هاهنا ، وتقدم أن ابن عباس رضي الله عنهما ، كان يثبت الرؤية ليلة الإسراء ، ويستشهد بهذه الآية . وتابعه جماعة من السلف والخلف ، وقد خالفه جماعات من الصحابة ، رضي الله عنهم ، والتابعين وغيرهم .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
حسن بن موسى ، حدثنا
حماد بن سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم بن بهدلة ، عن
زر بن حبيش ، عن
ابن مسعود في هذه الآية : (
ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى ) ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823956رأيت جبريل وله ستمائة جناح ، ينتثر من ريشه التهاويل : الدر والياقوت " . وهذا إسناد جيد قوي .
وقال
أحمد أيضا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم ، حدثنا
شريك ، عن
جامع بن أبي راشد ، عن
أبي وائل ،
[ ص: 452 ] عن
عبد الله قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823952رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبريل في صورته وله ستمائة جناح ، كل جناح منها قد سد الأفق : يسقط من جناحه من التهاويل والدر والياقوت ما الله به عليم " . إسناده حسن أيضا .
وقال
أحمد أيضا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15945زيد بن الحباب ، حدثني
حسين ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم بن بهدلة قال : سمعت
شقيق بن سلمة يقول : سمعت
ابن مسعود يقول قال : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823960رأيت جبريل على سدرة المنتهى وله ستمائة جناح " سألت عاصما عن الأجنحة فأبى أن يخبرني . قال : فأخبرني بعض أصحابه أن الجناح ما بين المشرق والمغرب . وهذا أيضا إسناد جيد .
وقال
أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15945زيد بن الحباب ، حدثنا
حسين ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم بن بهدلة ، حدثني
شقيق قال : سمعت
ابن مسعود يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823961أتاني جبريل عليه السلام ، في خضر معلق به الدر " . إسناده جيد أيضا .
وقال الإمام
أحمد : حدثني
يحيى عن
إسماعيل ، حدثنا
عامر قال : أتى
مسروق عائشة فقال : يا أم المؤمنين ، هل رأى محمد - صلى الله عليه وسلم - ربه عز وجل ؟ قالت : سبحان الله لقد قف شعري لما قلت ، أين أنت من ثلاث من حدثكهن فقد كذب : من حدثك أن محمدا رأى ربه فقد كذب ، ثم قرأت : (
لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) [ الأنعام : 103 ] ، (
وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب ) [ الشورى : 51 ] ، ومن أخبرك أنه يعلم ما في غد فقد كذب ، ثم قرأت : (
إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام ) الآية [ لقمان : 34 ] ، ومن أخبرك أن محمدا قد كتم ، فقد كذب ، ثم قرأت : (
يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ) [ المائدة : 67 ] ، ولكنه رأى جبريل في صورته مرتين .
وقال
أحمد أيضا : حدثنا
محمد بن أبي عدي ، عن
داود ، عن
الشعبي ، عن
مسروق قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823962كنت عند عائشة فقلت : أليس الله يقول : ( ولقد رآه بالأفق المبين ) [ التكوير : 23 ] ، ( ولقد رآه نزلة أخرى ) فقالت : أنا أول هذه الأمة سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها ، فقال : " إنما ذاك جبريل " . لم يره في صورته التي خلق عليها إلا مرتين ، رآه منهبطا من السماء إلى الأرض ، سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض .
أخرجاه في الصحيحين ، من حديث
الشعبي به .
رواية
أبي ذر ، قال الإمام
أحمد : حدثنا
عفان ، حدثنا
همام ، حدثنا
قتادة ، عن
عبد الله بن شقيق [ ص: 453 ] قال : قلت
لأبي ذر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823963لو رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسألته . قال : وما كنت تسأله ؟ قال : كنت أسأله : هل رأى ربه عز وجل ؟ فقال : إني قد سألته فقال : " قد رأيته ، نورا أنى أراه " .
هكذا وقع في رواية الإمام
أحمد ، وقد أخرجه
مسلم من طريقين بلفظين فقال : حدثنا
أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
يزيد بن إبراهيم ، عن
قتادة ، عن
عبد الله بن شقيق ، عن
أبي ذر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821799سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هل رأيت ربك ؟ فقال : " نور أنى أراه " .
وقال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17105معاذ بن هشام ، حدثنا أبي ، عن
قتادة ، عن
عبد الله بن شقيق قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821800قلت لأبي ذر : لو رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسألته . فقال : عن أي شيء كنت تسأله ؟ قال : قلت : كنت أسأله : هل رأيت ربك ؟ قال أبو ذر : قد سألت فقال : " رأيت نورا " .
وقد حكى
الخلال في " علله " أن الإمام
أحمد سئل عن هذا الحديث فقال : ما زلت منكرا له ، وما أدري ما وجهه .
وقد قال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون الواسطي ، أخبرنا
هشيم ، عن
منصور ، عن
الحكم ، عن
إبراهيم ، عن أبيه ، عن
أبي ذر قال : رآه بقلبه ، ولم يره بعينه .
وحاول
nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة أن يدعي انقطاعه بين
عبد الله بن شقيق وبين
أبي ذر ، وأما
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي فتأوله على أن
أبا ذر لعله سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل الإسراء ، فأجابه بما أجابه به ، ولو سأله بعد الإسراء لأجابه بالإثبات . وهذا ضعيف جدا ، فإن
عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ، قد سألت عن ذلك بعد الإسراء ، ولم يثبت لها الرؤية . ومن قال : إنه خاطبها على قدر عقلها ، أو حاول تخطئتها فيما ذهبت إليه -
كابن خزيمة في كتاب التوحيد - فإنه هو المخطئ ، والله أعلم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : حدثنا
يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا
هشام ، عن
منصور ، عن
الحكم ، عن
يزيد بن شريك ، عن
أبي ذر قال : رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربه بقلبه ، ولم يره ببصره .
وقد ثبت في صحيح
مسلم ، عن
أبي بكر بن أبي شيبة ، عن
علي بن مسهر ، عن
عبد الملك بن أبي سليمان ، عن
عطاء بن أبي رباح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال في قوله : (
ولقد رآه نزلة أخرى ) ، قال : رأى جبريل عليه السلام .
وقال
مجاهد في قوله : (
ولقد رآه نزلة أخرى ) قال : رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبريل في صورته مرتين ، وكذا قال
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ، وغيرهم .
[ ص: 454 ] وقوله تعالى : (
إذ يغشى السدرة ما يغشى ) : قد تقدم في أحاديث الإسراء أنه غشيتها الملائكة مثل الغربان ، وغشيها نور الرب ، وغشيها ألوان ما أدري ما هي .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16872مالك بن مغول ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14414الزبير بن عدي ، عن
طلحة ، عن
مرة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله - هو ابن مسعود - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823964لما أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهي به إلى سدرة المنتهى ، وهي في السماء السابعة ، إليها ينتهي ما يعرج به من الأرض فيقبض منها ، وإليها ينتهي ما يهبط من فوقها فيقبض منها ، ( إذ يغشى السدرة ما يغشى ) قال : فراش من ذهب ، قال : وأعطي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثا : أعطي الصلوات الخمس ، وأعطي خواتيم سورة البقرة ، وغفر لمن لا يشرك بالله شيئا من أمته المقحمات . انفرد به
مسلم .
وقال
أبو جعفر الرازي ، عن
الربيع ، عن
أبي العالية ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أو غيره - شك
أبو جعفر - قال :
لما أسري برسول الله انتهى إلى السدرة ، فقيل له : هذه السدرة [ قال ] : فغشيها نور الخلاق ، وغشيتها الملائكة مثل الغربان حين يقعن على الشجر ، قال : فكلمه عند ذلك ، فقال له : سل .
وقال
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : (
إذ يغشى السدرة ما يغشى ) قال : كان أغصان السدرة لؤلؤا وياقوتا وزبرجدا ، فرآها محمد ، ورأى ربه بقلبه .
وقال
ابن زيد :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826220قيل : يا رسول الله ، أي شيء رأيت يغشى تلك السدرة ؟ قال : " رأيت يغشاها فراش من ذهب ، ورأيت على كل ورقة من ورقها ملكا قائما يسبح الله ، عز وجل " .
وقوله : (
ما زاغ البصر وما طغى ) قال
ابن عباس : ما ذهب يمينا ولا شمالا (
وما طغى ) ما جاوز ما أمر به .
وهذه صفة عظيمة في الثبات والطاعة ، فإنه ما فعل إلا ما أمر به ، ولا سأل فوق ما أعطي . وما أحسن ما قال الناظم :
رأى جنة المأوى وما فوقها ، ولو رأى غيره ما قد رآه لتاها
وقوله : (
لقد رأى من آيات ربه الكبرى ) ، كقوله : (
لنريك من آياتنا ) [ طه : 23 ] أي : الدالة على قدرتنا وعظمتنا . وبهاتين الآيتين استدل من ذهب من
أهل السنة أن الرؤية تلك الليلة لم تقع ; لأنه قال : (
لقد رأى من آيات ربه الكبرى ) ، ولو كان رأى ربه لأخبر بذلك ولقال ذلك للناس ، وقد تقدم تقرير ذلك في سورة " سبحان " وقد قال الإمام
أحمد :
حدثنا
أبو النضر ، حدثنا
محمد بن طلحة ، عن
الوليد بن قيس ، عن
إسحاق بن أبي الكهتلة [ ص: 455 ] قال
محمد : أظنه عن
ابن مسعود - أنه قال : إن محمدا لم ير جبريل في صورته إلا مرتين ، أما مرة فإنه سأله أن يريه نفسه في صورته ، فأراه صورته فسد الأفق . وأما الأخرى فإنه صعد معه حين صعد به . وقوله : (
وهو بالأفق الأعلى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى ) قال : فلما أحس
جبريل ربه عز وجل ، عاد في صورته وسجد . فقوله : (
ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى ) قال : خلق
جبريل عليه السلام .
هكذا رواه الإمام
أحمد ، وهو غريب .