(
هذا نذير من النذر الأولى ( 56 )
أزفت الآزفة ( 57 )
ليس لها من دون الله كاشفة ( 58 )
أفمن هذا الحديث تعجبون ( 59 )
وتضحكون ولا تبكون ( 60 )
وأنتم سامدون ( 61 )
فاسجدوا لله واعبدوا ( 62 ) )
( هذا نذير ) يعني
محمدا - صلى الله عليه وسلم - (
من النذر الأولى ) أي : من جنسهم ، أرسل كما أرسلوا ، كما قال تعالى : (
قل ما كنت بدعا من الرسل ) [ الأحقاف : 9 ] .
(
أزفت الآزفة ) أي : اقتربت القريبة ، وهي القيامة ، (
ليس لها من دون الله كاشفة ) أي : لا يدفعها إذا من دون الله أحد ، ولا يطلع على علمها سواه .
ثم قال تعالى منكرا على المشركين في استماعهم القرآن وإعراضهم عنه وتلهيهم : ( تعجبون ) من أن يكون صحيحا ، (
وتضحكون ) منه استهزاء وسخرية ، (
ولا تبكون ) أي : كما يفعل الموقنون به ، كما أخبر عنهم : (
ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا ) [ الإسراء : 109 ] .
وقوله : (
وأنتم سامدون ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قال : الغناء ، هي يمانية ، اسمد لنا : غن لنا . وكذا قال
عكرمة .
وفي رواية عن
ابن عباس : (
سامدون ) : معرضون . وكذا قال
مجاهد ،
وعكرمة . وقال
الحسن : غافلون . وهو رواية عن أمير المؤمنين
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب . وفي رواية عن
ابن عباس : تستكبرون . وبه يقول
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي .
ثم قال آمرا لعباده بالسجود له والعبادة المتابعة لرسوله - صلى الله عليه وسلم - والتوحيد والإخلاص : (
فاسجدوا لله واعبدوا ) أي : فاخضعوا له وأخلصوا ووحدوا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
أبو معمر ، حدثنا
عبد الوارث ، حدثنا
أيوب ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823979سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنجم ، وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس . انفرد به دون
مسلم .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
إبراهيم بن خالد ، حدثنا
رباح ، عن
معمر ، عن
ابن طاوس ، عن
عكرمة بن خالد ، عن
جعفر بن المطلب بن أبي وداعة ، عن أبيه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823980قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة سورة النجم ، فسجد وسجد من عنده ، فرفعت رأسي وأبيت أن أسجد ، ولم يكن أسلم يومئذ المطلب ، [ ص: 469 ] فكان بعد ذلك لا يسمع أحدا يقرؤها إلا سجد معه .
وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في الصلاة ، عن
عبد الملك بن عبد الحميد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، به .
ذكر حديث له مناسبة بما تقدم من قوله تعالى : (
هذا نذير من النذر الأولى أزفت الآزفة ) ، فإن النذير هو : الحذر لما يعاين من الشر ، الذي يخشى وقوعه فيمن أنذرهم ، كما قال : (
إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد ) [ سبأ : 46 ] . وفي الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=820615أنا النذير العريان " أي : الذي أعجله شدة ما عاين من الشر عن أن يلبس عليه شيئا ، بل بادر إلى إنذار قومه قبل ذلك ، فجاءهم عريانا مسرعا . مناسب لقوله : (
أزفت الآزفة ) أي : اقتربت القريبة ، يعني : يوم القيامة كما قال في أول السورة التي بعدها : (
اقتربت الساعة ) [ القمر : 1 ] ، قال الإمام
أحمد :
حدثنا
أنس بن عياض ، حدثني
أبو حازم - لا أعلم إلا عن
سهل بن سعد - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823981إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد ، فجاء ذا بعود ، وجاء ذا بعود حتى أنضجوا خبزتهم ، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه " . وقال
أبو حازم : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال
أبو ضمرة : لا أعلم إلا عن
سهل بن سعد - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823982مثلي ومثل الساعة كهاتين " وفرق بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام ، ثم قال : " مثلي ومثل الساعة كمثل فرسي رهان " ، ثم قال : " مثلي ومثل الساعة كمثل رجل بعثه قومه طليعة ، فلما خشي أن يسبق ألاح بثوبه : أتيتم أتيتم " . ثم يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أنا ذلك " . وله شواهد من وجوه أخر من صحاح وحسان . ولله الحمد والمنة ، وبه الثقة والعصمة .
آخر [ تفسير ] سورة النجم ولله الحمد والمنة .