(
كذبت قوم لوط بالنذر ( 33 )
إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر ( 34 )
نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر ( 35 )
ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر ( 36 )
ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر ( 37 )
ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر ( 38 )
فذوقوا عذابي ونذر ( 39 )
ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( 40 ) ) .
يقول تعالى مخبرا عن قوم لوط كيف كذبوا رسولهم وخالفوه ، وارتكبوا المكروه من إتيان الذكور ، وهي الفاحشة التي لم يسبقهم بها أحد من العالمين ; ولهذا أهلكهم الله هلاكا لم يهلكه أمة من الأمم ، فإنه تعالى أمر جبريل عليه السلام ، فحمل مدائنهم حتى وصل بها إلى عنان السماء ، ثم قلبها عليهم وأرسلها ، وأتبعت بحجارة من سجيل منضود ; ولهذا قال هاهنا . (
إنا أرسلنا عليهم حاصبا ) وهي : الحجارة ، (
إلا آل لوط نجيناهم بسحر ) أي : خرجوا من آخر الليل فنجوا مما أصاب قومهم ، ولم يؤمن
بلوط من قومه أحد ولا رجل واحد حتى ولا امرأته ، أصابها ما أصاب قومها ، وخرج نبي الله
لوط وبنات له من بين أظهرهم سالما لم يمسسه سوء ; ولهذا قال تعالى : (
كذلك نجزي من شكر ولقد أنذرهم بطشتنا ) أي : ولقد كان قبل حلول العذاب بهم قد أنذرهم بأس الله وعذابه ، فما التفتوا إلى ذلك ، ولا أصغوا إليه ، بل شكوا فيه وتماروا به ، (
ولقد راودوه عن ضيفه ) وذلك ليلة ورد عليه الملائكة :
جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل في صورة شباب مرد حسان محنة من الله بهم ، فأضافهم
لوط [ عليه السلام ] وبعثت امرأته العجوز السوء إلى قومها ، فأعلمتهم بأضياف
لوط ، فأقبلوا يهرعون إليه من كل مكان ، فأغلق
لوط دونهم الباب ، فجعلوا يحاولون كسر الباب ، وذلك عشية ،
ولوط ، عليه السلام ، يدافعهم ويمانعهم دون أضيافه ، ويقول لهم : (
هؤلاء بناتي ) يعني : نساءهم ، (
إن كنتم فاعلين ) [ الحجر : 71 ] (
قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق ) أي : ليس لنا فيهن أرب ، (
وإنك لتعلم ما نريد ) [ هود : 79 ] فلما اشتد الحال وأبوا إلا الدخول ، خرج عليهم
جبريل ، عليه السلام ، فضرب أعينهم بطرف جناحه ، فانطمست أعينهم . يقال : إنها غارت من وجوههم .
[ ص: 481 ] وقيل : إنه لم تبق لهم عيون بالكلية ، فرجعوا على أدبارهم يتحسسون بالحيطان ، ويتوعدون
لوطا ، عليه السلام ، إلى الصباح .
قال الله تعالى : (
ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر ) أي : لا محيد لهم عنه ، ولا انفكاك لهم منه ، (
فذوقوا عذابي ونذر ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) .