(
ثلة من الأولين ( 13 )
وقليل من الآخرين ( 14 )
على سرر موضونة ( 15 )
متكئين عليها متقابلين ( 16 )
يطوف عليهم ولدان مخلدون ( 17 )
بأكواب وأباريق وكأس من معين ( 18 )
لا يصدعون عنها ولا ينزفون ( 19 )
وفاكهة مما يتخيرون ( 20 )
ولحم طير مما يشتهون ( 21 )
وحور عين ( 22 )
كأمثال اللؤلؤ المكنون ( 23 )
جزاء بما كانوا يعملون ( 24 )
لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما ( 25 )
إلا قيلا سلاما سلاما ( 26 ) ) .
يقول تعالى مخبرا عن هؤلاء السابقين أنهم ) ثلة ) أي : جماعة (
من الأولين وقليل من الآخرين ) . وقد اختلفوا في
المراد بقوله : ( الأولين ) ، و ) الآخرين ) . فقيل : المراد بالأولين : الأمم الماضية ، والآخرين : هذه الأمة . هذا رواية عن
مجاهد ،
والحسن البصري ، رواها عنهما
ابن أبي حاتم . وهو اختيار
ابن جرير ، واستأنس بقوله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=820577نحن الآخرون السابقون يوم القيامة " . ولم يحك غيره ولا عزاه إلى أحد .
[ ص: 518 ] ومما يستأنس به لهذا القول ، ما رواه الإمام
أبو محمد بن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12799محمد بن عيسى بن الطباع ، حدثنا
شريك ، عن
محمد بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826244لما نزلت : ( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ) شق ذلك على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت : ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة ، ثلث أهل الجنة ، بل أنتم نصف أهل الجنة - أو : شطر أهل الجنة - وتقاسمونهم النصف الثاني " .
ورواه الإمام
أحمد ، عن
أسود بن عامر ، عن
شريك ، عن
محمد ، بياع الملاء ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، فذكره . وقد روي من حديث
جابر نحو هذا ، ورواه الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر من طريق
هشام بن عمار : حدثنا
عبد ربه بن صالح ، عن
عروة بن رويم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826245لما نزلت : ( فيومئذ وقعت الواقعة ) ، ذكر فيها ( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ) ، قال عمر : يا رسول الله ، ثلة من الأولين وقليل منا ؟ قال : فأمسك آخر السورة سنة ، ثم نزل : ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا عمر ، تعال فاسمع ما قد أنزل الله : ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) ، ألا وإن من آدم إلي ثلة ، وأمتي ثلة ، ولن نستكمل ثلتنا حتى نستعين بالسودان من رعاة الإبل ، ممن شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له " .
هكذا أورده في ترجمة "
عروة بن رويم " ، إسنادا ومتنا ، ولكن في إسناده نظر . وقد وردت طرق كثيرة متعددة بقوله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=824038إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة " الحديث بتمامه ، وهو مفرد في " صفة الجنة " ولله الحمد والمنة . وهذا الذي اختاره
ابن جرير هاهنا فيه نظر ، بل هو قول ضعيف ; لأن هذه الأمة هي خير الأمم بنص القرآن ، فيبعد أن يكون المقربون في غيرها أكثر منها ، اللهم إلا أن يقابل مجموع الأمم بهذه الأمة . والظاهر أن المقربين من هؤلاء أكثر من سائر الأمم ، والله أعلم . فالقول الثاني في هذا المقام هو الراجح ، وهو أن يكون المراد بقوله : (
ثلة من الأولين ) أي : من صدر هذه الأمة ، (
وقليل من الآخرين ) أي : من هذه الأمة .
قال
ابن أبي حاتم : حدثنا
الحسن بن محمد بن الصباح ، حدثنا
عفان ، حدثنا
عبد الله بن بكر المزني ، سمعت
الحسن : أتى على هذه الآية : (
والسابقون السابقون أولئك المقربون ) فقال : أما السابقون ، فقد مضوا ، ولكن اللهم اجعلنا من أهل اليمين .
ثم قال : حدثنا أبي ، حدثنا
أبو الوليد ، حدثنا
السري بن يحيى قال : قرأ
الحسن : (
والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ثلة من الأولين ) ثلة ممن مضى من هذه الأمة .
[ ص: 519 ] وحدثنا أبي ، حدثنا
عبد العزيز بن المغيرة المنقري ، حدثنا
أبو هلال ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين ، أنه قال في هذه الآية : (
ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ) قال : كانوا يقولون ، أو يرجون ، أن يكونوا كلهم من هذه الأمة . فهذا قول
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين أن الجميع من هذه الأمة . ولا شك أن أول كل أمة خير من آخرها ، فيحتمل أن يعم الأمر جميع الأمم كل أمة بحسبها ; ولهذا ثبت في الصحاح وغيرها من غير وجه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=822286خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " الحديث بتمامه .
فأما الحديث الذي رواه الإمام
أحمد : حدثنا
عبد الرحمن ، حدثنا
زياد أبو عمر ، عن
الحسن ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=824039مثل أمتي مثل المطر ، لا يدرى أوله خير أم آخره " ، فهذا الحديث بعد الحكم بصحة إسناده ، محمول على أن الدين كما هو محتاج إلى أول الأمة في إبلاغه إلى من بعدهم ، كذلك هو محتاج إلى القائمين به في أواخرها ، وتثبيت الناس على السنة وروايتها وإظهارها ، والفضل للمتقدم . وكذلك الزرع الذي يحتاج إلى المطر الأول وإلى المطر الثاني ، ولكن العمدة الكبرى على الأول ، واحتياج الزرع إليه آكد ، فإنه لولاه ما نبت في الأرض ، ولا تعلق أساسه فيها ; ولهذا قال عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=826246لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خذلهم ، ولا من خالفهم إلى قيام الساعة " . وفي لفظ : " حتى يأتي أمر الله وهم كذلك " . والغرض أن هذه الأمة أشرف من سائر الأمم ، والمقربون فيها أكثر من غيرها وأعلى منزلة لشرف دينها وعظم نبيها . ولهذا ثبت بالتواتر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=826247أخبر أن في هذه الأمة سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب . وفي لفظ : " مع كل ألف سبعون ألفا " . وفي آخر " مع كل واحد سبعون ألفا " .
وقد قال الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=14687أبو القاسم الطبراني : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17226هشام بن مرثد الطبراني ، حدثنا
محمد - هو ابن إسماعيل بن عياش - حدثني أبي ، حدثني
ضمضم - يعني ابن زرعة - عن
شريح - هو ابن عبيد - عن
أبي مالك ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=826248أما والذي نفسي بيده ، ليبعثن منكم يوم القيامة مثل الليل الأسود زمرة جميعها يحيطون الأرض ، تقول الملائكة : لما جاء مع محمد - صلى الله عليه وسلم - أكثر مما جاء مع الأنبياء ، عليهم السلام " .
وحسن أن يذكر هاهنا [ عند قوله : (
ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ) ] الحديث الذي رواه الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13933أبو بكر البيهقي في " دلائل النبوة " حيث قال : أخبرنا
أبو نصر بن قتادة ، أخبرنا
أبو عمرو بن مطر ، حدثنا
جعفر - [ هو ] ابن محمد بن المستفاض الفريابي - حدثني
أبو وهب الوليد بن عبد [ ص: 520 ] الملك بن عبيد الله بن مسرح الحراني ، حدثنا
سليمان بن عطاء القرشي الحراني ، عن
مسلمة بن عبد الله الجهني ، عن عمه
أبي مشجعة بن ربعي ، عن
ابن زمل الجهني - رضي الله عنه - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826249كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الصبح قال ، وهو ثان رجله : " سبحان الله وبحمده . أستغفر الله ، إن الله كان توابا " سبعين مرة ، ثم يقول : " سبعين بسبعمائة ، لا خير لمن كانت ذنوبه في يوم واحد أكثر من سبعمائة " . ثم يقول ذلك مرتين ، ثم يستقبل الناس بوجهه ، وكان يعجبه الرؤيا ، ثم يقول : " هل رأى أحد منكم شيئا ؟ " قال ابن زمل : فقلت : أنا يا رسول الله . فقال : " خير تلقاه ، وشر توقاه ، وخير لنا ، وشر على أعدائنا ، والحمد لله رب العالمين . اقصص رؤياك " . فقلت : رأيت جميع الناس على طريق رحب سهل لاحب ، والناس على الجادة منطلقين ، فبينما هم كذلك ، إذ أشفى ذلك الطريق على مرج لم تر عيني مثله ، يرف رفيفا يقطر ماؤه ، فيه من أنواع الكلأ قال : وكأني بالرعلة الأولى حين أشفوا على المرج كبروا ، ثم أكبوا رواحلهم في الطريق ، فلم يظلموه يمينا ولا شمالا . قال : فكأني أنظر إليهم منطلقين . ثم جاءت الرعلة الثانية وهم أكثر منهم أضعافا ، فلما أشفوا على المرج كبروا ، ثم أكبوا رواحلهم في الطريق ، فمنهم المرتع ، ومنهم الآخذ الضغث . ومضوا على ذلك . قال : ثم قدم عظم الناس ، فلما أشفوا على المرج كبروا وقالوا : ( هذا خير المنزل ) . كأني أنظر إليهم يميلون يمينا وشمالا فلما رأيت ذلك ، لزمت الطريق حتى آتي أقصى المرج ، فإذا أنا بك يا رسول الله على منبر فيه سبع درجات وأنت في أعلاها درجة ، وإذا عن يمينك رجل آدم شثل أقنى ، إذا هو تكلم يسمو فيفرع الرجال طولا وإذا عن يسارك رجل ربعة باذ كثير خيلان الوجه ، كأنما حمم شعره بالماء ، إذا هو تكلم أصغيتم إكراما له . وإذا أمام ذلك رجل شيخ أشبه الناس بك خلقا ووجها ، كلكم تؤمونه تريدونه ، وإذا أمام ذلك ناقة عجفاء شارف ، وإذا أنت يا رسول الله كأنك تبعثها . قال : فامتقع لون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساعة ثم سري عنه ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أما ما رأيت من الطريق السهل الرحب اللاحب ، فذاك ما حملتم عليه من الهدى وأنتم عليه . وأما المرج الذي رأيت ، فالدنيا مضيت أنا وأصحابي لم نتعلق منها بشيء ، ولم تتعلق منا ، ولم نردها ولم تردنا . ثم جاءت الرعلة الثانية من بعدنا وهم أكثر منا أضعافا ، فمنهم المرتع ، ومنهم الآخذ الضغث ، ونجوا على ذلك . ثم جاء عظم الناس ، فمالوا في المرج يمينا وشمالا فإنا لله وإنا إليه راجعون . وأما أنت ، فمضيت على طريقة صالحة ، فلن تزال عليها حتى تلقاني . وأما المنبر الذي رأيت فيه سبع درجات وأنا في أعلاها درجة ، فالدنيا سبعة آلاف سنة ، أنا في آخرها ألفا . وأما الرجل الذي رأيت على يميني الآدم الشثل ، فذلك موسى عليه السلام ، إذا تكلم يعلو الرجال بفضل كلام الله إياه . والذي رأيت عن يساري الباز الربعة الكثير خيلان الوجه ، كأنما حمم شعره بالماء ، فذلك عيسى ابن مريم ، نكرمه لإكرام الله إياه . وأما الشيخ الذي رأيت أشبه الناس بي خلقا ووجها فذاك أبونا إبراهيم ، كلنا نؤمه [ ص: 521 ] ونقتدي به . وأما الناقة التي رأيت ورأيتني أبعثها فهي الساعة ، علينا تقوم ، لا نبي بعدي ، ولا أمة بعد أمتي " . قال : فما سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رؤيا بعد هذا إلا أن يجيء الرجل ، فيحدثه بها متبرعا .
وقوله : (
على سرر موضونة ) قال
ابن عباس : أي مرمولة بالذهب ، يعني : منسوجة به . وكذا قال
مجاهد ،
وعكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
وزيد بن أسلم ،
وقتادة ،
والضحاك ، وغيره .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : مرمولة بالذهب واللؤلؤ . وقال
عكرمة : مشبكة بالدر والياقوت . وقال
ابن جرير : ومنه سمي وضين الناقة الذي تحت بطنها ، وهو فعيل بمعنى مفعول ; لأنه مضفور ، وكذلك السرر في الجنة مضفورة بالذهب واللآلئ .
وقال : (
متكئين عليها متقابلين ) أي : وجوه بعضهم إلى بعض ، ليس أحد وراء أحد . (
يطوف عليهم ولدان مخلدون ) أي : مخلدون على صفة واحدة ، لا يكبرون عنها ولا يشيبون ولا يتغيرون ، (
بأكواب وأباريق وكأس من معين ) ، أما الأكواب فهي : الكيزان التي لا خراطيم لها ولا آذان . والأباريق : التي جمعت الوصفين . والكئوس : الهنابات ، والجميع من خمر من عين جارية معين ، ليس من أوعية تنقطع وتفرغ ، بل من عيون سارحة .
وقوله : (
لا يصدعون عنها ولا ينزفون ) أي : لا تصدع رءوسهم ولا تنزف عقولهم ، بل هي ثابتة مع الشدة المطربة واللذة الحاصلة .
وروى
الضحاك ، عن
ابن عباس ، أنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر ، والصداع ، والقيء ، والبول . فذكر الله خمر الجنة ونزهها عن هذه الخصال .
وقال
مجاهد ،
وعكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
وعطية ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : (
لا يصدعون عنها ) يقول : ليس لهم فيها صداع رأس .
وقالوا في قوله : (
ولا ينزفون ) أي : لا تذهب بعقولهم .
وقوله : (
وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون ) أي : ويطوفون عليهم بما يتخيرون من الثمار .
وهذه الآية دليل على جواز
أكل الفاكهة على صفة التخير لها ، ويدل على ذلك حديث "
عكراش بن ذؤيب " الذي رواه الحافظ
أبو يعلى الموصلي ، رحمه الله ، في مسنده : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14747العباس بن الوليد النرسي ، حدثنا
العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سوية ، حدثنا
عبيد الله بن عكراش ، عن أبيه
عكراش بن ذؤيب ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826250بعثني بنو مرة في صدقات أموالهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقدمت المدينة فإذا هو جالس بين المهاجرين والأنصار ، وقدمت عليه بإبل كأنها عروق الأرطى ، قال : " من الرجل ؟ " [ ص: 522 ] قلت : عكراش بن ذؤيب . قال : " ارفع في النسب " ، فانتسبت له إلى " مرة بن عبيد " ، وهذه صدقة " مرة بن عبيد " . فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قال : هذه إبل قومي ، هذه صدقات قومي . ثم أمر بها أن توسم بميسم إبل الصدقة وتضم إليها . ثم أخذ بيدي فانطلقنا إلى منزل أم سلمة ، فقال : " هل من طعام ؟ " فأتينا بجفنة كثيرة الثريد والوذر ، فجعل يأكل منها ، فأقبلت أخبط بيدي في جوانبها ، فقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده اليسرى على يدي اليمنى ، فقال : " يا عكراش ، كل من موضع واحد ، فإنه طعام واحد " . ثم أتينا بطبق فيه تمر ، أو رطب - شك عبيد الله رطبا كان أو تمرا - فجعلت آكل من بين يدي ، وجالت يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الطبق ، وقال : " يا عكراش ، كل من حيث شئت فإنه غير لون واحد " . ثم أتينا بماء ، فغسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده ومسح ببلل كفيه وجهه وذراعيه ورأسه ثلاثا ، ثم قال : " يا عكراش ، هذا الوضوء مما غيرت النار " .
وهكذا رواه
الترمذي مطولا
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه جميعا ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، عن
أبي الهذيل العلاء بن الفضل ، به . وقال
الترمذي : غريب لا نعرفه إلا من حديثه .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
بهز بن أسد وعفان - وقال الحافظ
أبو يعلى : حدثنا
شيبان - قالوا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16034سليمان بن المغيرة ، حدثنا
ثابت ، قال : قال
أنس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826251كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعجبه الرؤيا ، فربما رأى الرجل الرؤيا فسأل عنه إذا لم يكن يعرفه ، فإذا أثني عليه معروفا ، كان أعجب لرؤياه إليه . فأتته امرأة فقالت : يا رسول الله ، رأيت كأني أتيت فأخرجت من المدينة ، فأدخلت الجنة فسمعت وجبة انتحبت لها الجنة ، فنظرت فإذا فلان بن فلان ، وفلان بن فلان ، فسمت اثني عشر رجلا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بعث سرية قبل ذلك ، فجيء بهم عليهم ثياب طلس تشخب أوداجهم ، فقيل : اذهبوا بهم إلى نهر البيدخ - أو : البيذخ - قال : فغمسوا فيه ، فخرجوا ووجوههم كالقمر ليلة البدر ، فأتوا بصحفة من ذهب فيها بسر ، فأكلوا من بسره ما شاءوا ، فما يقلبونها من وجه إلا أكلوا من الفاكهة ما أرادوا ، وأكلت معهم . فجاء البشير من تلك السرية ، فقال : كان من أمرنا كذا وكذا ، وأصيب فلان وفلان . حتى عد اثني عشر رجلا فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المرأة فقال : " قصي رؤياك " فقصتها ، وجعلت تقول : فجيء بفلان وفلان كما قال .
هذا لفظ
أبي يعلى ، قال الحافظ
الضياء : وهذا على شرط
مسلم .
وقال الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=14687أبو القاسم الطبراني : حدثنا
معاذ بن المثنى ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني ، حدثنا
ريحان بن سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16292عباد بن منصور ، عن
أيوب ، عن
أبي قلابة ، عن
أبي أسماء ، عن
ثوبان ، قال : قال
[ ص: 523 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=825550إن الرجل إذا نزع ثمرة في الجنة ، عادت مكانها أخرى " .
وقوله : (
ولحم طير مما يشتهون ) ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد :
حدثنا
سيار بن حاتم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15634جعفر بن سليمان الضبعي ، حدثنا
ثابت ، عن
أنس ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824040 " إن طير الجنة كأمثال البخت ، يرعى في شجر الجنة " . فقال أبو بكر : يا رسول الله ، إن هذه لطير ناعمة فقال : " أكلتها أنعم منها - قالها ثلاثا - وإني لأرجو أن تكون ممن يأكل منها " . تفرد به
أحمد من هذا الوجه .
وروى الحافظ
أبو عبد الله المقدسي في كتابه " صفة الجنة " من حديث
إسماعيل بن علي الخطبي ، عن
أحمد بن علي الخيوطي ، عن
عبد الجبار بن عاصم ، عن
عبد الله بن زياد ، عن
زرعة ، عن
نافع ، عن
ابن عمر ، قال :
ذكرت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - طوبى ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا أبا بكر ، هل بلغك ما طوبى ؟ " قال : الله ورسوله أعلم . قال : " طوبى شجرة في الجنة ، ما يعلم طولها إلا الله ، يسير الراكب تحت غصن من أغصانها سبعين خريفا ، ورقها الحلل ، يقع عليها الطير كأمثال البخت " . فقال أبو بكر : يا رسول الله ، إن هناك لطيرا ناعما ؟ قال : " أنعم منه من يأكله ، وأنت منهم إن شاء الله " .
وقال
قتادة في قوله : (
ولحم طير مما يشتهون ) : ذكر لنا
أن أبا بكر قال : يا رسول الله ، إني أرى طيرها ناعمة كما أهلها ناعمون . قال : " من يأكلها - والله يا أبا بكر - أنعم منها ، وإنها لأمثال البخت ، وإني لأحتسب على الله أن تأكل منها يا أبا بكر " .
وقال
أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثني
مجاهد بن موسى ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17126معن بن عيسى ، حدثني ابن أخي
ابن شهاب ، عن أبيه ، عن
أنس بن مالك ; nindex.php?page=hadith&LINKID=824041أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الكوثر فقال : " نهر أعطانيه ربي عز وجل ، في الجنة أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، فيه طيور أعناقها يعني كأعناق الجزر " . فقال عمر : إنها لناعمة . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " آكلها أنعم منها " .
وكذا رواه
الترمذي عن
عبد بن حميد ، عن
القعنبي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300محمد بن عبد الله بن مسلم بن شهاب ، عن أبيه ، عن
أنس ، وقال : حسن .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14714علي بن محمد الطنافسي ، حدثنا
أبو معاوية ، عن
عبيد الله بن الوليد الوصافي ، عن
عطية العوفي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
[ ص: 524 ] "
إن في الجنة لطيرا فيه سبعون ألف ريشة ، فيقع على صحفة الرجل من أهل الجنة فينتفض ، فيخرج من كل ريشة - يعني لونا - أبيض من اللبن ، وألين من الزبد ، وأعذب من الشهد ، ليس منها لون يشبه صاحبه ثم يطير " .
هذا حديث غريب جدا
، والوصافي وشيخه ضعيفان . ثم قال
ابن أبي حاتم :
حدثنا أبي ، حدثنا
عبد الله بن صالح - كاتب
الليث - حدثني
الليث ، حدثنا
خالد بن يزيد ، عن
سعيد بن أبي هلال ، عن
أبي حازم عن
عطاء ، عن
كعب ، قال : إن طائر الجنة أمثال البخت ، يأكل مما خلق من ثمرات الجنة ، ويشرب من أنهار الجنة ، فيصطففن له ، فإذا اشتهى منها شيئا أتاه حتى يقع بين يديه ، فيأكل من خارجه وداخله ثم يطير لم ينقص منه شيء .صحيح إلى
كعب .
وقال
الحسن بن عرفة : حدثنا
خلف بن خليفة ، عن
حميد الأعرج ، عن
عبد الله بن الحارث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، قال : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826255 " إنك لتنظر إلى الطير في الجنة فتشتهيه فيخر بين يديك مشويا " .
وقوله : (
وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون ) قرأ بعضهم بالرفع ، وتقديره : ولهم فيها حور عين . وقراءة الجر تحتمل معنيين ، أحدهما : أن يكون الإعراب على الإتباع بما قبله ; لقوله : (
يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وحور عين ) ، كما قال (
وامسحوا برءوسكم وأرجلكم ) [ المائدة : 6 ] ، وكما قال : (
عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق ) [ الإنسان : 21 ] . والاحتمال الثاني : أن يكون مما يطوف به الولدان المخلدون عليهم الحور العين ، ولكن يكون ذلك في القصور ، لا بين بعضهم بعضا ، بل في الخيام يطوف عليهم الخدام بالحور العين ، والله أعلم .
وقوله : (
كأمثال اللؤلؤ المكنون ) أي : كأنهن اللؤلؤ الرطب في بياضه وصفائه ، كما تقدم في " سورة الصافات " (
كأنهن بيض مكنون ) [ الصافات : 49 ] وقد تقدم في سورة " الرحمن " وصفهن أيضا ; ولهذا قال : (
جزاء بما كانوا يعملون ) أي : هذا الذي أتحفناهم به مجازاة لهم على ما أحسنوا من العمل .
ثم قال : (
لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما ) أي : لا يسمعون في الجنة كلاما لاغيا ، أي : غثا خاليا عن المعنى ، أو مشتملا على معنى حقير أو ضعيف ، كما قال : (
لا تسمع فيها لاغية ) [ الغاشية : 11 ]
[ ص: 525 ] أي : كلمة لاغية (
ولا تأثيما ) أي : ولا كلاما فيه قبح ، (
إلا قيلا سلاما سلاما ) أي : إلا التسليم منهم بعضهم على بعض ، كما قال : (
تحيتهم فيها سلام ) [
إبراهيم : 23 ] وكلامهم أيضا سالم من اللغو والإثم .