(
ياأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم ( 12 )
أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون ( 13 ) )
يقول تعالى آمرا عباده المؤمنين إذا أراد أحدهم أن يناجي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي : يساره فيما بينه وبينه ، أن يقدم بين يدي ذلك صدقة تطهره وتزكيه وتؤهله لأن يصلح لهذا المقام ; ولهذا قال : (
ذلك خير لكم وأطهر )
ثم قال : (
فإن لم تجدوا ) أي : إلا من عجز عن ذلك لفقده (
فإن الله غفور رحيم ) فما أمر بها إلا من قدر عليها .
ثم قال : (
أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات ) أي : أخفتم من استمرار هذا الحكم عليكم من وجوب الصدقة قبل مناجاة الرسول ، (
فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون )
[ ص: 50 ] فنسخ وجوب ذلك عنهم .
وقد قيل : إنه لم يعمل بهذه الآية قبل نسخها سوى
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه .
قال
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قال :
نهوا عن مناجاة النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى يتصدقوا ، فلم يناجه إلا علي بن أبي طالب ، قدم دينارا صدقة تصدق به ، ثم ناجى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن عشر خصال ، ثم أنزلت الرخصة .
وقال
ليث بن أبي سليم ، عن
مجاهد ، قال
علي ، رضي الله عنه : آية في كتاب الله عز وجل لم يعمل بها أحد قبلي ، ولا يعمل بها أحد بعدي ، كان عندي دينار فصرفته بعشرة دراهم ، فكنت إذا ناجيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تصدقت بدرهم ، فنسخت ولم يعمل بها أحد قبلي ، ولا يعمل بها أحد بعدي ، ثم تلا هذه الآية : (
يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) الآية .
وقال
ابن جرير : حدثنا
ابن حميد ، حدثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
عثمان بن المغيرة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن أبي الجعد ، عن
علي بن علقمة الأنماري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=826859ما ترى ، دينارا ؟ " . قال : لا يطيقون . قال : " نصف دينار ؟ " . قال : لا يطيقون . قال : " ما ترى ؟ " قال : شعيرة ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إنك زهيد قال : قال علي : فبي خفف الله عن هذه الأمة ، وقوله : ( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) فنزلت : ( أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات )
ورواه
الترمذي ، عن
سفيان بن وكيع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم ، عن
عبيد الله الأشجعي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، عن
عثمان بن المغيرة الثقفي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن أبي الجعد ، عن
علي بن علقمة الأنماري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823028لما نزلت : ( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) إلى آخرها ، قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ما ترى ، دينارا ؟ " قلت لا يطيقونه . وذكره بتمامه ، مثله ، ثم قال : " هذا حديث حسن غريب ، إنما نعرفه من هذا الوجه " . ثم قال : ومعنى قوله : " شعيرة " : يعني وزن شعيرة من ذهب
ورواه
أبو يعلى ، عن
أبي بكر بن أبي شيبة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم به .
وقال
العوفي ، عن
ابن عباس في قوله : (
يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) إلى (
فإن الله غفور رحيم ) كان المسلمون يقدمون بين يدي النجوى صدقة ، فلما
[ ص: 51 ] نزلت الزكاة نسخ هذا .
وقال
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس قوله : (
فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) وذلك أن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى شقوا عليه ، فأراد الله أن يخفف عن نبيه ، عليه السلام . فلما قال ذلك صبر كثير من الناس وكفوا عن المسألة ، فأنزل الله بعد هذا : (
أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقة فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) فوسع الله عليهم ولم يضيق .
وقال
عكرمة ،
والحسن البصري في قوله : (
فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) نسختها الآية التي بعدها (
أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) إلى آخرها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة عن
قتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان : سأل الناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أحفوه بالمسألة ، فقطعهم الله بهذه الآية ، فكان الرجل منهم إذا كانت له الحاجة إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يستطيع أن يقضيها حتى يقدم بين يديه صدقة ، فاشتد ذلك عليهم ، فأنزل الله الرخصة بعد ذلك : (
فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم )
وقال
معمر ، عن
قتادة : (
إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) إنها منسوخة : ما كانت إلا ساعة من نهار . وهكذا روى
عبد الرزاق : أخبرنا
معمر ، عن
أيوب ، عن
مجاهد قال
علي : ما عمل بها أحد غيري حتى نسخت وأحسبه قال : وما كانت إلا ساعة .