(
مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين ( 5 )
قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ( 6 )
ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين ( 7 )
قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ( 8 ) )
يقول تعالى ذاما
لليهود الذين أعطوا التوراة وحملوها للعمل بها ، فلم يعملوا بها ، مثلهم في ذلك كمثل الحمار يحمل أسفارا ، أي : كمثل الحمار إذا حمل كتبا لا يدري ما فيها ، فهو يحملها حملا حسيا ولا يدري ما عليه . وكذلك هؤلاء في حملهم الكتاب الذي أوتوه ، حفظوه لفظا ولم يفهموه ولا عملوا بمقتضاه ، بل أولوه وحرفوه وبدلوه ، فهم أسوأ حالا من الحمير ; لأن الحمار لا فهم له ، وهؤلاء لهم فهوم لم يستعملوها ; ولهذا قال في الآية الأخرى : (
أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ) [ الأعراف : 179 ] وقال ها هنا : (
بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين )
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد رحمه الله : حدثنا
ابن نمير ، عن
مجالد ، عن
الشعبي ، عن
ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823095من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب ، فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا ، والذي يقول له " أنصت " ، ليس له جمعة "
[ ص: 118 ]
ثم قال تعالى : (
قل ياأيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ) أي : إن كنتم تزعمون أنكم على هدى ، وأن
محمدا وأصحابه على ضلالة ، فادعوا بالموت على الضال من الفئتين (
إن كنتم صادقين ) فيما تزعمونه .
قال الله تعالى : (
ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم ) أي : بما يعملون لهم من الكفر والظلم والفجور ، (
والله عليم بالظالمين ) وقد قدمنا في سورة " البقرة " الكلام على هذه المباهلة
لليهود حيث قال تعالى : (
قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون ) [ البقرة : 94 - 96 ] وقد أسلفنا الكلام هناك وبينا أن المراد أن يدعوا على الضال من أنفسهم أو خصومهم ، كما تقدمت مباهلة
النصارى في آل عمران : (
فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) [ آل عمران : 61 ] ومباهلة المشركين في سورة مريم : (
قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا ) [ مريم : 75 ]
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
إسماعيل بن يزيد الرقي أبو يزيد ، حدثنا
فرات ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16395عبد الكريم بن مالك الجزري ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823096قال أبو جهل لعنه الله : إن رأيت محمدا عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على عنقه . قال : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لو فعل لأخذته الملائكة عيانا ، ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم من النار . ولو خرج الذين يباهلون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجعوا لا يجدون مالا ولا أهلا .
رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث
عبد الرزاق ، عن
معمر ، عن
عبد الكريم به قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : " وتبعه
عمرو بن خالد ، عن
عبيد الله بن عمرو ، عن
عبد الكريم " . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي أيضا عن
عبد الرحمن بن عبد الله الحلبي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16525عبيد الله بن عمرو الرقي به أتم
وقوله تعالى : (
قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ) كقوله تعالى في سورة النساء : (
أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ) [ النساء : 78 ]
وفي معجم
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من حديث
معاذ محمد بن محمد الهذلي ، عن
يونس ، عن
الحسن ، عن
سمرة مرفوعا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=826897مثل الذي يفر من الموت كمثل الثعلب تطلبه الأرض بدين ، فجاء يسعى حتى إذا أعيا وانبهر دخل جحره ، فقالت له الأرض : يا ثعلب ديني . فخرج له حصاص ، فلم يزل كذلك حتى [ ص: 119 ] تقطعت عنقه ، فمات " .