[ ص: 149 ] )
واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا ( 4 )
ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا ( 5 ) )
يقول تعالى مبينا لعدة الآيسة - وهي التي قد انقطع عنها الحيض لكبرها - : أنها ثلاثة أشهر ، عوضا عن الثلاثة قروء في حق من تحيض ، كما دلت على ذلك آية " البقرة " وكذا الصغار اللائي لم يبلغن سن الحيض أن عدتهن كعدة الآيسة ثلاثة أشهر ; ولهذا قال : ( واللائي لم يحضن )
وقوله : ( إن ارتبتم ) فيه قولان :
أحدهما - وهو قول طائفة من السلف
كمجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ،
وابن زيد - : أي إن رأين دما وشككتم في كونه حيضا ، أو استحاضة ، وارتبتم فيه .
والقول الثاني : إن ارتبتم في حكم عدتهن ، ولم تعرفوه فهو ثلاث أشهر . وهذا مروي ، عن
سعيد بن جبير . وهو اختيار
ابن جرير وهو أظهر في المعنى ، واحتج عليه بما رواه عن
أبي كريب ،
وأبي السائب قالا : حدثنا
ابن إدريس ، أخبرنا
مطرف ، عن
عمرو بن سالم قال : قال
أبي بن كعب :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826919يا رسول الله ، إن عددا من عدد النساء لم تذكر في الكتاب : الصغار ، والكبار ، وأولات الأحمال ، قال : فأنزل الله عز وجل : ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن )
ورواه
ابن أبي حاتم بأبسط من هذا السياق فقال : حدثنا أبي ، حدثنا
يحيى بن المغيرة ، أخبرنا
جرير ، عن
مطرف ، عن
عمر بن سالم ، عن
أبي بن كعب ، قال : قلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826920إن ناسا من أهل المدينة لما أنزلت هذه الآية التي في " البقرة " في عدة النساء قالوا : لقد بقي من عدة النساء عدد لم يذكرن في القرآن : الصغار ، والكبار اللائي قد انقطع عنهن الحيض ، وذوات الحمل . قال : فأنزلت التي في النساء القصرى : ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن )
وقوله : (
وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) يقول تعالى : ومن كانت حاملا فعدتها بوضعه ، ولو كان بعد الطلاق أو الموت بفواق ناقة في قول جمهور العلماء من السلف والخلف ، كما هو نص هذه الآية الكريمة ، وكما وردت به السنة النبوية . وقد روي عن
علي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس رضي الله عنهم أنهما ذهبا في
المتوفى عنها زوجها أنها تعتد بأبعد الأجلين من الوضع أو الأشهر ، عملا بهذه الآية الكريمة ، والتي في سورة " البقرة " . وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري :
حدثنا
سعد بن حفص ، حدثنا
شيبان ، عن
يحيى ، قال : أخبرني
أبو سلمة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823135جاء رجل إلى ابن عباس ، - nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة جالس - فقال : أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة . فقال : ابن عباس آخر الأجلين . قلت أنا : ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) قال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : [ ص: 150 ] أنا مع ابن أخي - يعني أبا سلمة - فأرسل ابن عباس غلامه nindex.php?page=showalam&ids=16845كريبا إلى أم سلمة يسألها ، فقالت : قتل زوج سبيعة الأسلمية وهي حبلى ، فوضعت بعد موته بأربعين ليلة ، فخطبت ، فأنكحها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أبو السنابل فيمن خطبها
هكذا أورد
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هذا الحديث ها هنا مختصرا . وقد رواه هو
، ومسلم ، وأصحاب الكتب مطولا من وجوه أخر ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11804حماد بن أسامة ، أخبرنا
هشام ، عن أبيه ، عن
المسور بن مخرمة ; nindex.php?page=hadith&LINKID=823136أن سبيعة الأسلمية توفي عنها زوجها وهي حامل ، فلم تمكث إلا ليالي حتى وضعت ، فلما تعلت من نفاسها خطبت ، فاستأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النكاح ، فأذن لها أن تنكح فنكحت .
ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه
، ومسلم ،
وأبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من طرق عنها كما قال
مسلم بن الحجاج :
حدثني
أبو الطاهر ، أخبرنا
ابن وهب ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد ، عن
ابن شهاب ، حدثني
nindex.php?page=hadith&LINKID=823137عبيد الله بن عبد الله بن عتبة : أن أباه كتب إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري يأمره أن يدخل على سبيعة بنت الحارث الأسلمية فيسألها عن حديثها ، وعما قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين استفتته . فكتب عمر بن عبد الله يخبره أن سبيعة أخبرته أنها كانت تحت سعد بن خولة - وكان ممن شهد بدرا - فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل ، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته ، فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب ، فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك فقال لها : مالي أراك متجملة ؟ لعلك ترجين النكاح ، إنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر . قالت سبيعة : فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألته عن ذلك ، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي ، وأمرني بالتزويج إن بدا لي .
هذا لفظ
مسلم . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري مختصرا ، ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بعد ذلك ، أي : بعد رواية الحديث الأول عند هذه الآية :
وقال
سليمان بن حرب ،
وأبو النعمان : حدثنا
حماد بن زيد ، عن
أيوب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد - هو ابن سيرين - قال : كنت في حلقة فيها
عبد الرحمن بن أبي ليلى رحمه الله ، وكان أصحابه يعظمونه ، فذكر آخر الأجلين ، فحدثت بحديث
سبيعة بنت الحارث ، عن
عبد الله بن عتبة قال :
[ ص: 151 ] فضمزلي بعض أصحابه ، وقال
محمد : ففطنت له فقلت : له إني لجريء أن أكذب على
عبد الله وهو في ناحية
الكوفة . قال : فاستحيا وقال : لكن عمه لم يقل ذلك . فلقيت
أبا عطية مالك بن عامر فسألته ، فذهب يحدثني بحديث
سبيعة فقلت : هل سمعت عن
عبد الله شيئا ؟ فقال : كنا عند عبد الله ، فقال : أتجعلون عليها التغليظ ، ولا تجعلون عليها الرخصة ؟ نزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى : (
وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن )
ورواه
ابن جرير من طريق
سفيان بن عيينة nindex.php?page=showalam&ids=13382وإسماعيل بن علية ، عن
أيوب به مختصرا ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في التفسير عن
محمد بن عبد الأعلى ، عن
خالد بن الحارث ، عن
ابن عون ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين فذكره
وقال
ابن جرير : حدثني
زكريا بن يحيى بن أبان المصري ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15974سعيد بن أبي مريم ، حدثنا
محمد بن جعفر ، حدثني
ابن شبرمة الكوفي ، عن
إبراهيم ، عن
علقمة بن قيس أن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، قال : من شاء لاعنته ، ما نزلت : (
وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) إلا بعد آية المتوفى عنها زوجها . قال : وإذا وضعت المتوفى عنها زوجها فقد حلت . يريد بآية المتوفى عنها زوجها (
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) [ البقرة : 234 ]
وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15974سعيد بن أبي مريم به ، ثم قال
ابن جرير :
حدثنا
أحمد بن منيع ، حدثنا
محمد بن عبيد ، حدثنا
إسماعيل بن أبي خالد ، عن
الشعبي ، قال : ذكر عند
ابن مسعود آخر الأجلين ، فقال : من شاء قاسمته بالله إن هذه الآية التي في النساء القصرى نزلت بعد الأربعة الأشهر والعشر ، ثم قال : أجل الحامل أن تضع ما في بطنها .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12260أحمد بن سنان الواسطي ، حدثنا
عبد الرحمن بن مهدي ، عن
سفيان ، عن
الأعمش ، عن
أبي الضحى ، عن
مسروق ، قال : بلغ
ابن مسعود أن
عليا رضي الله عنه ، يقول : آخر الأجلين . فقال : من شاء لاعنته ، إن التي في النساء القصرى نزلت بعد البقرة : (
وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن )
ورواه
أبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث
أبي معاوية ، عن
الأعمش
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن الإمام أحمد : حدثني
محمد بن أبي بكر المقدمي ، أخبرنا
عبد الوهاب الثقفي ، حدثنا
المثنى ، عن
عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن
عبد الله بن عمرو ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=823138عن أبي بن كعب قال : قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم - : ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) المطلقة ثلاثا أو المتوفى [ ص: 152 ] عنها ؟ فقال : " هي المطلقة ثلاثا والمتوفى عنها "
هذا حديث غريب جدا ، بل منكر ; لأن في إسناده
المثنى بن الصباح وهو متروك الحديث بمرة ، ولكن رواه
ابن أبي حاتم بسند آخر ، فقال :
حدثنا
محمد بن داود السمناني ، حدثنا
عمرو بن خالد - يعني : الحراني - حدثنا
ابن لهيعة ، عن
عمرو بن شعيب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=826921عن أبي بن كعب أنه لما نزلت هذه الآية قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا أدري أمشتركة أم مبهمة ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أية آية ؟ " . قال : ( أجلهن أن يضعن حملهن ) المتوفى عنها والمطلقة ؟ قال : " نعم " .
وكذا رواه
ابن جرير ، عن
أبي كريب ، عن
موسى بن داود ، عن
ابن لهيعة به . ثم رواه عن
أبي كريب أيضا ، عن
مالك بن إسماعيل ، عن
ابن عيينة ، عن
عبد الكريم بن أبي المخارق أنه حدث
عن أبي بن كعب ، قال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن : ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) قال : " أجل كل حامل أن تضع ما في بطنها " عبد الكريم هذا ضعيف ، ولم يدرك أبيا .
وقوله : (
ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا ) أي : يسهل له أمره ، وييسره عليه ، ويجعل له فرجا قريبا ومخرجا عاجلا .
ثم قال : (
ذلك أمر الله أنزله إليكم ) أي : حكمه وشرعه أنزله إليكم بواسطة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (
ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا ) أي : يذهب عنه المحذور ، ويجزل له الثواب على العمل اليسير .