(
قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم ( 28 )
قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين ( 29 )
قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين ( 30 ) )
يقول تعالى : ( قل ) يا
محمد لهؤلاء المشركين بالله الجاحدين لنعمه : (
أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم ) أي : خلصوا أنفسكم ، فإنه
لا منقذ لكم من الله إلا التوبة والإنابة ، والرجوع إلى دينه ، ولا ينفعكم وقوع ما تتمنون لنا من العذاب والنكال ، فسواء عذبنا الله أو رحمنا ، فلا مناص لكم من نكاله وعذابه الأليم الواقع بكم .
ثم قال : (
قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا ) أي : آمنا برب العالمين الرحمن الرحيم ، وعليه
[ ص: 183 ] توكلنا في جميع أمورنا ، كما قال : (
فاعبده وتوكل عليه ) [ هود : 123 ] . ولهذا قال : (
فستعلمون من هو في ضلال مبين ) ؟ أي : منا ومنكم ، ولمن تكون العاقبة في الدنيا والآخرة ؟ .
ثم قال : (
قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا ) أي : ذاهبا في الأرض إلى أسفل ، فلا ينال بالفئوس الحداد ، ولا السواعد الشداد ، والغائر : عكس النابع ; ولهذا قال : (
فمن يأتيكم بماء معين ) أي : نابع سائح جار على وجه الأرض ، لا يقدر على ذلك إلا الله ، عز وجل ، فمن فضله وكرمه أن أنبع لكم المياه وأجراها في سائر أقطار الأرض ، بحسب ما يحتاج العباد إليه من القلة والكثرة ، فلله الحمد والمنة .
[ آخر تفسير سورة " تبارك " ولله الحمد ] .