(
فلا تطع المكذبين ( 8 )
ودوا لو تدهن فيدهنون ( 9 )
ولا تطع كل حلاف مهين ( 10 )
هماز مشاء بنميم ( 11 )
مناع للخير معتد أثيم ( 12 )
عتل بعد ذلك زنيم ( 13 )
أن كان ذا مال وبنين ( 14 )
إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ( 15 ) )
(
سنسمه على الخرطوم ( 16 ) )
يقول تعالى : كما أنعمنا عليك وأعطيناك الشرع المستقيم والخلق العظيم (
فلا تطع المكذبين ) (
ودوا لو تدهن فيدهنون ) قال
ابن عباس : لو ترخص لهم فيرخصون .
وقال
مجاهد : ودوا لو تركن إلى آلهتهم وتترك ما أنت عليه من الحق .
ثم قال تعالى : (
ولا تطع كل حلاف مهين ) وذلك أن الكاذب لضعفه ومهانته إنما يتقي بأيمانه الكاذبة التي يجترئ بها على أسماء الله تعالى ، واستعمالها في كل وقت في غير محلها .
[ ص: 191 ]
قال
ابن عباس : المهين الكاذب . وقال
مجاهد : هو الضعيف القلب . قال
الحسن : كل حلاف : مكابر ، مهين : ضعيف .
وقوله ) هماز ) قال
ابن عباس ،
وقتادة : يعني الاغتياب .
(
مشاء بنميم ) يعني : الذي يمشي بين الناس ، ويحرش بينهم ، وينقل الحديث لفساد ذات البين وهي الحالقة ، وقد ثبت في الصحيحين من حديث
مجاهد ، عن
طاوس ، عن
ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823182مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبرين فقال : " إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة " الحديث . وأخرجه بقية الجماعة في كتبهم ، من طرق عن
مجاهد به .
وقال
أحمد : حدثنا
أبو معاوية ، حدثنا
الأعمش ، عن
إبراهيم ، عن
همام أن
حذيفة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823183لا يدخل الجنة قتات " .
رواه الجماعة - إلا
ابن ماجه - من طرق ، عن
إبراهيم به .
وحدثنا
عبد الرزاق ، حدثنا
الثوري ، عن
منصور ، عن
إبراهيم ، عن
همام ، عن
حذيفة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823183لا يدخل الجنة قتات " يعني : نماما .
وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد القطان أبو سعيد الأحول ، عن
الأعمش حدثني
إبراهيم - منذ نحو ستين سنة - عن
همام بن الحارث قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823184مر رجل على حذيفة فقيل : إن هذا يرفع الحديث إلى الأمراء . فقال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول - أو : قال - : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يدخل الجنة قتات " .
وقال
أحمد : حدثنا
هاشم ، حدثنا
مهدي ، عن
واصل الأحدب ، عن
أبي وائل قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823185بلغ حذيفة عن رجل أنه ينم الحديث ، فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يدخل الجنة نمام " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
عبد الرزاق ، أنبأنا
معمر ، عن
ابن خثيم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب ، عن
أسماء بنت يزيد بن السكن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823186ألا أخبركم بخياركم ؟ " . قالوا : بلى يا رسول الله . قال : " الذين إذا رءوا ذكر الله ، عز وجل " . ثم قال : " ألا أخبركم بشراركم ؟ المشاءون بالنميمة ، المفسدون بين الأحبة ، والباغون للبرآء العنت " .
ورواه
ابن ماجه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16071سويد بن سعيد ، عن
يحيى بن سليم ، عن
ابن خثيم به .
[ ص: 192 ]
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
سفيان ، عن
ابن أبي حسين ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب ، عن
عبد الرحمن بن غنم - يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823187خيار عباد الله الذين إذا رءوا ذكر الله ، وشرار عباد الله المشاءون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة ، الباغون للبرآء العنت "
وقوله (
مناع للخير معتد أثيم ) أي : يمنع ما عليه وما لديه من الخير ) معتد ) في متناول ما أحل الله له ، يتجاوز فيها الحد المشروع ) أثيم ) أي : يتناول المحرمات .
وقوله : (
عتل بعد ذلك زنيم ) أما العتل : فهو الفظ الغليظ الصحيح ، الجموع المنوع .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ،
وعبد الرحمن ، عن
سفيان ، عن
معبد بن خالد ، عن
حارثة بن وهب قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823188ألا أنبئكم بأهل الجنة ؟ كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره ، ألا أنبئكم بأهل النار ؟ كل عتل جواظ مستكبر " . وقال وكيع : " كل جواظ جعظري مستكبر " .
أخرجاه في الصحيحين ، وبقية الجماعة إلا
أبا داود من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ،
وشعبة ، كلاهما عن
معبد بن خالد به .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد أيضا : حدثنا
أبو عبد الرحمن ، حدثنا
موسى بن علي ، قال : سمعت أبي يحدث عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص nindex.php?page=hadith&LINKID=823189أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال عند ذكر أهل النار : " كل جعظري جواظ مستكبر جماع مناع " . تفرد به
أحمد .
قال أهل اللغة : الجعظري : الفظ الغليظ ، والجواظ : الجموع المنوع .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، حدثنا
عبد الحميد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب ، عن
عبد الرحمن بن غنم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823190سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العتل الزنيم ، فقال : " هو الشديد الخلق ، المصحح ، الأكول ، الشروب ، الواجد للطعام والشراب ، الظلوم للناس ، رحيب الجوف " .
وبهذا الإسناد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823191لا يدخل الجنة الجواظ الجعظري ، العتل الزنيم " وقد أرسله أيضا غير واحد من التابعين .
وقال
ابن جرير : حدثنا
ابن عبد الأعلى ، حدثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
تبكي السماء من عبد أصح الله جسمه ، وأرحب جوفه ، وأعطاه من الدنيا مقضما ، فكان للناس ظلوما . قال : فذلك العتل الزنيم " .
[ ص: 193 ]
وهكذا رواه
ابن أبي حاتم من طريقين مرسلين ، ونص عليه غير واحد من السلف ، منهم
مجاهد ،
وعكرمة ،
والحسن ،
وقتادة ، وغيرهم : أن العتل هو : المصحح الخلق ، الشديد القوي في المأكل والمشرب والمنكح ، وغير ذلك ، وأما الزنيم فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري :
حدثنا
محمود ، حدثنا
عبيد الله ، عن
إسرائيل ، عن
أبي حصين ، عن
مجاهد ، عن
ابن عباس : (
عتل بعد ذلك زنيم ) قال : رجل من
قريش له زنمة مثل زنمة الشاة .
ومعنى هذا : أنه كان مشهورا بالشر كشهرة الشاة ذات الزنمة من بين أخواتها . وإنما الزنيم في لغة العرب : هو الدعي في القوم . قاله
ابن جرير ، وغير واحد من الأئمة ، قال : ومنه قول
حسان بن ثابت يعني يذم بعض كفار
قريش :
وأنت زنيم نيط في آل هاشم كما نيط خلف الراكب القدح الفرد
وقال آخر :
زنيم ليس يعرف من أبوه بغي الأم ذو حسب لئيم
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
عمار بن خالد الواسطي ، حدثنا
أسباط ، عن
هشام ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس في قوله : ( زنيم ) قال : الدعي الفاحش اللئيم . ثم قال
ابن عباس :
زنيم تداعاه الرجال زيادة كما زيد في عرض الأديم الأكارع
وقال
العوفي ، عن
ابن عباس : الزنيم : الدعي . ويقال : الزنيم : رجل كانت به زنمة يعرف بها . ويقال : هو
الأخنس بن شريق الثقفي حليف
بني زهرة . وزعم أناس من
بني زهرة أن الزنيم
الأسود بن عبد يغوث الزهري وليس به .
وقال
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، عن
ابن عباس : أنه زعم أن الزنيم الملحق النسب .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثني
يونس ، حدثنا
ابن وهب ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان بن بلال ، عن
عبد الرحمن بن حرملة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، أنه سمعه يقول في هذه الآية : (
عتل بعد ذلك زنيم ) قال
سعيد : هو الملصق بالقوم ، ليس منهم .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
أبو سعيد الأشج ، حدثنا
عقبة بن خالد ، عن
عامر بن قدامة ، قال : سئل
عكرمة ، عن الزنيم ، قال : هو ولد الزنا .
وقال
الحكم بن أبان ، عن
عكرمة في قوله تعالى : (
عتل بعد ذلك زنيم ) قال : يعرف المؤمن من الكافر مثل الشاة الزنماء . والزنماء من الشياه : التي في عنقها هنتان معلقتان في حلقها . وقال
الثوري ، عن
جابر ، عن
الحسن ، عن
سعيد بن جبير قال : الزنيم : الذي يعرف بالشر كما تعرف الشاة بزنمتها . والزنيم : الملصق ، رواه
ابن جرير .
[ ص: 194 ]
وروى أيضا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15854داود بن أبي هند ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس أنه قال في الزنيم : قال : نعت فلم يعرف حتى قيل : زنيم . قال : وكانت له زنمة في عنقه يعرف بها . وقال آخرون : كان دعيا .
وقال
ابن جرير : حدثنا
أبو كريب ، حدثنا
ابن إدريس ، عن أبيه ، عن أصحاب التفسير قالوا هو الذي تكون له زنمة مثل زنمة الشاة .
وقال
الضحاك : كانت له زنمة في أصل أذنه ، ويقال : هو اللئيم الملصق في النسب .
وقال
أبو إسحاق : عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس : هو المريب الذي يعرف بالشر .
وقال
مجاهد : الزنيم الذي يعرف بهذا الوصف كما تعرف الشاة . وقال
أبو رزين : الزنيم علامة الكفر . وقال
عكرمة : الزنيم الذي يعرف باللؤم كما تعرف الشاة بزنمتها .
والأقوال في هذا كثيرة ، وترجع إلى ما قلناه ، وهو أن الزنيم هو : المشهور بالشر ، الذي يعرف به من بين الناس ، وغالبا يكون دعيا ولد زنا ، فإنه في الغالب يتسلط الشيطان عليه ما لا يتسلط على غيره ، كما جاء في الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823192لا يدخل الجنة ولد زنا " وفي الحديث الآخر : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823193ولد الزنا شر الثلاثة إذا عمل بعمل أبويه " .
وقوله : (
أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ) يقول تعالى : هذا مقابلة ما أنعم الله عليه من المال والبنين ، كفر بآيات الله وأعرض عنها ، وزعم أنها كذب مأخوذ من أساطير الأولين ، كقوله : (
ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا سأرهقه صعودا إنه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر ) قال الله تعالى : (
سأصليه سقر ) [ المدثر : 11 - 26 ] . قال تعالى ها هنا : (
سنسمه على الخرطوم )
قال
ابن جرير : سنبين أمره بيانا واضحا ، حتى يعرفوه ، ولا يخفى عليهم ، كما لا تخفى السمة على الخراطيم ، وهكذا قال
قتادة : (
سنسمه على الخرطوم ) شين لا يفارقه آخر ما عليه .
[ ص: 195 ] وفي رواية عنه : سيما على أنفه . وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي .
وقال
العوفي ، عن
ابن عباس : (
سنسمه على الخرطوم ) يقاتل يوم
بدر فيخطم بالسيف في القتال . وقال آخرون : ( سنسمه ) سمة أهل النار ، يعني نسود وجهه يوم القيامة ، وعبر عن الوجه بالخرطوم . حكى ذلك كله
أبو جعفر بن جرير ومال إلى أنه لا مانع من اجتماع الجميع عليه في الدنيا والآخرة ، وهو متجه .
وقد قال
ابن أبي حاتم في سورة (
عم يتساءلون ) حدثنا أبي ، حدثنا
أبو صالح كاتب الليث ، حدثني
الليث ، حدثني
خالد ، عن
سعيد ، عن
عبد الملك بن عبد الله ، عن
عيسى بن هلال الصدفي ، عن
عبد الله بن عمرو ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=826952إن العبد يكتب مؤمنا أحقابا ، ثم أحقابا ، ثم يموت والله عليه ساخط . وإن العبد يكتب كافرا أحقابا ، ثم أحقابا ، ثم يموت والله عليه راض . ومن مات همازا لمازا ملقبا للناس ، كان علامته يوم القيامة أن يسمه الله على الخرطوم ، من كلا الشفتين " .