(
وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه ( 25 )
ولم أدر ما حسابيه ( 26 )
يا ليتها كانت القاضية ( 27 )
ما أغنى عني ماليه ( 28 )
هلك عني سلطانيه ( 29 )
خذوه فغلوه ( 30 )
ثم الجحيم صلوه ( 31 )
ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه ( 32 )
إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ( 33 )
ولا يحض على طعام المسكين ( 34 ) )
(
فليس له اليوم ها هنا حميم ( 35 )
ولا طعام إلا من غسلين ( 36 )
لا يأكله إلا الخاطئون ( 37 ) )
وهذا إخبار عن
حال الأشقياء إذا أعطي أحدهم كتابه في العرصات بشماله ، فحينئذ يندم غاية الندم ، فيقول : (
فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية )
قال
الضحاك : يعني موتة لا حياة بعدها . وكذا قال
محمد بن كعب والربيع nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي .
وقال
قتادة : تمنى الموت ، ولم يكن شيء في الدنيا أكره إليه منه .
(
ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه ) أي : لم يدفع عني مالي ولا جاهي عذاب الله وبأسه ، بل خلص الأمر إلي وحدي ، فلا معين لي ولا مجير ، فعندها يقول الله ، عز وجل : (
خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه )
[ ص: 216 ] أي : يأمر الزبانية أن تأخذه عنفا من المحشر ، فتغله ، أي : تضع الأغلال في عنقه ، ثم تورده إلى جهنم فتصليه إياها ، أي : تغمره فيها .
قال
ابن أبي حاتم : حدثنا
أبو سعيد الأشج ، حدثنا
أبو خالد ، عن
عمرو بن قيس عن
nindex.php?page=showalam&ids=15342المنهال بن عمرو قال : إذا قال الله عز وجل ) خذوه ) ابتدره سبعون ألف ملك ، إن الملك منهم ليقول هكذا ، فيلقي سبعين ألفا في النار .
وروى
ابن أبي الدنيا في " الأهوال " : أنه يبتدره أربعمائة ألف ، ولا يبقى شيء إلا دقه ، فيقول : ما لي ولك ؟ فيقول : إن الرب عليك غضبان ، فكل شيء غضبان عليك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل - هو ابن عياض - : إذا قال الرب عز وجل : (
خذوه فغلوه ) ابتدره سبعون ألف ملك ، أيهم يجعل الغل في عنقه .
(
ثم الجحيم صلوه ) أي : اغمروه فيها .
وقوله : (
ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه ) قال كعب الأحبار : كل حلقة منها قدر حديد الدنيا .
وقال
العوفي ، عن
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير : بذراع الملك . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال
ابن عباس : ( فاسلكوه ) تدخل في استه ثم تخرج من فيه ، ثم ينظمون فيها كما ينظم الجراد في العود حين يشوى .
وقال
العوفي ، عن
ابن عباس : يسلك في دبره حتى يخرج من منخريه ، حتى لا يقوم على رجليه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
علي بن إسحاق ، أخبرنا
عبد الله ، أخبرنا
سعيد بن يزيد ، عن
أبي السمح ، عن
عيسى بن هلال الصدفي ، عن
عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823221لو أن رصاصة مثل هذه - وأشار إلى [ مثل ] جمجمة - أرسلت من السماء إلى الأرض ، وهي مسيرة خمسمائة سنة ، لبلغت الأرض قبل الليل ، ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة ، لسارت أربعين خريفا الليل والنهار ، قبل أن تبلغ قعرها أو أصلها " .
وأخرجه
الترمذي ، عن
سويد بن نصر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك به قال : هذا حديث حسن .
وقوله : (
إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين ) أي :
لا يقوم بحق الله عليه من طاعته وعبادته ، ولا ينفع خلقه ويؤدي حقهم ;
فإن لله على العباد أن يوحدوه ولا يشركوا به شيئا ،
وللعباد بعضهم على بعض حق الإحسان والمعاونة على البر والتقوى ; ولهذا أمر الله بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=823222وقبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : " الصلاة ، وما ملكت أيمانكم " .
[ ص: 217 ]
وقوله : (
فليس له اليوم ها هنا حميم ولا طعام إلا من غسلين لا يأكله إلا الخاطئون ) أي : ليس له اليوم من ينقذه من عذاب الله ، لا حميم - وهو القريب - ولا شفيع يطاع ، ولا طعام له ها هنا إلا من غسلين .
قال
قتادة : هو شر
طعام أهل النار . وقال
الربيع والضحاك : هو شجرة في جهنم .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
منصور بن مزاحم ، حدثنا
أبو سعيد المؤدب ، عن
خصيف ، عن
مجاهد ، عن
ابن عباس قال : ما أدري ما الغسلين ، ولكني أظنه الزقوم .
وقال
شبيب بن بشر ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس قال : الغسلين : الدم والماء يسيل من لحومهم . وقال
علي بن أبي طلحة عنه : الغسلين : صديد أهل النار .