(
فلا أقسم بما تبصرون ( 38 )
وما لا تبصرون ( 39 )
إنه لقول رسول كريم ( 40 )
وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ( 41 )
ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون ( 42 )
تنزيل من رب العالمين ( 43 ) )
يقول تعالى مقسما لخلقه بما يشاهدونه من آياته في مخلوقاته الدالة على كماله في أسمائه وصفاته ، وما غاب عنهم مما لا يشاهدونه من المغيبات عنهم : إن القرآن كلامه ووحيه وتنزيله على عبده ورسوله ، الذي اصطفاه لتبليغ الرسالة وأداء الأمانة ، فقال : (
فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون إنه لقول رسول كريم ) يعني :
محمدا أضافه إليه على معنى التبليغ ; لأن
الرسول من شأنه أن يبلغ عن المرسل ; ولهذا أضافه في سورة التكوير إلى الرسول الملكي : (
إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين ) وهذا
جبريل ، عليه السلام .
ثم قال : (
وما صاحبكم بمجنون ) يعني :
محمدا صلى الله عليه وسلم (
ولقد رآه بالأفق المبين ) يعني : أن
محمدا رأى جبريل على صورته التي خلقه الله عليها ، (
وما هو على الغيب بضنين ) أي : بمتهم (
وما هو بقول شيطان رجيم ) [ التكوير : 19 - 25 ] ، وهكذا قال هاهنا : (
وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون ) ، فأضافه تارة إلى قول الرسول الملكي ، وتارة إلى الرسول البشري ; لأن كلا منهما مبلغ عن الله ما استأمنه عليه من وحيه وكلامه ; ولهذا قال : (
تنزيل من رب العالمين )
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
ابن المغيرة ، حدثنا
صفوان ، حدثنا
شريح بن عبيد الله قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : خرجت أتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن أسلم ، فوجدته قد سبقني إلى المسجد ، فقمت خلفه ، فاستفتح سورة الحاقة ، فجعلت أعجب من تأليف القرآن ، قال : فقلت : هذا والله شاعر كما قالت قريش . قال : فقرأ : (
إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ) قال : فقلت : كاهن . قال فقرأ : (
ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين )
[ ص: 218 ] إلى آخر السورة . قال : فوقع الإسلام في قلبي كل موقع .
فهذا من جملة الأسباب التي جعلها الله تعالى مؤثرة في
هداية عمر بن الخطاب ، كما أوردنا كيفية إسلامه في سيرته المفردة ، ولله الحمد .