(
يوم تكون السماء كالمهل ( 8 )
وتكون الجبال كالعهن ( 9 )
ولا يسأل حميم حميما ( 10 ) )
(
يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه ( 11 )
وصاحبته وأخيه ( 12 )
وفصيلته التي تؤويه ( 13 )
ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه ( 14 )
كلا إنها لظى ( 15 )
نزاعة للشوى ( 16 )
تدعو من أدبر وتولى ( 17 )
وجمع فأوعى ( 18 ) )
يقول تعالى : العذاب واقع بالكافرين (
يوم تكون السماء كالمهل ) قال
ابن عباس ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي وغير واحد ، كدردي الزيت ، (
وتكون الجبال كالعهن ) أي : كالصوف المنفوش ، قاله
مجاهد وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي . وهذه الآية كقوله تعالى : (
وتكون الجبال كالعهن المنفوش ) [ القارعة : 5 ] .
وقوله : (
ولا يسأل حميم حميما يبصرونهم ) أي : لا يسأل القريب عن حاله ، وهو يراه في أسوأ الأحوال ، فتشغله نفسه عن غيره .
قال
العوفي ، عن
ابن عباس : يعرف بعضهم بعضا ، ويتعارفون بينهم ، ثم يفر بعضهم من بعض
[ ص: 225 ] بعد ذلك ، يقول : (
لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه )
وهذه الآية الكريمة كقوله : (
يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق ) [ لقمان : 33 ] . وكقوله : (
وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى ) [ فاطر : 18 ] . وكقوله : (
فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) [ المؤمنون : 101 ] . وكقوله : (
يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ) [ عبس : 34 - 37 ] .
وقوله : (
يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه كلا ) أي : لا يقبل منه فداء ولو جاء بأهل الأرض ، وبأعز ما يجده من المال ، ولو بملء الأرض ذهبا ، أو من ولده الذي كان في الدنيا حشاشة كبده ، يود يوم القيامة إذا رأى الأهوال أن يفتدي من عذاب الله به ، ولا يقبل منه . قال
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : ( فصيلته ) قبيلته وعشيرته . وقال
عكرمة : فخذه الذي هو منهم . وقال
أشهب ، عن
مالك : ( فصيلته ) أمه .
وقوله : ( إنها لظى ) يصف
النار وشدة حرها ) نزاعة للشوى ) قال
ابن عباس ومجاهد : جلدة الرأس . وقال
العوفي ، عن
ابن عباس : ( نزاعة للشوى ) الجلود والهام . وقال
مجاهد : ما دون العظم من اللحم . وقال
سعيد بن جبير : العصب ، والعقب . وقال
أبو صالح : ( نزاعة للشوى ) يعني : أطراف اليدين والرجلين . وقال أيضا : نزاعة لحم الساقين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري وثابت البناني : ( نزاعة للشوى ) أي : مكارم وجهه . وقال
الحسن أيضا : تحرق كل شيء فيه ، ويبقى فؤاده يصيح . وقال
قتادة : ( نزاعة للشوى ) أي : نزاعة لهامته ومكارم وجهه وخلقه وأطرافه . وقال
الضحاك : تبري اللحم والجلد عن العظم ، حتى لا تترك منه شيئا . وقال
ابن زيد : الشوى : الآراب العظام ، فقوله : نزاعة ، قال : تقطع عظامهم ، ثم يجدد خلقهم وتبدل جلودهم .
وقوله : (
تدعو من أدبر وتولى وجمع فأوعى ) أي :
تدعو النار إليها أبناءها الذين خلقهم الله لها ، وقدر لهم أنهم في الدار الدنيا يعملون عملها ، فتدعوهم يوم القيامة بلسان طلق ذلق ، ثم تلتقطهم من بين أهل المحشر كما يلتقط الطير الحب . وذلك أنهم - كما قال الله ، عز وجل - كانوا ممن ) أدبر وتولى ) أي : كذب بقلبه ، وترك العمل بجوارحه ) وجمع فأوعى ) أي : جمع المال بعضه على بعض فأوعاه ، أي : أوكاه ومنع حق الله منه من الواجب عليه في النفقات ومن إخراج الزكاة . وقد ورد في الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823228ولا توعي فيوعي الله عليك " وكان
عبد الله بن عكيم لا يربط له كيسا ويقول : سمعت الله يقول : ( وجمع فأوعى )
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : يا ابن
آدم سمعت وعيد الله ثم أوعيت الدنيا .
وقال
قتادة في قوله : ( وجمع فأوعى ) قال : كان جموعا قموما للخبيث .