(
قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا ( 25 )
عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا ( 26 )
إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ( 27 )
ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا ( 28 ) )
يقول تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للناس : إنه لا علم له بوقت الساعة ، ولا يدري أقريب وقتها أم بعيد ؟ (
قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا ) ؟ أي : مدة طويلة .
وفي هذه الآية الكريمة دليل على أن الحديث الذي يتداوله كثير من الجهلة من أنه عليه السلام ، لا يؤلف تحت الأرض ، كذب لا أصل له ، ولم نره في شيء من الكتب . وقد
كان صلى الله عليه وسلم يسأل عن وقت الساعة فلا يجيب عنها ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501420ولما تبدى له جبريل في صورة أعرابي كان فيما سأله أن قال : يا محمد ، فأخبرني عن الساعة ؟ قال : " ما المسئول عنها بأعلم من السائل " nindex.php?page=hadith&LINKID=3501421ولما ناداه ذلك الأعرابي بصوت جهوري ، فقال : يا محمد ، متى الساعة ؟ قال : " ويحك . إنها كائنة ، فما أعددت لها ؟ " . قال : أما إني لم أعد لها كثير صلاة ولا صيام ، ولكني أحب الله ورسوله . قال : " فأنت مع من أحببت " . قال أنس : فما فرح المسلمون بشيء فرحهم بهذا الحديث .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
محمد بن مصفى ، حدثنا
محمد بن حمير ، حدثني
أبو بكر بن أبي مريم ، عن
عطاء بن أبي رباح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" يا بني آدم ، إن كنتم تعقلون فعدوا أنفسكم من الموتى ، والذي نفسي بيده ، إنما توعدون لآت "
وقد قال
أبو داود في آخر " كتاب الملاحم " : حدثنا
موسى بن سهيل ، حدثنا
حجاج بن إبراهيم ، حدثنا
ابن وهب ، حدثني
معاوية بن صالح ، عن
عبد الرحمن بن جبير ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=1500أبي ثعلبة الخشني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823235 " لن يعجز الله هذه الأمة من نصف يوم " [ ص: 247 ]
انفرد به
أبو داود ثم قال
أبو داود :
حدثنا
عمرو بن عثمان . حدثنا
أبو المغيرة ، حدثني
صفوان ، عن
شريح بن عبيد nindex.php?page=hadith&LINKID=823236عن nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إني لأرجو ألا تعجز أمتي عند ربها أن يؤخرهم نصف يوم " . قيل لسعد : وكم نصف يوم ؟ قال : خمسمائة عام . انفرد به
أبو داود
وقوله : (
عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول ) هذه كقوله تعالى : (
ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ) [ البقرة : 255 ] وهكذا قال هاهنا : إنه يعلم الغيب والشهادة ، وإنه لا يطلع أحد من خلقه على شيء من علمه إلا مما أطلعه تعالى عليه ; ولهذا قال : (
فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول ) وهذا يعم الرسول الملكي والبشري .
ثم قال : (
فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ) أي : يختصه بمزيد معقبات من الملائكة يحفظونه من أمر الله ، ويساوقونه على ما معه من وحي الله ; ولهذا قال : (
ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا )
وقد اختلف المفسرون في الضمير الذي في قوله : ( ليعلم ) إلى من يعود ؟ فقيل : إنه عائد إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
قال
ابن جرير : حدثنا
ابن حميد ، حدثنا
يعقوب القمي ، عن
جعفر ، عن
سعيد بن جبير في قوله : (
عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ) قال : أربعة حفظة من الملائكة مع
جبريل ، ) ليعلم )
محمد صلى الله عليه وسلم (
أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا )
ورواه
ابن أبي حاتم من حديث
يعقوب القمي به . وهكذا رواه
الضحاك nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ويزيد بن أبي حبيب .
وقال
عبد الرزاق ، عن
معمر ، عن
قتادة : (
ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم ) قال : ليعلم نبي الله أن الرسل قد بلغت عن الله ، وأن الملائكة حفظتها ودفعت عنها . وكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة ، عن
قتادة . واختاره
ابن جرير .
وقيل غير ذلك ، كما رواه
العوفي ، عن
ابن عباس في قوله : (
إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ) قال : هي معقبات من الملائكة يحفظون النبي من الشيطان ، حتى يتبين الذي أرسل به إليهم ، وذلك حين يقول ، ليعلم أهل الشرك أن قد أبلغوا رسالات ربهم .
وكذا قال
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : (
ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم ) قال : ليعلم من كذب الرسل أن قد أبلغوا رسالات ربهم . وفي هذا نظر .
[ ص: 248 ]
وقال
البغوي : قرأ
يعقوب : " ليعلم " بالضم ، أي : ليعلم الناس أن الرسل بلغوا .
ويحتمل أن يكون الضمير عائدا إلى الله عز وجل ، وهو قول حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي في " زاد المسير " ويكون المعنى في ذلك : أنه يحفظ رسله بملائكته ليتمكنوا من أداء رسالاته ، ويحفظ ما بين إليهم من الوحي ; ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم ، ويكون ذلك كقوله : (
وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه ) [ البقرة : 143 ] وكقوله : (
وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين ) [ العنكبوت : 11 ] إلى أمثال ذلك ، مع العلم بأنه تعالى يعلم الأشياء قبل كونها قطعا لا محالة ; ولهذا قال بعد هذا : (
وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا ) .