(
كل نفس بما كسبت رهينة ( 38 )
إلا أصحاب اليمين ( 39 )
في جنات يتساءلون ( 40 )
عن المجرمين ( 41 )
ما سلككم في سقر ( 42 )
قالوا لم نك من المصلين ( 43 )
ولم نك نطعم المسكين ( 44 )
وكنا نخوض مع الخائضين ( 45 )
وكنا نكذب بيوم الدين ( 46 )
حتى أتانا اليقين ( 47 )
فما تنفعهم شفاعة الشافعين ( 48 )
فما لهم عن التذكرة معرضين ( 49 )
كأنهم حمر مستنفرة ( 50 )
فرت من قسورة ( 51 )
بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة ( 52 )
كلا بل لا يخافون الآخرة ( 53 )
كلا إنه تذكرة ( 54 )
فمن شاء ذكره ( 55 )
وما يذكرون إلا أن يشاء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة ( 56 ) )
يقول تعالى مخبرا أن : (
كل نفس بما كسبت رهينة ) أي : معتقلة بعملها يوم القيامة ، قاله
ابن عباس وغيره : (
إلا أصحاب اليمين ) فإنهم (
في جنات يتساءلون عن المجرمين ) أي : يسألون المجرمين وهم في الغرفات وأولئك في الدركات قائلين لهم :
(
ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين ) أي : ما عبدنا ربنا ولا أحسنا إلى خلقه من جنسنا ،
(
وكنا نخوض مع الخائضين ) أي : نتكلم فيما لا نعلم . وقال
قتادة : كلما غوي غاو غوينا معه ،
(
وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين ) يعني : الموت . كقوله : (
واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) [ الحجر : 99 ] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823257 " أما هو - يعني عثمان بن مظعون - فقد جاءه اليقين من ربه " .
قال الله تعالى : (
فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) أي : من كان متصفا بهذه الصفات فإنه لا تنفعه يوم القيامة شفاعة شافع فيه ; لأن الشفاعة إنما تنجع إذا كان المحل قابلا فأما من وافى الله كافرا يوم القيامة فإنه له النار لا محالة ، خالدا فيها .
ثم قال تعالى : (
فما لهم عن التذكرة معرضين ) أي : فما لهؤلاء الكفرة الذين قبلك مما تدعوهم إليه وتذكرهم به معرضين .
(
كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة ) أي : كأنهم في نفارهم عن الحق ، وإعراضهم عنه حمر من حمر الوحش إذا فرت ممن يريد صيدها من أسد ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس - في رواية عنه -
وزيد بن أسلم ، وابنه
عبد الرحمن . أو : رام ، وهو رواية عن
[ ص: 274 ] ابن عباس ، وهو قول الجمهور .
وقال
حماد بن سلمة ، عن
علي بن زيد ، عن
يوسف بن مهران ، عن
ابن عباس : الأسد ، بالعربية ، ويقال له بالحبشية : قسورة ، وبالفارسية : شير وبالنبطية : أويا .
(
بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة ) أي : بل يريد كل واحد من هؤلاء المشركين أن ينزل عليه كتابا كما أنزل على النبي . قاله
مجاهد وغيره ، كقوله : (
وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته ) [ الأنعام : 124 ] ، وفي رواية عن
قتادة : يريدون أن يؤتوا براءة بغير عمل .
فقوله : (
كلا بل لا يخافون الآخرة ) أي : إنما أفسدهم عدم إيمانهم بها ، وتكذيبهم بوقوعها .
ثم قال تعالى : (
كلا إنه تذكرة ) أي : حقا إن القرآن تذكرة .
(
فمن شاء ذكره وما يذكرون إلا أن يشاء الله ) كقوله (
وما تشاءون إلا أن يشاء الله ) [ الإنسان : 30 ] .
وقوله : (
هو أهل التقوى وأهل المغفرة ) أي : هو أهل أن يخاف منه ، وهو أهل أن يغفر ذنب من تاب إليه وأناب . قاله
قتادة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15945زيد بن الحباب ، أخبرني
سهيل - أخو حزم - حدثنا
ثابت البناني ، عن
أنس بن مالك قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : (
هو أهل التقوى وأهل المغفرة ) وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823258 " قال ربكم : أنا أهل أن أتقى ، فلا يجعل معي إله ، فمن اتقى أن يجعل معي إلها كان أهلا أن أغفر له " .
ورواه
الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15945زيد بن الحباب ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث
المعافى بن عمران ، كلاهما عن
سهيل بن عبد الله القطعي ، به ، وقال
الترمذي : حسن غريب
وسهيل ليس بالقوي . ورواه
ابن أبي حاتم عن أبيه ، عن
هدبة بن خالد ، عن
سهيل ، به . وهكذا رواه
أبو يعلى nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار والبغوي ، وغيرهم ، من حديث
سهيل القطعي ، به .
آخر تفسير سورة " المدثر " ولله الحمد والمنة
[ وحسبنا الله ونعم الوكيل ]