[ ص: 312 ] تفسير سورة النازعات وهي مكية .
بسم الله الرحمن الرحيم
(
والنازعات غرقا ( 1 )
والناشطات نشطا ( 2 )
والسابحات سبحا ( 3 )
فالسابقات سبقا ( 4 )
فالمدبرات أمرا ( 5 )
يوم ترجف الراجفة ( 6 )
تتبعها الرادفة ( 7 )
قلوب يومئذ واجفة ( 8 )
أبصارها خاشعة ( 9 )
يقولون أئنا لمردودون في الحافرة ( 10 )
أئذا كنا عظاما نخرة ( 11 )
قالوا تلك إذا كرة خاسرة ( 12 )
فإنما هي زجرة واحدة ( 13 )
فإذا هم بالساهرة ( 14 ) )
قال
ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
ومسروق ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=12045وأبو صالح ،
وأبو الضحى ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : (
والنازعات غرقا )
الملائكة ، يعنون حين تنزع أرواح بني آدم ، فمنهم من تأخذ روحه بعنف فتغرق في نزعها ، و [ منهم ] من تأخذ روحه بسهولة وكأنما حلته من نشاط ، وهو قوله : (
والناشطات نشطا ) قاله
ابن عباس .
وعن
ابن عباس : (
والنازعات ) هي أنفس الكفار ، تنزع ثم تنشط ، ثم تغرق في النار . رواه
ابن أبي حاتم .
وقال
مجاهد : (
والنازعات غرقا ) الموت . وقال
الحسن ،
وقتادة : (
والنازعات غرقا والناشطات نشطا ) هي النجوم .
وقال
عطاء بن أبي رباح في قوله : (
والنازعات ) و ) الناشطات ) هي القسي في القتال . والصحيح الأول ، وعليه الأكثرون .
وأما قوله : (
والسابحات سبحا ) فقال
ابن مسعود : هي الملائكة . وروي عن
علي ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
وأبي صالح مثل ذلك .
وعن
مجاهد : (
والسابحات سبحا ) الموت . وقال
قتادة : هي النجوم . وقال
عطاء بن أبي رباح : هي السفن .
وقوله : (
فالسابقات سبقا ) روي عن
علي ،
ومسروق ،
ومجاهد ،
وأبي صالح ،
والحسن البصري : يعني الملائكة ; قال
الحسن : سبقت إلى الإيمان والتصديق به . وعن
مجاهد : الموت . وقال
قتادة : هي النجوم وقال
عطاء : هي الخيل في سبيل الله .
[ ص: 313 ]
وقوله : (
فالمدبرات أمرا ) قال
علي ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=12045وأبو صالح ،
والحسن ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : هي الملائكة ، زاد
الحسن : تدبر الأمر من السماء إلى الأرض . يعني : بأمر ربها - عز وجل - . ولم يختلفوا في هذا ، ولم يقطع
ابن جرير بالمراد في شيء من ذلك ، إلا أنه حكى في (
فالمدبرات أمرا ) أنها الملائكة ، ولا أثبت ولا نفى .
وقوله : (
يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة ) قال
ابن عباس هما النفختان الأولى والثانية . وهكذا قال
مجاهد ،
والحسن ،
وقتادة ،
والضحاك ، وغير واحد .
وعن
مجاهد : أما الأولى - وهي قوله : (
يوم ترجف الراجفة ) - فكقوله جلت عظمته : (
يوم ترجف الأرض والجبال ) [ المزمل : 14 ] ، والثانية - وهي الرادفة - فهي كقوله : (
وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ) [ الحاقة : 14 ] .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، حدثنا
سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن
الطفيل بن أبي بن كعب ، عن
أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826668 " جاءت الراجفة ، تتبعها الرادفة ، جاء الموت بما فيه " . فقال رجل : يا رسول الله ، أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك ؟ قال : " إذا يكفيك الله ما أهمك من دنياك وآخرتك " .
وقد رواه
الترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، بإسناده مثله ولفظ
الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823282كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذهب ثلث الليل قام فقال : " يا أيها الناس اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه " .
وقوله : (
قلوب يومئذ واجفة ) قال
ابن عباس : يعني خائفة . وكذا قال
مجاهد ،
وقتادة .
(
أبصارها خاشعة ) أي : أبصار أصحابها . وإنما أضيف إليها ; للملابسة ، أي : ذليلة حقيرة ; مما عاينت من الأهوال .
وقوله : (
يقولون أئنا لمردودون في الحافرة ) ؟ يعني : مشركي قريش ومن قال بقولهم في إنكار المعاد ، يستبعدون وقوع
البعث بعد المصير إلى الحافرة ، وهي القبور ، قاله
مجاهد . وبعد تمزق أجسادهم وتفتت عظامهم ونخورها ; ولهذا قالوا : (
أئذا كنا عظاما نخرة ) ؟ وقرئ : " ناخرة " .
وقال
ابن عباس ،
ومجاهد ،
وقتادة : أي بالية . قال
ابن عباس : وهو العظم إذا بلي ودخلت
الريح فيه . (
قالوا تلك إذا كرة خاسرة )
وعن
ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14980ومحمد بن كعب ،
وعكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
وأبي مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،
وقتادة : الحافرة : الحياة بعد الموت . وقال
ابن زيد : الحافرة :
النار . وما أكثر أسمائها ! هي النار ، والجحيم ، وسقر ، وجهنم ، والهاوية ، والحافرة ، ولظى ، والحطمة .
وأما قولهم : (
تلك إذا كرة خاسرة ) فقال
محمد بن كعب : قالت قريش : لئن أحيانا الله بعد أن نموت لنخسرن .
[ ص: 314 ]
قال الله تعالى : (
فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة ) أي : فإنما هو أمر من الله لا مثنوية فيه ولا تأكيد ، فإذا الناس قيام ينظرون ، وهو أن
يأمر تعالى إسرافيل فينفخ في الصور نفخة البعث ، فإذا الأولون والآخرون قيام بين يدي الرب - عز وجل - ينظرون ، كما قال : (
يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا ) [ الإسراء : 52 ] وقال تعالى : (
وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ) [ القمر : 50 ] وقال تعالى : (
وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب ) [ النحل : 77 ] .
قال
مجاهد : (
فإنما هي زجرة واحدة ) صيحة واحدة .
وقال
إبراهيم التيمي : أشد ما يكون الرب غضبا على خلقه يوم يبعثهم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : زجرة من الغضب . وقال
أبو مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس : زجرة واحدة : هي النفخة الآخرة .
وقوله : (
فإذا هم بالساهرة ) قال ابن عباس : (
بالساهرة ) الأرض كلها . وكذا قال
سعيد بن جبير ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12045وأبو صالح .
وقال
عكرمة ،
والحسن ،
والضحاك ،
وابن زيد : (
بالساهرة ) وجه الأرض .
وقال
مجاهد : كانوا بأسفلها فأخرجوا إلى أعلاها . قال : و (
بالساهرة ) المكان المستوي .
وقال
الثوري : (
بالساهرة ) أرض
الشام ، وقال
عثمان بن أبي العاتكة : (
بالساهرة ) أرض
بيت المقدس . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه : ( الساهرة ) جبل إلى جانب
بيت المقدس . وقال
قتادة أيضا : (
بالساهرة ) جهنم .
وهذه أقوال كلها غريبة ، والصحيح أنها الأرض وجهها الأعلى .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
علي بن الحسين ، حدثنا
خزر بن المبارك الشيخ الصالح ، حدثنا
بشر بن السري ، حدثنا
مصعب بن ثابت ، عن
أبي حازم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد الساعدي : (
فإذا هم بالساهرة ) قال : أرض بيضاء عفراء خالية كالخبزة النقي .
وقال
الربيع بن أنس : (
فإذا هم بالساهرة ) ويقول الله - عز وجل - : (
يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار ) [ إبراهيم : 48 ] ، ويقول : (
ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ) [ طه : 105 ، 106 ] . وقال : (
ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة ) [ الكهف : 47 ] : وبرزت الأرض التي عليها الجبال ، وهي لا تعد من هذه الأرض ، وهي أرض لم يعمل عليها خطيئة ، ولم يهراق عليها دم .