[ ص: 498 ] تفسير
سورة الكوثر وهي مدنية ، وقيل : مكية .
بسم الله الرحمن الرحيم
(
إنا أعطيناك الكوثر ( 1 )
فصل لربك وانحر ( 2 )
إن شانئك هو الأبتر ( 3 ) )
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17011محمد بن فضيل ، عن
المختار بن فلفل ، عن
أنس بن مالك قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824238أغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاءة ، فرفع رأسه مبتسما ، إما قال لهم وإما قالوا له : لم ضحكت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه أنزلت علي آنفا سورة " . فقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم ( إنا أعطيناك الكوثر ) حتى ختمها ، قال : " هل تدرون ما الكوثر ؟ " ، قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " هو نهر أعطانيه ربي عز وجل في الجنة ، عليه خير كثير ، ترد عليه أمتي يوم القيامة ، آنيته عدد الكواكب ، يختلج العبد منهم فأقول : يا رب ، إنه من أمتي . فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك " .
هكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد بهذا الإسناد الثلاثي ، وهذا السياق .
وقد ورد في صفة الحوض يوم القيامة أنه يشخب فيه ميزابان من السماء عن نهر الكوثر ، وأن عليه آنية عدد نجوم السماء . وقد روى هذا الحديث
مسلم وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17011محمد بن فضيل nindex.php?page=showalam&ids=16637وعلي بن مسهر ، كلاهما عن
المختار بن فلفل ، عن
أنس . ولفظ
مسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824239 " بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا في المسجد ، إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسما ، قلنا : ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال : " أنزلت علي آنفا سورة " ، فقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم ( إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر ) ثم قال : " أتدرون ما الكوثر ؟ " قلنا : الله ورسوله أعلم . قال : " فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل ، عليه خير كثير ، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة ، آنيته عدد النجوم فيختلج العبد منهم ، فأقول : رب إنه من أمتي . فيقول : إنك لا تدري ما أحدث بعدك " .
وقد استدل به كثير من القراء على أن هذه السورة مدنية ، وكثير من الفقهاء على أن البسملة من السورة ، وأنها منزلة معها .
فأما قوله تعالى : (
إنا أعطيناك الكوثر ) فقد تقدم في هذا الحديث أنه نهر في الجنة . وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد من طريق أخرى ، عن
أنس فقال : حدثنا
عفان ، حدثنا
حماد ، أخبرنا
ثابت [ ص: 499 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=824290عن أنس أنه قرأ هذه الآية ( إنا أعطيناك الكوثر ) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعطيت الكوثر ، فإذا هو نهر يجري ، ولم يشق شقا ، وإذا حافتاه قباب اللؤلؤ ، فضربت بيدي في تربته ، فإذا مسكه ذفرة ، وإذا حصاه اللؤلؤ "
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد أيضا : حدثنا
محمد بن أبي عدي ، عن
حميد ، عن
أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824240 " دخلت الجنة فإذا أنا بنهر ، حافتاه خيام اللؤلؤ ، فضربت بيدي إلى ما يجري فيه الماء ، فإذا مسك أذفر . قلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الكوثر الذي أعطاكه الله عز وجل " .
ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه ،
ومسلم من حديث
شيبان بن عبد الرحمن ، عن
قتادة ، عن
أنس بن مالك قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824241لما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء قال : " أتيت على نهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الكوثر " . وهذا لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري رحمه الله .
وقال
ابن جرير : حدثنا
الربيع ، أخبرنا
ابن وهب ، عن
سليمان بن هلال ، عن
شريك بن أبي نمر ، قال : سمعت
أنس بن مالك يحدثنا قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824242لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم ، مضى به جبريل في السماء الدنيا ، فإذا هو بنهر عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد ، فذهب يشم ترابه ، فإذا هو مسك . قال : " يا جبريل ، ما هذا النهر ؟ قال : هو الكوثر الذي خبأ لك ربك " .
وقد تقدم [ في ] حديث الإسراء في سورة " سبحان " ، من طريق
شريك ، عن
أنس [ عن النبي صلى الله عليه وسلم ] وهو مخرج في الصحيحين .
وقال
سعيد ، عن
قتادة ، عن
أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824243 " بينا أنا أسير في الجنة إذ عرض لي نهر ، حافتاه قباب اللؤلؤ مجوف ، فقال الملك الذي معه : أتدري ما هذا ؟ هذا الكوثر الذي أعطاك الله . وضرب بيده إلى أرضه ، فأخرج من طينه المسك " وكذا رواه
سليمان بن طرخان ومعمر nindex.php?page=showalam&ids=17258وهمام وغيرهم ، عن
قتادة به .
وقال
ابن جرير : حدثنا
أحمد بن أبي سريج ، حدثنا
أبو أيوب العباسي ، حدثنا
إبراهيم بن سعد ، حدثني
محمد بن عبد الله ، ابن أخي
ابن شهاب ، عن أبيه ، عن
أنس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824244سئل رسول [ ص: 500 ] الله صلى الله عليه وسلم عن الكوثر ، فقال : " هو نهر أعطانيه الله في الجنة ، ترابه مسك ، [ ماؤه ] أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل ، ترده طير أعناقها مثل أعناق الجزر " . فقال أبو بكر : يا رسول الله ، إنها لناعمة ؟ قال : " أكلها أنعم منها " .
وقال
أحمد : حدثنا
أبو سلمة الخزاعي ، حدثنا
الليث ، عن
يزيد بن الهاد ، عن
عبد الوهاب ، عن
عبد الله بن مسلم بن شهاب ، عن
أنس أن رجلا قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826764يا رسول الله ، ما الكوثر ؟ قال : " نهر في الجنة أعطانيه ربي ، لهو أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، فيه طيور أعناقها كأعناق الجزر " . قال عمر : يا رسول الله ، إنها لناعمة ؟ قال : " أكلها أنعم منها يا عمر " .
رواه
ابن جرير ، من حديث
الزهري ، عن أخيه
عبد الله ، عن
أنس : أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكوثر ، فذكر مثله سواء .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
خالد بن يزيد الكاهلي ، حدثنا
إسرائيل ، عن
أبي إسحاق عن
أبي عبيدة ، عن
عائشة قال : سألتها عن قوله تعالى : (
إنا أعطيناك الكوثر ) قالت : نهر [ عظيم ] أعطيه نبيكم صلى الله عليه وسلم ، شاطئاه عليه در مجوف ، آنيته كعدد النجوم .
ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : رواه
زكريا وأبو الأحوص ومطرف ، عن
أبي إسحاق .
ورواه
أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من طريق
مطرف به .
وقال
ابن جرير : حدثنا
أبو كريب ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان وإسرائيل ، عن
أبي إسحاق ، عن
أبي عبيدة عن
عائشة قالت : الكوثر نهر في الجنة ، شاطئاه در مجوف . وقال
إسرائيل : نهر في الجنة عليه من الآنية عدد نجوم السماء .
وحدثنا
ابن حميد ، حدثنا
يعقوب القمي ، عن
حفص بن حميد ، عن
شمر بن عطية عن
شقيق - أو
مسروق - قال : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة : يا أم المؤمنين ، حدثيني عن الكوثر . قالت : نهر في بطنان الجنة . قلت : وما بطنان الجنة ؟ قالت : وسطها ، حافتاه قصور اللؤلؤ والياقوت ، ترابه المسك ، وحصاؤه اللؤلؤ والياقوت .
وحدثنا
أبو كريب ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11960أبي جعفر الرازي ، عن
ابن أبي نجيح عن
عائشة [ ص: 501 ] قالت : من أحب أن يسمع خرير الكوثر ، فليجعل أصبعيه في أذنيه .
وهذا منقطع بين
ابن أبي نجيح nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة وفي بعض الروايات : " عن رجل ، عنها " . ومعنى هذا أنه يسمع نظير ذلك ، لا أنه يسمعه نفسه ، والله أعلم .
قال
السهيلي : ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني مرفوعا ، من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16872مالك بن مغول ، عن
الشعبي ، عن
مسروق ، عن
عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا
هشيم ، أخبرنا
أبو بشر ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس أنه قال في الكوثر : هو الخير الذي أعطاه الله إياه . قال
أبو بشر : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=15992لسعيد بن جبير : فإن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة ؟ فقال
سعيد : النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه .
ورواه أيضا من حديث
هشيم ، عن
أبي بشر nindex.php?page=showalam&ids=16571وعطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس قال : الكوثر : الخير الكثير .
[ وقال
الثوري ، عن
عطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس قال : الكوثر : الخير الكثير ] .
وهذا التفسير يعم النهر وغيره ; لأن الكوثر من الكثرة ، وهو الخير الكثير ، ومن ذلك النهر ، كما قال
ابن عباس ،
وعكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16883ومحارب بن دثار ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن بن أبي الحسن البصري . حتى قال
مجاهد : هو الخير الكثير في الدنيا والآخرة .
وقال
عكرمة : هو النبوة والقرآن ، وثواب الآخرة .
وقد صح عن
ابن عباس أنه فسره بالنهر أيضا ، فقال
ابن جرير :
حدثنا
أبو كريب ، حدثنا
عمر بن عبيد ، عن
عطاء ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس قال : الكوثر : نهر في الجنة ، حافتاه ذهب وفضة ، يجري على الياقوت والدر ، ماؤه أبيض من الثلج وأحلى من العسل .
وروى
العوفي ، عن
ابن عباس نحو ذلك .
وقال
ابن جرير : حدثني
يعقوب ، حدثنا
هشيم ، أخبرنا
عطاء بن السائب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16883محارب بن دثار ، عن
ابن عمر أنه قال : الكوثر نهر في الجنة ، حافتاه ذهب وفضة ، يجري على الدر
[ ص: 502 ] والياقوت ، ماؤه أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل .
وكذا رواه
الترمذي ، عن
ابن حميد ، عن
جرير ، عن
عطاء بن السائب به مثله موقوفا . وقد روي مرفوعا فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
علي بن حفص ، حدثنا
ورقاء قال . . . وقال
عطاء [ بن السائب ] ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16883محارب بن دثار ، عن
ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824245 " الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب ، والماء يجري على اللؤلؤ ، وماؤه أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل " .
وهكذا رواه
الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ، من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17011محمد بن فضيل ، عن
عطاء بن السائب به مرفوعا ، وقال
الترمذي : حسن صحيح .
وقال
ابن جرير : حدثني
يعقوب ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، أخبرنا
عطاء بن السائب قال : قال لي
nindex.php?page=showalam&ids=16883محارب بن دثار : ما قال
سعيد بن جبير في الكوثر ؟ قلت : حدثنا عن
ابن عباس أنه قال : هو الخير الكثير . فقال : صدق والله إنه للخير الكثير . ولكن حدثنا
ابن عمر قال : لما نزلت : (
إنا أعطيناك الكوثر ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824246 " الكوثر نهر في الجنة ، حافتاه من ذهب ، يجري على الدر والياقوت " .
وقال
ابن جرير : حدثني
ابن البرقي ، حدثنا
ابن أبي مريم ، حدثنا
محمد بن جعفر بن أبي كثير ، أخبرني
حرام بن عثمان ، عن
عبد الرحمن الأعرج ، عن
أسامة بن زيد :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826765أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى حمزة بن عبد المطلب يوما فلم يجده ، فسأل امرأته عنه - وكانت من بني النجار - فقالت : خرج يا نبي الله آنفا عامدا نحوك ، فأظنه أخطأك في بعض أزقة بني النجار ، أولا تدخل يا رسول الله ؟ فدخل ، فقدمت إليه حيسا ، فأكل منه ، فقالت : يا رسول الله ، هنيئا لك ومريئا ، لقد جئت وأنا أريد أن آتيك فأهنيك وأمريك ; أخبرني أبو عمارة أنك أعطيت نهرا في الجنة يدعى الكوثر . فقال : " أجل ، وعرضه - يعني أرضه - ياقوت ومرجان ، وزبرجد ولؤلؤ " .
حرام بن عثمان ضعيف . ولكن هذا سياق حسن ، وقد صح أصل هذا ، بل قد تواتر من طريق تفيد القطع عند كثير من أئمة الحديث ، وكذلك أحاديث الحوض [ ولنذكرها هاهنا ] .
وهكذا روي عن
أنس nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبي العالية ومجاهد وغير واحد من السلف أن الكوثر نهر في الجنة . وقال
عطاء : هو حوض في الجنة .
وقوله : (
فصل لربك وانحر ) أي : كما أعطيناك الخير الكثير في الدنيا والآخرة ، ومن ذلك
[ ص: 503 ] النهر الذي تقدم صفته - فأخلص لربك صلاتك المكتوبة والنافلة ونحرك ، فاعبده وحده لا شريك له ، وانحر على اسمه وحده لا شريك له . كما قال تعالى : (
قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ) [ الأنعام : 162 ، 163 ] قال
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ومجاهد وعكرمة والحسن : يعني بذلك نحر البدن ونحوها . وكذا قال
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=14980ومحمد بن كعب القرظي والضحاك والربيع nindex.php?page=showalam&ids=16566وعطاء الخراساني و الحكم nindex.php?page=showalam&ids=12428وإسماعيل بن أبي خالد ، وغير واحد من السلف . وهذا بخلاف ما كان المشركون عليه من السجود لغير الله ، والذبح على غير اسمه ، كما قال تعالى : (
ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق ) الآية [ الأنعام : 121 ] .
وقيل : المراد بقوله : (
وانحر ) وضع اليد اليمنى على اليسرى تحت النحر . يروى هذا عن علي ، ولا يصح . وعن
الشعبي مثله .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11958أبي جعفر الباقر : (
وانحر ) يعني : ارفع اليدين عند افتتاح الصلاة .
وقيل : (
وانحر ) أي : استقبل بنحرك القبلة . ذكر هذه الأقوال الثلاثة
ابن جرير .
وقد روى
ابن أبي حاتم هاهنا حديثا منكرا جدا ، فقال : حدثنا
وهب بن إبراهيم الفامي - سنة خمس وخمسين ومائتين - حدثنا
إسرائيل بن حاتم المروزي ، حدثنا
مقاتل بن حيان ، عن
الأصبغ بن نباتة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826766لما نزلت هذه السورة على النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر ) قال رسول الله : " يا جبريل ، ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربي ؟ " فقال : ليست بنحيرة ، ولكنه يأمرك إذا تحرمت للصلاة ، ارفع يديك إذا كبرت وإذا ركعت ، وإذا رفعت رأسك من الركوع ، وإذا سجدت ، فإنها صلاتنا وصلاة الملائكة الذين في السموات السبع ، وإن لكل شيء زينة ، وزينة الصلاة رفع اليدين عند كل تكبيرة .
وهكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في المستدرك ، من حديث
إسرائيل بن حاتم به .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني : (
وانحر ) أي : ارفع صلبك بعد الركوع واعتدل ، وأبرز نحرك ، يعني به الاعتدال . رواه
ابن أبي حاتم .
[ كل هذه الأقوال غريبة جدا ] والصحيح القول الأول ، أن المراد بالنحر ذبح المناسك ; ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يصلي العيد ثم ينحر نسكه ويقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824247 " من صلى صلاتنا ، ونسك نسكنا ، فقد أصاب النسك . ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له " . فقام أبو بردة بن نيار فقال : يا رسول [ ص: 504 ] الله ، إني نسكت شاتي قبل الصلاة ، وعرفت أن اليوم يوم يشتهى فيه اللحم . قال : " شاتك شاة لحم " . قال : فإن عندي عناقا هي أحب إلي من شاتين ، أفتجزئ عني ؟ قال : " تجزئك ، ولا تجزئ أحدا بعدك " .
قال
أبو جعفر بن جرير : والصواب قول من قال : معنى ذلك : فاجعل صلاتك كلها لربك خالصا دون ما سواه من الأنداد والآلهة ، وكذلك نحرك اجعله له دون الأوثان ; شكرا له على ما أعطاك من الكرامة والخير ، الذي لا كفاء له ، وخصك به .
وهذا الذي قاله في غاية الحسن ، وقد سبقه إلى هذا المعنى :
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء .
وقوله : (
إن شانئك هو الأبتر ) أي : إن مبغضك - يا
محمد - ومبغض ما جئت به من الهدى والحق والبرهان الساطع والنور المبين ، هو الأبتر الأقل الأذل المنقطع ذكره .
قال
ابن عباس ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
وقتادة : نزلت في
العاص بن وائل .
وقال
محمد بن إسحاق : عن
يزيد بن رومان قال : كان
العاص بن وائل إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : دعوه ، فإنه رجل أبتر لا عقب له ، فإذا هلك انقطع ذكره . فأنزل الله هذه السورة .
وقال
شمر بن عطية : نزلت في
عقبة بن أبي معيط .
وقال
ابن عباس أيضا
وعكرمة : نزلت في
كعب بن الأشرف وجماعة من كفار قريش .
وقال
البزار : حدثنا
زياد بن يحيى الحساني ، حدثنا
بن أبي عدي ، عن
داود ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس قال : قدم
كعب بن الأشرف مكة فقالت له قريش : أنت سيدهم ، ألا ترى إلى هذا المصنبر المنبتر من قومه ، يزعم أنه خير منا ، ونحن أهل الحجيج ، وأهل السدانة وأهل السقاية ؟ فقال : أنتم خير منه . قال : فنزلت : (
إن شانئك هو الأبتر )
هكذا رواه
البزار ، وهو إسناد صحيح .
وعن
عطاء : نزلت في
أبي لهب ، وذلك حين مات ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب
أبو لهب إلى المشركين وقال : بتر
محمد الليلة . فأنزل الله في ذلك : (
إن شانئك هو الأبتر )
وعن
ابن عباس : نزلت في
أبي جهل . وعنه : (
إن شانئك ) يعني : عدوك . وهذا يعم جميع من اتصف بذلك ممن ذكر ، وغيرهم .
[ ص: 505 ] وقال
عكرمة : الأبتر : الفرد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : كانوا إذا مات ذكور الرجل قالوا : بتر . فلما مات أبناء رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : بتر
محمد . فأنزل الله : (
إن شانئك هو الأبتر )
وهذا يرجع إلى ما قلناه من أن الأبتر الذي إذا مات انقطع ذكره ، فتوهموا لجهلهم أنه إذا مات بنوه ينقطع ذكره ، وحاشا وكلا ، بل قد أبقى الله ذكره على رءوس الأشهاد ، وأوجب شرعه على رقاب العباد ، مستمرا على دوام الآباد ، إلى يوم الحشر والمعاد صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم التناد .
آخر تفسير سورة " الكوثر " ، ولله الحمد والمنة .