[ ص: 506 ] تفسير
سورة قل يا أيها الكافرون
وهي مكية .
ثبت في صحيح
مسلم ، عن
جابر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826767أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بهذه السورة ، وب " قل هو الله أحد " في ركعتي الطواف .
وفي صحيح
مسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بهما في ركعتي الفجر .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، حدثنا
إسرائيل ، عن
أبي إسحاق ، عن
مجاهد ، عن
ابن عمر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824248أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الركعتين قبل الفجر والركعتين بعد المغرب ، بضعا وعشرين مرة - أو : بضع عشرة مرة - " قل يا أيها الكافرون " و " قل هو الله أحد " .
وقال
أحمد أيضا : حدثنا
محمد بن عبد الله بن الزبير ، حدثنا
إسرائيل ، عن
أبي إسحاق ، عن
مجاهد ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=824249عن ابن عمر قال : رمقت النبي صلى الله عليه وسلم أربعا وعشرين - أو : خمسا وعشرين - مرة ، يقرأ في الركعتين قبل الفجر ، والركعتين بعد المغرب ب " قل يا أيها الكافرون " و " قل هو الله أحد " .
وقال
أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11798أبو أحمد - هو محمد بن عبد الله بن الزبير الزبيري - ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان - هو الثوري - ، عن
أبي إسحاق ، عن
مجاهد nindex.php?page=hadith&LINKID=824250عن ابن عمر قال : رمقت النبي صلى الله عليه وسلم شهرا ، وكان يقرأ في الركعتين قبل الفجر ب " قل يا أيها الكافرون " و " قل هو الله أحد " .
وكذا رواه
الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11798أبي أحمد الزبيري ، وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من وجه آخر ، عن
أبي إسحاق به ، وقال
الترمذي : هذا حديث حسن .
وقد تقدم في الحديث أنها تعدل ربع القرآن ،
و " إذا زلزلت " تعدل ربع القرآن .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11920هاشم بن القاسم ، حدثنا
زهير ، حدثنا
أبو إسحاق nindex.php?page=hadith&LINKID=826768عن فروة ابن نوفل - هو ابن معاوية - عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : " هل لك في ربيبة لنا تكفلها ؟ " قال : أراها زينب . قال : ثم جاء فسأله النبي صلى الله عليه وسلم عنها ، قال : " ما فعلت الجارية ؟ " قال : تركتها عند أمها . قال : " فمجيء ما جاء بك ؟ " قال : جئت لتعلمني شيئا أقوله عند منامي . قال : " اقرأ : " قل يا أيها الكافرون " ثم نم على خاتمتها ، فإنها براءة من الشرك " . تفرد به
أحمد .
[ ص: 507 ]
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14687أبو القاسم الطبراني : حدثنا
أحمد بن عمرو القطراني ، حدثنا
محمد بن الطفيل ، حدثنا
شريك ، عن
أبي إسحاق ، عن
جبلة بن حارثة - وهو أخو
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826769 " إذا أويت إلى فراشك فاقرأ : " قل يا أيها الكافرون " حتى تمر بآخرها ، فإنها براءة من الشرك " [ والله أعلم وهو حسبي ونعم الوكيل ] .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
حجاج ، حدثنا
شريك ، عن
أبي إسحاق ، عن
فروة بن نوفل nindex.php?page=hadith&LINKID=824251عن الحارث بن جبلة قال : قلت : يا رسول الله ، علمني شيئا أقوله عند منامي . قال : " إذا أخذت مضجعك من الليل فاقرأ : " قل يا أيها الكافرون " فإنها براءة من الشرك " .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من طريق
شريك ، عن
جابر ، عن
معقل الزبيدي ، عن [
عباد أبي الأخضر ، عن
خباب ]
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه قرأ : " قل يا أيها الكافرون " حتى يختمها .
بسم الله الرحمن الرحيم
(
قل يا أيها الكافرون ( 1 )
لا أعبد ما تعبدون ( 2 )
ولا أنتم عابدون ما أعبد ( 3 )
ولا أنا عابد ما عبدتم ( 4 )
ولا أنتم عابدون ما أعبد ( 5 )
لكم دينكم ولي دين ( 6 ) )
هذه السورة سورة البراءة من العمل الذي يعمله المشركون ، وهي آمرة بالإخلاص فيه ، فقوله : (
قل يا أيها الكافرون ) شمل كل كافر على وجه الأرض ، ولكن المواجهين بهذا الخطاب هم كفار قريش .
وقيل : إنهم من جهلهم دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبادة أوثانهم سنة ، ويعبدون معبوده سنة ، فأنزل الله هذه السورة ، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فيها أن يتبرأ من دينهم بالكلية ، فقال : (
لا أعبد ما تعبدون ) يعني : من الأصنام والأنداد (
ولا أنتم عابدون ما أعبد ) وهو الله وحده لا شريك له . ف " ما " هاهنا بمعنى " من " .
ثم قال : (
ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد ) أي : ولا أعبد عبادتكم ، أي : لا أسلكها ولا أقتدي بها ، وإنما أعبد الله على الوجه الذي يحبه ويرضاه ; ولهذا قال : (
ولا أنتم عابدون ما أعبد ) أي : لا تقتدون بأوامر الله وشرعه في عبادته ، بل قد اخترعتم شيئا من تلقاء أنفسكم ، كما قال : (
إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى ) [ النجم : 23 ] فتبرأ منهم في جميع ما هم فيه ، فإن العابد لا بد له من معبود يعبده ، وعبادة
[ ص: 508 ] يسلكها إليه ، فالرسول وأتباعه يعبدون الله بما شرعه ; ولهذا كان كلمة الإسلام " لا إله إلا الله ، محمد رسول الله " أي : لا معبود إلا الله ولا طريق إليه إلا بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، والمشركون يعبدون غير الله عبادة لم يأذن بها الله ; ولهذا قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم : (
لكم دينكم ولي دين ) كما قال تعالى : (
وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون ) [ يونس : 41 ] وقال : (
لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ) [ القصص : 55 ] .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : يقال : (
لكم دينكم ) الكفر (
ولي دين ) الإسلام . ولم يقل : " ديني " لأن الآيات بالنون ، فحذف الياء ، كما قال : (
فهو يهدين ) [ الشعراء : 78 ] و (
يشفين ) [ الشعراء : 80 ] وقال غيره : لا أعبد ما تعبدون الآن ، ولا أجيبكم فيما بقي من عمري ، ولا أنتم عابدون ما أعبد ، وهم الذين قال : (
وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا ) [ المائدة : 64 ] .
انتهى ما ذكره .
ونقل
ابن جرير عن بعض أهل العربية أن ذلك من باب التأكيد ، كقوله : (
فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) [ الشرح : 5 ، 6 ] وكقوله : (
لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين ) التكاثر : 6 ، 7 ] وحكاه بعضهم -
nindex.php?page=showalam&ids=11890كابن الجوزي ، وغيره - عن
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة ، فالله أعلم . فهذه ثلاثة أقوال : أولها ما ذكرناه أولا . الثاني : ما حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره من المفسرين أن المراد : (
لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ) في الماضي (
ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد ) في المستقبل . الثالث : أن ذلك تأكيد محض .
وثم قول رابع ، نصره
أبو العباس بن تيمية في بعض كتبه ، وهو أن المراد بقوله : (
لا أعبد ما تعبدون ) نفي الفعل لأنها جملة فعلية (
ولا أنا عابد ما عبدتم ) نفي قبوله لذلك بالكلية ; لأن النفي بالجملة الاسمية آكد فكأنه نفى الفعل ، وكونه قابلا لذلك ومعناه نفي الوقوع ونفي الإمكان الشرعي أيضا . وهو قول حسن أيضا ، والله أعلم .
وقد استدل
الإمام أبو عبد الله الشافعي وغيره بهذه الآية الكريمة : (
لكم دينكم ولي دين ) على أن الكفر كله ملة واحدة تورثه اليهود من النصارى ، وبالعكس ; إذا كان بينهما نسب أو سبب يتوارث به ; لأن الأديان - ما عدا الإسلام - كلها كالشيء الواحد في البطلان . وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ومن وافقه إلى عدم
توريث النصارى من اليهود وبالعكس ; لحديث
عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821524 " لا يتوارث أهل ملتين شتى " .
آخر تفسير سورة "
قل يا أيها الكافرون " ولله الحمد والمنة .