بسم الله الرحمن الرحيم
(
قل أعوذ برب الفلق ( 1 )
من شر ما خلق ( 2 )
ومن شر غاسق إذا وقب ( 3 )
ومن شر النفاثات في العقد ( 4 )
ومن شر حاسد إذا حسد ( 5 ) )
[ ص: 535 ]
قال
ابن أبي حاتم : حدثنا
أحمد بن عصام ، حدثنا
أبو أحمد الزبيري ، حدثنا
حسن بن صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13371عبد الله بن محمد بن عقيل عن
جابر قال : الفلق : الصبح .
وقال
العوفي عن
ابن عباس : (
الفلق ) الصبح . وروي عن
مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=13371وعبد الله بن محمد بن عقيل ،
والحسن ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14980ومحمد بن كعب القرظي ،
وابن زيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، مثل هذا .
قال
القرظي وابن زيد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير : وهي كقوله تعالى : (
فالق الإصباح ) [ الأنعام : 96 ] .
وقال
علي بن أبي طلحة عن
ابن عباس : (
الفلق ) الخلق . وكذا قال
الضحاك : أمر الله نبيه أن يتعوذ من الخلق كله .
وقال
كعب الأحبار : (
الفلق ) بيت في جهنم ، إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره ، ورواه
ابن أبي حاتم ، ثم قال :
حدثنا أبي ، حدثنا
سهيل بن عثمان ، عن رجل سماه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي عن
زيد بن علي ، عن آبائه أنهم قالوا : (
الفلق ) جب في قعر جهنم ، عليه غطاء ، فإذا كشف عنه خرجت منه نار تصيح منه جهنم ، من شدة حر ما يخرج منه .
وكذا روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=81عمرو بن عبسة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي وغيرهم . وقد ورد في ذلك حديث مرفوع منكر ، فقال
ابن جرير :
حدثني
إسحاق بن وهب الواسطي ، حدثنا
مسعود بن موسى بن مشكان الواسطي ، حدثنا
نصر بن خزيمة الخراساني ، عن
شعيب بن صفوان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" ( الفلق ) جب في جهنم مغطى " إسناده غريب ولا يصح رفعه .
وقال
أبو عبد الرحمن الحبلي : (
الفلق ) من أسماء جهنم .
قال
ابن جرير : والصواب القول الأول ، أنه فلق الصبح . وهذا هو الصحيح ، وهو اختيار
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري رحمه الله ، في صحيحه .
وقوله : (
من شر ما خلق ) أي : من شر جميع المخلوقات . وقال
ثابت البناني والحسن البصري : جهنم وإبليس وذريته مما خلق .
(
ومن شر غاسق إذا وقب ) قال
مجاهد : غاسق الليل إذا وقب : غروب الشمس . حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عنه . ورواه
ابن أبي نجيح ، عنه . وكذا قال
ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14980ومحمد بن كعب القرظي ،
والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=15822وخصيف ،
والحسن ،
وقتادة : إنه الليل إذا أقبل بظلامه .
[ ص: 536 ] وقال
الزهري : (
ومن شر غاسق إذا وقب ) الشمس إذا غربت . وعن
عطية وقتادة : إذا وقب الليل : إذا ذهب . وقال
أبو المهزم : عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : (
ومن شر غاسق إذا وقب ) كوكب . وقال
ابن زيد : كانت العرب تقول : الغاسق : سقوط الثريا ، وكان الأسقام والطواعين تكثر عند وقوعها ، وترتفع عند طلوعها .
قال
ابن جرير : ولهؤلاء من الأثر ما حدثني :
نصر بن علي ، حدثني
بكار بن عبد الله - ابن أخي همام - ، حدثنا
محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه ، عن
أبي سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم :
" ( ومن شر غاسق إذا وقب ) قال : النجم الغاسق " .
قلت : وهذا الحديث لا يصح رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
قال
ابن جرير : وقال آخرون : هو القمر .
قلت : وعمدة أصحاب هذا القول ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد :
حدثنا
أبو داود الحفري ، عن
ابن أبي ذئب ، عن
الحارث ، عن
أبي سلمة قال : قالت
عائشة رضي الله عنها :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824303أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ، فأراني القمر حين يطلع ، وقال : " تعوذي بالله من شر هذا الغاسق إذا وقب " .
ورواه
الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي في كتابي التفسير من سننيهما ، من حديث
محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ذئب ، عن خاله
الحارث بن عبد الرحمن به . وقال
الترمذي : حسن صحيح . ولفظه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824304 " تعوذي بالله من شر هذا ، فإن هذا الغاسق إذا وقب " . ولفظ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824304 " تعوذي بالله من شر هذا ، هذا الغاسق إذا وقب " .
قال أصحاب القول الأول وهو أنه الليل إذا ولج - : هذا لا ينافي قولنا ; لأن القمر آية الليل ، ولا يوجد له سلطان إلا فيه ، وكذلك النجوم لا تضيء ، إلا في الليل ، فهو يرجع إلى ما قلناه ، والله أعلم .
وقوله : (
ومن شر النفاثات في العقد ) قال
مجاهد ،
وعكرمة ،
والحسن ،
وقتادة ،
والضحاك : يعني : السواحر - قال
مجاهد : إذا رقين ونفثن في العقد .
وقال
ابن جرير : حدثنا
ابن عبد الأعلى ، حدثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
ابن طاوس ، عن أبيه قال : ما من شيء أقرب من الشرك من رقية الحية والمجانين .
وفي الحديث الآخر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824305أن جبريل جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اشتكيت يا محمد ؟ فقال : " نعم " . فقال : بسم الله أرقيك ، من كل داء يؤذيك ، ومن شر كل حاسد وعين ، الله يشفيك .
[ ص: 537 ]
ولعل هذا كان من شكواه ، عليه السلام ، حين سحر ، ثم عافاه الله تعالى وشفاه ، ورد كيد السحرة الحساد من
اليهود في رءوسهم ، وجعل تدميرهم في تدبيرهم ، وفضحهم ، ولكن مع هذا لم يعاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما من الدهر ، بل كفى الله وشفى وعافى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
أبو معاوية ، حدثنا
الأعمش ، عن
يزيد بن حيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824306سحر النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود فاشتكى لذلك أياما ، قال : فجاءه جبريل فقال : إن رجلا من اليهود سحرك ، عقد لك عقدا في بئر كذا وكذا ، فأرسل إليها من يجيء بها . فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم [ عليا رضي الله تعالى عنه ] فاستخرجها ، فجاء بها فحللها قال : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما نشط من عقال ، فما ذكر ذلك لليهودي ولا رآه في وجهه [ قط ] حتى مات .
ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، عن
هناد ، عن
أبي معاوية محمد بن حازم الضرير .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " كتاب الطب " من صحيحه : حدثنا
عبد الله بن محمد قال : سمعت
سفيان بن عيينة يقول : أول من حدثنا به
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، يقول : حدثني
آل عروة ، عن
عروة فسألت
هشاما عنه ، فحدثنا عن أبيه ، عن
عائشة قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824307كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر ، حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن - قال سفيان : وهذا أشد ما يكون من السحر ، إذا كان كذا - فقال : " يا عائشة أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه ؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي ، والآخر عند رجلي ، فقال الذي عند رأسي للآخر : ما بال الرجل ؟ قال : مطبوب . قال : ومن طبه ؟ قال : لبيد بن أعصم - رجل من بني زريق حليف ليهود كان منافقا - وقال : وفيم ؟ قال : في مشط ومشاقة . قال : وأين ؟ قال : في جف طلعة ذكر تحت رعوفة في بئر ذروان " . قالت : فأتى [ النبي صلى الله عليه وسلم ] البئر حتى استخرجه فقال : " هذه البئر التي أريتها ، وكأن ماءها نقاعة الحناء ، وكأن نخلها رءوس الشياطين " . قال : فاستخرج . [ قالت ] . فقلت : أفلا ؟ أي : تنشرت ؟ فقال : " أما الله فقد شفاني ، وأكره أن أثير على أحد من الناس شرا " .
وأسنده من حديث
عيسى بن يونس nindex.php?page=showalam&ids=12049وأبي ضمرة أنس بن عياض وأبي أسامة nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى القطان وفيه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826793 " قالت : حتى كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله " . وعنده : " فأمر بالبئر فدفنت " . وذكر أنه رواه عن
هشام أيضا
ابن أبي الزناد nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد .
وقد رواه
مسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11804أبي أسامة حماد بن أسامة nindex.php?page=showalam&ids=16421وعبد الله بن نمير . ورواه
أحمد عن
[ ص: 538 ] عفان ، عن
وهيب ، عن
هشام به .
ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد أيضا عن
إبراهيم بن خالد ، عن
رباح ، عن
معمر ، عن
هشام عن أبيه ، عن
عائشة قالت : لبث رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر يرى أنه يأتي ولا يأتي ، فأتاه ملكان ، فجلس أحدهما عند رأسه ، والآخر عند
nindex.php?page=hadith&LINKID=824308رجليه ، فقال أحدهما للآخر : ما باله ؟ قال : مطبوب . قال : ومن طبه ؟ قال : nindex.php?page=showalam&ids=10لبيد بن الأعصم وذكر تمام الحديث .
وقال الأستاذ المفسر
الثعلبي في تفسيره : قال
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة رضي الله عنهما :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826794كان غلام من اليهود يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدبت إليه اليهود فلم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي صلى الله عليه وسلم وعدة أسنان من مشطه ، فأعطاها اليهود فسحروه فيها . وكان الذي تولى ذلك رجل منهم - يقال له : [ لبيد ] بن أعصم - ثم دسها في بئر لبني زريق ، ويقال لها : ذروان ، فمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتثر شعر رأسه ، ولبث ستة أشهر يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن ، وجعل يذوب ولا يدري ما عراه . فبينما هو نائم إذ أتاه ملكان فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه ، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه : ما بال الرجل ؟ قال : طب . قال : وما طب ؟ قال : سحر . قال : ومن سحره ؟ قال : لبيد بن أعصم اليهودي . قال : وبم طبه ؟ قال : بمشط ومشاطة . قال : وأين هو ؟ قال : في جف طلعة تحت راعوفة في بئر ذروان - والجف : قشر الطلع ، والراعوفة : حجر في أسفل البئر ناتئ يقوم عليه الماتح - فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم مذعورا ، وقال : " يا عائشة ، أما شعرت أن الله أخبرني بدائي ؟ " . ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا والزبير nindex.php?page=showalam&ids=56وعمار بن ياسر ، فنزحوا ماء البئر كأنه نقاعة الحناء ، ثم رفعوا الصخرة ، وأخرجوا الجف ، فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان من مشطه ، وإذا فيه وتر معقود ، فيه اثنتا عشرة عقدة مغروزة بالإبر . فأنزل الله تعالى السورتين ، فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ، ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة حين انحلت العقدة الأخيرة ، فقام كأنما نشط من عقال ، وجعل جبريل عليه السلام ، يقول : باسم الله أرقيك ، من كل شيء يؤذيك ، من حاسد وعين الله يشفيك . فقالوا : يا رسول الله ، أفلا نأخذ الخبيث نقتله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما أنا فقد شفاني الله ، وأكره أن يثير على الناس شرا " .
هكذا أورده بلا إسناد ، وفيه غرابة ، وفي بعضه نكارة شديدة ، ولبعضه شواهد مما تقدم ، والله أعلم .