[ ص: 539 ] (
قل أعوذ برب الناس ( 1 )
ملك الناس ( 2 )
إله الناس ( 3 )
من شر الوسواس الخناس ( 4 )
الذي يوسوس في صدور الناس ( 5 )
من الجنة والناس ( 6 ) )
هذه ثلاث صفات من صفات الرب عز وجل : الربوبية ، والملك ، والإلهية ؛ فهو رب كل شيء ومليكه وإلهه ، فجميع الأشياء مخلوقة له ، مملوكة عبيد له ، فأمر المستعيذ أن يتعوذ بالمتصف بهذه الصفات ، من شر الوسواس الخناس ، وهو الشيطان الموكل بالإنسان ، فإنه ما من أحد من بني آدم إلا وله قرين يزين له الفواحش ، ولا يألوه جهدا في الخبال . والمعصوم من عصم الله ، وقد ثبت في الصحيح أنه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824309 " ما منكم من أحد إلا قد وكل به قرينة " . قالوا : وأنت يا رسول الله ؟ قال : " نعم ، إلا أن الله أعانني عليه ، فأسلم ، فلا يأمرني إلا بخير " وثبت في الصحيح ، عن
أنس في قصة زيارة
صفية النبي صلى الله عليه وسلم وهو معتكف ، وخروجه معها ليلا ليردها إلى منزلها ، فلقيه رجلان من الأنصار ، فلما رأيا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرعا ، فقال رسول الله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824310 " على رسلكما ، إنها nindex.php?page=showalam&ids=199صفية بنت حيي " . فقالا سبحان الله يا رسول الله . فقال : " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا ، أو قال : شرا " .
وقال الحافظ
أبو يعلى الموصلي : حدثنا
محمد بن بحر ، حدثنا
عدي بن أبي عمارة ، حدثنا
زياد النميري ، عن
أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501538 " إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم ، فإن ذكر خنس ، وإن نسي التقم قلبه ، فذلك الوسواس الخناس " غريب .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
محمد بن جعفر ، حدثنا
شعبة ، عن
عاصم ، سمعت
أبا تميمة يحدث عن رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824311عثر بالنبي صلى الله عليه وسلم حماره ، فقلت : تعس الشيطان . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تقل : تعس الشيطان ; فإنك إذا قلت : تعس الشيطان ، تعاظم ، وقال : بقوتي صرعته ، وإذا قلت : بسم الله ، تصاغر حتى يصير مثل الذباب " .
تفرد به
أحمد إسناده جيد قوي ، وفيه دلالة على أن
القلب متى ذكر الله تصاغر الشيطان وغلب ، وإن لم يذكر الله تعاظم وغلب .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
أبو بكر الحنفي ، حدثنا
الضحاك بن عثمان ، عن
سعيد المقبري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824312 " إن أحدكم إذا كان في المسجد ، جاءه الشيطان فأبس [ ص: 540 ] به كما يبس الرجل بدابته ، فإذا سكن له زنقه - أو : ألجمه " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : وأنتم ترون ذلك ، أما المزنوق فتراه مائلا - كذا - لا يذكر الله ، وأما الملجم ففاتح فاه لا يذكر الله عز وجل . تفرد به
أحمد .
وقال
سعيد بن جبير عن
ابن عباس في قوله : (
الوسواس الخناس ) قال : الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها وغفل وسوس ، فإذا ذكر الله خنس . وكذا قال
مجاهد وقتادة .
وقال
المعتمر بن سليمان ، عن أبيه : ذكر لي أن الشيطان ، أو الوسواس ينفث في قلب ابن آدم عند الحزن وعند الفرح ، فإذا ذكر الله خنس .
وقال
العوفي عن
ابن عباس في قوله : (
الوسواس ) قال : هو الشيطان يأمر ، فإذا أطيع خنس .
وقوله : (
الذي يوسوس في صدور الناس ) هل يختص هذا ببني آدم - كما هو الظاهر - أو يعم بني آدم والجن ؟ فيه قولان ، ويكونون قد دخلوا في لفظ الناس تغليبا .
وقال
ابن جرير : وقد استعمل فيهم ( رجال من الجن ) فلا بدع في إطلاق الناس عليهم .
وقوله : (
من الجنة والناس ) هل هو تفصيل لقوله : (
الذي يوسوس في صدور الناس ) ثم بينهم فقال : (
من الجنة والناس ) وهذا يقوي القول الثاني . وقيل قوله : (
من الجنة والناس ) تفسير للذي يوسوس في صدور الناس ، من شياطين الإنس والجن ، كما قال تعالى : (
وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) [ الأنعام : 112 ] ، وكما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، حدثنا
المسعودي ، حدثنا
أبو عمر الدمشقي ، حدثنا
عبيد بن الخشخاش ، عن
أبي ذر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824313أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد ، فجلست ، فقال : " يا أبا ذر ، هل صليت ؟ " . قلت : لا . قال : " قم فصل " . قال : فقمت فصليت ، ثم جلست فقال : " يا أبا ذر ، تعوذ بالله من شر شياطين الإنس والجن " .
قال : قلت : يا رسول الله ، وللإنس شياطين ؟ قال : " نعم " . قال : قلت : يا رسول الله ، الصلاة ؟ قال : " خير موضوع ، من شاء أقل ، ومن شاء أكثر " . قلت : يا رسول الله فما الصوم ؟ قال : " فرض يجزئ ، وعند الله مزيد " . قلت : يا رسول الله ، فالصدقة ؟ قال : " أضعاف مضاعفة " . قلت : يا رسول الله ، أيها أفضل ؟ قال : " جهد من مقل ، أو سر إلى فقير " . قلت : يا رسول الله ، أي الأنبياء كان أول ؟ قال : " آدم " . قلت : يا رسول الله ، ونبي كان ؟ قال : " نعم ، نبي مكلم " . قلت : يا رسول الله ، كم المرسلون ؟ قال : " ثلثمائة وبضعة عشر ، جما غفيرا " . وقال مرة : " خمسة عشر " . قلت : يا رسول الله ، أيما أنزل عليك أعظم ؟ [ ص: 541 ] قال : " آية الكرسي : ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )
ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من حديث
أبي عمر الدمشقي به . وقد أخرج هذا الحديث مطولا جدا
nindex.php?page=showalam&ids=13053أبو حاتم بن حبان في صحيحه ، بطريق آخر ، ولفظ آخر مطول جدا ، فالله أعلم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
منصور ، عن
ذر بن عبد الله الهمداني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16439عبد الله بن شداد ، عن
ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824314جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني أحدث نفسي بالشيء لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به . قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " الله أكبر الله أكبر ، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة " .
ورواه
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث
منصور - زاد
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش - كلاهما عن
ذر به .
آخر التفسير ، ولله الحمد والمنة ، والحمد لله رب العالمين . وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين . ورضي الله عن الصحابة أجمعين . حسبنا الله ونعم الوكيل .
وكان الفراغ منه في العاشر من جمادى الأولى سنة خمس وعشرين وثمانين . والحمد له وحده .