(
وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير ( 237 ) )
وهذه الآية الكريمة مما يدل على اختصاص المتعة بما دلت عليه الآية الأولى حيث إنما أوجب في هذه الآية نصف المهر المفروض ، وإذا طلق الزوج قبل الدخول ، فإنه لو كان ثم واجب آخر من
[ ص: 643 ] متعة لبينها لا سيما وقد قرنها بما قبلها من اختصاص المتعة بتلك الحالة والله أعلم .
وتشطير الصداق والحالة هذه أمر مجمع عليه بين العلماء ، لا خلاف بينهم في ذلك ، فإنه متى كان قد سمى لها صداقا ثم فارقها قبل دخوله بها ، فإنه يجب لها نصف ما سمى من الصداق ، إلا أن عند الثلاثة أنه يجب جميع الصداق إذا خلا بها الزوج ، وإن لم يدخل بها ، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في القديم ، وبه حكم الخلفاء الراشدون ، لكن قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=14429مسلم بن خالد ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
ليث بن أبي سليم ، عن
طاوس ، عن
ابن عباس أنه قال : في الرجل يتزوج المرأة فيخلو بها ولا يمسها ثم يطلقها ليس لها إلا نصف الصداق ; لأن الله يقول : (
وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : هذا أقوى وهو ظاهر الكتاب .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي :
nindex.php?page=showalam&ids=16861وليث بن أبي سليم وإن كان غير محتج به ، فقد رويناه من حديث
ابن أبي طلحة ، عن
ابن عباس فهو يقوله .
وقوله : (
إلا أن يعفون ) أي : النساء عما وجب لها على زوجها من النصف ، فلا يجب لها عليه شيء .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عن
أبي صالح ، عن
ابن عباس في قوله : (
إلا أن يعفون ) قال : إلا أن تعفو الثيب فتدع حقها . قال الإمام
أبو محمد بن أبي حاتم ، رحمه الله : وروي عن
شريح ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ،
وعكرمة ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
والحسن ،
ونافع ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16566وعطاء الخراساني ،
والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ، نحو ذلك . قال : وخالفهم
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي فقال : (
إلا أن يعفون ) يعني : الرجال ، وهو قول شاذ لم يتابع عليه . انتهى كلامه .
وقوله : (
أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ) قال
ابن أبي حاتم : ذكر عن
ابن لهيعة ، حدثني
عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم [ قال ] :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824427 " ولي عقدة النكاح الزوج " .
وهكذا أسنده
ابن مردويه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16457عبد الله بن لهيعة ، به . وقد أسنده
ابن جرير ، عن
ابن لهيعة ، عن
عمرو بن شعيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكره ولم يقل : عن أبيه ، عن جده ، فالله أعلم .
ثم قال
ابن أبي حاتم ، رحمه الله : وحدثنا
يونس بن حبيب ، حدثنا
أبو داود ، حدثنا
جرير ، يعني
ابن حازم ، عن
عيسى يعني ابن عاصم قال : سمعت
شريحا يقول : سألني
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب [ ص: 644 ] عن الذي بيده عقدة النكاح . فقلت له : هو ولي المرأة . فقال علي : لا بل هو الزوج .
ثم قال : وفي إحدى الروايات عن
ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=67وجبير بن مطعم ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ،
وشريح في أحد قوليه
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
وعكرمة ،
ونافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972ومحمد بن سيرين ،
والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=14980ومحمد بن كعب القرظي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد ،
وأبي مجلز ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12444وإياس بن معاوية ،
ومكحول ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان : أنه الزوج .
قلت : وهذا هو الجديد من قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، ومذهب
أبي حنيفة . وأصحابه ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=16438وابن شبرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، واختاره
ابن جرير . ومأخذ هذا القول : أن الذي بيده عقدة النكاح حقيقة الزوج ، فإن بيده عقدها وإبرامها ونقضها وانهدامها ، وكما أنه لا يجوز للولي أن يهب شيئا من مال المولية للغير ، فكذلك في الصداق .
قال : والوجه الثاني : حدثنا أبي ، حدثنا
ابن أبي مريم ، حدثنا
محمد بن مسلم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، عن
ابن عباس في الذي ذكر الله بيده عقدة النكاح قال : ذلك أبوها أو أخوها ، أو من لا تنكح إلا بإذنه ، وروي عن
علقمة ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ،
وربيعة ،
وزيد بن أسلم ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ،
وعكرمة في أحد قوليه ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972ومحمد بن سيرين في أحد قوليه : أنه الولي . وهذا مذهب
مالك ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في القديم ; ومأخذه أن الولي هو الذي أكسبها إياه ، فله التصرف فيه بخلاف سائر مالها .
وقال
ابن جرير : حدثنا
سعيد بن الربيع الرازي ، حدثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، عن
عكرمة قال : أذن الله في العفو وأمر به ، فأي امرأة عفت جاز عفوها ، فإن شحت وضنت عفا وليها وجاز عفوه .
وهذا يقتضي صحة عفو الولي ، وإن كانت رشيدة ، وهو مروي عن
شريح . لكن أنكر عليه
الشعبي ، فرجع عن ذلك ، وصار إلى أنه الزوج وكان يباهل عليه .
وقوله : (
وأن تعفوا أقرب للتقوى ) قال
ابن جرير : قال بعضهم : خوطب به الرجال ، والنساء . حدثني
يونس ، أخبرنا
ابن وهب ، سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج يحدث عن
عطاء بن أبي رباح ، عن
ابن عباس : (
وأن تعفوا أقرب للتقوى ) قال : أقربهما للتقوى الذي يعفو .
وكذا روي عن
الشعبي وغيره ، وقال
مجاهد ،
والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري : الفضل هاهنا أن تعفو المرأة عن شطرها ، أو إتمام الرجل الصداق لها . ولهذا قال : (
ولا تنسوا الفضل [ بينكم ] ) أي : الإحسان ، قاله
سعيد . وقال
الضحاك ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16115وأبو وائل : المعروف ، يعني : لا تهملوه بل استعملوه بينكم .
وقد قال
أبو بكر بن مردويه : حدثنا
محمد بن أحمد بن إبراهيم ، حدثنا
موسى بن إسحاق ، [ ص: 645 ] حدثنا
عقبة بن مكرم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير ، حدثنا
عبيد الله بن الوليد الوصافي ، عن
عبد الله بن عبيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824428 " ليأتين على الناس زمان عضوض ، يعض المؤمن على ما في يديه وينسى الفضل ، وقد قال الله تعالى : ( ولا تنسوا الفضل بينكم ) شرار يبايعون كل مضطر ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر ، وعن بيع الغرر ، فإن كان عندك خير فعد به على أخيك ، ولا تزده هلاكا إلى هلاكه ، فإن المسلم أخو المسلم لا يحزنه ولا يحرمه " .
وقال
سفيان ، عن
أبي هارون قال : رأيت
عون بن عبد الله في مجلس
القرظي ، فكان
عون يحدثنا ولحيته ترش من البكاء ويقول : صحبت الأغنياء فكنت من أكثرهم هما ، حين رأيتهم أحسن ثيابا ، وأطيب ريحا ، وأحسن مركبا [ مني ] . وجالست الفقراء فاسترحت بهم ، وقال : (
ولا تنسوا الفضل بينكم ) إذا أتاه السائل وليس عنده شيء فليدع له : رواه
ابن أبي حاتم .
(
إن الله بما تعملون بصير ) أي : لا يخفى عليه شيء من أموركم وأحوالكم ، وسيجزي كل عامل بعمله .