(
حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ( 238 )
فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون ( 239 ) )
يأمر الله تعالى بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها ، وحفظ حدودها وأدائها في أوقاتها ، كما ثبت في الصحيحين
nindex.php?page=hadith&LINKID=820548عن ابن مسعود قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي العمل أفضل ؟ قال : " الصلاة على وقتها " . قلت : ثم أي ؟ قال : " الجهاد في سبيل الله " . قلت : ثم أي ؟ قال : " بر الوالدين " . قال : حدثني بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو استزدته لزادني .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
يونس ، حدثنا
ليث ، عن
عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم ، عن
القاسم بن غنام ، عن جدته أم أبيه الدنيا ، عن جدته
أم فروة وكانت ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر الأعمال ، فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820638إن أحب الأعمال إلى الله تعجيل الصلاة لأول وقتها " .
وهكذا رواه
أبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وقال : لا نعرفه إلا من طريق
العمري ، وليس بالقوي عند أهل الحديث :
وخص تعالى من بينها بمزيد التأكيد
الصلاة الوسطى . وقد اختلف السلف والخلف فيها : أي
[ ص: 646 ] صلاة هي ؟ فقيل : إنها الصبح . حكاه
مالك في الموطأ بلاغا عن
علي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس [ قال :
مالك : وذلك رأيي ] . وقال
هشيم ،
nindex.php?page=showalam&ids=13382وابن علية ،
وغندر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16893وابن أبي عدي ،
وعبد الوهاب ،
وشريك وغيرهم ، عن
عوف الأعرابي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12004أبي رجاء العطاردي قال : صليت خلف
ابن عباس الفجر ، فقنت فيها ، ورفع يديه ، ثم قال : هذه الصلاة الوسطى التي أمرنا أن نقوم فيها قانتين . رواه
ابن جرير . ورواه أيضا من حديث
عوف ، عن
خلاس بن عمرو ، عن
ابن عباس ، مثله سواء .
وقال
ابن جرير : حدثنا
ابن بشار ، حدثنا
عبد الوهاب ، حدثنا
عوف ، عن
أبي المنهال ، عن
أبي العالية ، عن
ابن عباس : أنه صلى الغداة في مسجد
البصرة ، فقنت قبل الركوع وقال : هذه الصلاة الوسطى التي ذكرها الله في كتابه فقال : (
حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين )
وقال أيضا : حدثنا
محمد بن عيسى الدامغاني ، أخبرنا
ابن المبارك ، أخبرنا
الربيع بن أنس ، عن
أبي العالية قال : صليت خلف
nindex.php?page=showalam&ids=110عبد الله بن قيس بالبصرة صلاة الغداة ، فقلت لرجل من أصحاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، إلى جانبي : ما الصلاة الوسطى ؟ قال : هذه الصلاة .
وروي من طريق أخرى عن
الربيع ، عن
أبي العالية : أنه صلى مع أصحاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، صلاة الغداة ، فلما فرغوا قال ، قلت لهم : أيتهن الصلاة الوسطى ؟ قالوا : التي قد صليتها قبل .
وقال أيضا : حدثنا
ابن بشار ، حدثنا
ابن عتمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15991سعيد بن بشير ، عن
قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال : الصلاة الوسطى : صلاة الصبح .
وحكاه
ابن أبي حاتم ، عن
ابن عمر ،
وأبي أمامة ،
وأنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبي العالية ،
nindex.php?page=showalam&ids=16531وعبيد بن عمير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد ،
وعكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس . ورواه
ابن جرير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16439عبد الله بن شداد بن الهاد أيضا وهو الذي نص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، رحمه الله ، محتجا بقوله : (
وقوموا لله قانتين ) والقنوت عنده في صلاة الصبح . [ ونقله
الدمياطي عن
عمر ،
ومعاذ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة على خلاف منهم ،
وأبي موسى ،
وجابر ،
وأنس ،
وأبي الشعثاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
وعكرمة ،
ومجاهد ] .
ومنهم من قال : هي الوسطى باعتبار أنها لا تقصر ، وهي بين صلاتين رباعيتين مقصورتين . وترد المغرب . وقيل : لأنها بين صلاتي ليل جهريتين ، وصلاتي نهار سريتين .
وقيل : إنها صلاة الظهر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي في مسنده : حدثنا
ابن أبي ذئب ، عن
الزبرقان [ ص: 647 ] يعني ابن عمرو عن
nindex.php?page=showalam&ids=15928زهرة يعني ابن معبد قال : كنا جلوسا عند
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ، فأرسلوا إلى
أسامة ، فسألوه عن الصلاة الوسطى ، فقال : هي الظهر ، كان النبي صلى الله عليه وسلم ، يصليها بالهجير .
وقال [ الإمام ]
أحمد : حدثنا
محمد بن جعفر ، حدثنا
شعبة ، حدثني
عمرو بن أبي حكيم ، سمعت
الزبرقان يحدث عن
عروة بن الزبير ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=820548عن nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة ، ولم يكن يصلي صلاة أشد على أصحاب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، منها ، فنزلت : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) وقال : " إن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين " ، ورواه
أبو داود في سننه ، من حديث
شعبة ، به .
وقال
أحمد أيضا : حدثنا
يزيد ، حدثنا
ابن أبي ذئب عن
الزبرقان أن رهطا من
قريش مر بهم
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ، وهم مجتمعون ، فأرسلوا إليه غلامين لهم ; يسألانه عن الصلاة الوسطى ، فقال : هي العصر . فقام إليه رجلان منهم فسألاه ، فقال : هي الظهر . ثم انصرفا إلى
أسامة بن زيد فسألاه ، فقال : هي الظهر ; إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الظهر بالهجير ، فلا يكون وراءه إلا الصف والصفان ، والناس في قائلتهم وفي تجارتهم ، فأنزل الله : (
حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ) قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820639 " لينتهين رجال أو لأحرقن بيوتهم " .
الزبرقان هو ابن عمرو بن أمية الضمري ، لم يدرك أحدا من الصحابة . والصحيح ما تقدم من روايته ، عن
زهرة بن معبد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة بن الزبير .
وقال
شعبة nindex.php?page=showalam&ids=17258وهمام ، عن
قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، عن
ابن عمر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت قال : الصلاة الوسطى : صلاة الظهر .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي وغيره ، عن
شعبة ، أخبرني
عمر بن سليمان ، من ولد
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قال : سمعت
عبد الرحمن بن أبان بن عثمان ، يحدث عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت قال : الصلاة الوسطى هي الظهر .
ورواه
ابن جرير ، عن
زكريا بن يحيى بن أبي زائدة ، عن
عبد الصمد ، عن
شعبة ، عن
عمر بن سليمان ، به ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ، في حديث رفعه قال : الصلاة الوسطى صلاة الظهر .
وممن روي عنه أنها الظهر :
ابن عمر ،
وأبو سعيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة على اختلاف عنهم . وهو قول
عروة بن الزبير ،
وعبد الله بن شداد بن الهاد . ورواية عن
أبي حنيفة ، رحمهم الله .
وقيل : إنها صلاة العصر . قال
الترمذي والبغوي ، رحمهما الله : وهو قول أكثر علماء الصحابة وغيرهم ، وقال القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي : وهو قول جمهور التابعين . وقال الحافظ
أبو عمر بن عبد البر : هو قول أكثر أهل الأثر . وقال
أبو محمد بن عطية في تفسيره : هو قول جمهور الناس . وقال الحافظ
[ ص: 648 ] أبو محمد عبد المؤمن بن خلف الدمياطي في كتابه المسمى : " كشف المغطى ، في تبيين الصلاة الوسطى " : وقد نصر فيه أنها العصر ، وحكاه عن
عمر ،
وعلي ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ،
وأبي أيوب ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=24وسمرة بن جندب ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ،
وأبي سعيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة ،
nindex.php?page=showalam&ids=10583وأم حبيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة . وعن
ابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة على الصحيح عنهم . وبه قال
عبيدة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15916وزر بن حبيش ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ،
والحسن ،
وقتادة ،
والضحاك ،
والكلبي ،
ومقاتل ،
وعبيد بن أبي مريم ، وغيرهم وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل . قال القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي :
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي . قال
ابن المنذر : وهو الصحيح عن
أبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف ،
ومحمد ، واختاره ابن
حبيب المالكي ، رحمهم الله .
ذكر الدليل على ذلك :
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
أبو معاوية ، حدثنا
الأعمش عن
مسلم ، عن
شتير بن شكل عن
علي nindex.php?page=hadith&LINKID=820640قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب : " شغلونا عن الصلاة الوسطى ، صلاة العصر ، ملأ الله قلوبهم وبيوتهم نارا " . ثم صلاها بين العشاءين : المغرب والعشاء .
وكذا رواه
مسلم ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12156أبي معاوية محمد بن حازم الضرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من طريق
عيسى بن يونس ، كلاهما عن
الأعمش عن
nindex.php?page=showalam&ids=11870مسلم بن صبيح عن
أبي الضحى ، عن
شتير بن شكل بن حميد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .
وقد رواه
مسلم أيضا ، من طريق
شعبة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم بن عتيبة عن
يحيى بن الجزار ، عن
علي ، به .
وأخرجه الشيخان ،
وأبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، وغير واحد من أصحاب المساند والسنن ، والصحاح من طرق يطول ذكرها ، عن
عبيدة السلماني ، عن
علي ، به .
ورواه
الترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ، عن
علي ، به . قال
الترمذي : ولا يعرف سماعه منه .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
أحمد بن سنان ، حدثنا
عبد الرحمن بن مهدي ، عن
سفيان ، عن
عاصم ، عن
زر : قال قلت
لعبيدة : سل
عليا عن صلاة الوسطى ، فسأله ، فقال : كنا نراها الفجر أو الصبح حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الأحزاب : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=820641شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ، ملأ الله قبورهم وأجوافهم أو بيوتهم نارا " ورواه
ابن جرير ، عن
بندار ، عن
ابن مهدي ،
[ ص: 649 ] به .
وحديث يوم الأحزاب ، وشغل المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه عن أداء صلاة العصر يومئذ ، مروي عن جماعة من الصحابة يطول ذكرهم ، وإنما المقصود رواية من نص منهم في روايته أن الصلاة الوسطى : هي صلاة العصر . وقد رواه
مسلم أيضا ، من حديث
ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=48والبراء بن عازب رضي الله عنهما .
حديث آخر : قال الإمام
أحمد : حدثنا
عفان ، حدثنا
همام ، عن
قتادة ، عن
الحسن ، عن
سمرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820642 " صلاة الوسطى : صلاة العصر " .
وحدثنا
بهز ،
وعفان قالا حدثنا
أبان ، حدثنا
قتادة ، عن
الحسن ، عن
سمرة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500841أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم قال : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) وسماها لنا أنها هي : صلاة العصر .
وحدثنا
محمد بن جعفر ،
وروح ، قالا : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة ، عن
الحسن ، عن
سمرة بن جندب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500842 " هي العصر " . قال
ابن جعفر : سئل عن صلاة الوسطى .
ورواه الترمذي ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة ، عن
قتادة ، عن
الحسن ، عن
سمرة . وقال : حسن صحيح : وقد سمع منه .
[ حديث آخر ] : وقال
ابن جرير : حدثنا
أحمد بن منيع ، حدثنا
عبد الوهاب بن عطاء ، عن
التيمي ، عن
أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500843 " الصلاة الوسطى صلاة العصر " .
طريق أخرى ، بل حديث آخر : وقال
ابن جرير : حدثني
المثنى ، حدثنا
سليمان بن أحمد الجرشي الواسطي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم . قال : أخبرني
صدقة بن خالد ، حدثني
خالد بن دهقان ، عن
خالد بن سبلان ، عن
كهيل بن حرملة . قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500844سئل nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة عن الصلاة الوسطى ، فقال : اختلفنا فيها كما اختلفتم فيها ، ونحن بفناء بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفينا الرجل الصالح : أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ، فقال : أنا أعلم لكم ذلك : فقام فاستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخل عليه ، ثم خرج إلينا فقال : أخبرنا أنها صلاة العصر غريب من هذا الوجه جدا .
حديث آخر : قال
ابن جرير : حدثنا
أحمد بن إسحاق ، حدثنا
أبو أحمد ، حدثنا
عبد السلام ، عن
سالم مولى أبي بصير حدثني
إبراهيم بن يزيد الدمشقي قال : كنت جالسا عند
عبد العزيز بن [ ص: 650 ] مروان فقال : يا فلان ، اذهب إلى فلان فقل له : أي شيء سمعت من رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . في الصلاة الوسطى ؟ فقال رجل جالس : أرسلني
أبو بكر وعمر وأنا غلام صغير أسأله عن الصلاة الوسطى ، فأخذ إصبعي الصغيرة فقال : هذه الفجر ، وقبض التي تليها ، فقال : هذه الظهر . ثم قبض الإبهام ، فقال : هذه المغرب . ثم قبض التي تليها ، فقال : هذه العشاء . ثم قال : أي أصابعك بقيت ؟ فقلت : الوسطى . فقال : أي الصلاة بقيت ؟ فقلت : العصر . فقال : هي العصر . غريب أيضا .
حديث آخر : قال
ابن جرير : حدثني
محمد بن عوف الطائي ، حدثنا
محمد بن إسماعيل بن عياش حدثني أبي ، حدثني
ضمضم بن زرعة ، عن
شريح بن عبيد ، عن
أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=820643الصلاة الوسطى صلاة العصر " . إسناده لا بأس به .
حديث آخر : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13053أبو حاتم بن حبان في صحيحه : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13952أحمد بن يحيى بن زهير ، حدثنا
الجراح بن مخلد ، حدثنا
عمرو بن عاصم ، حدثنا
همام عن
قتادة عن
مورق العجلي ، عن
أبي الأحوص ، عن
عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820642 " صلاة الوسطى صلاة العصر " .
وقد روى
الترمذي ، من حديث
محمد بن طلحة بن مصرف ، عن
زبيد اليامي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17058مرة الهمداني ، عن
ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820642 " صلاة الوسطى صلاة العصر " ثم قال : حسن صحيح .
وأخرجه
مسلم في صحيحه ، من طريق
محمد بن طلحة ، به ولفظه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820644 " شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر " الحديث .
فهذه نصوص في المسألة لا تحتمل شيئا ، ويؤكد ذلك الأمر بالمحافظة عليها ، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ، من رواية
الزهري ، عن
سالم ، عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820645 " من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله " . وفي الصحيح أيضا ، من حديث
الأوزاعي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير ، عن
أبي قلابة ، عن
أبي المهاجر عن
بريدة بن
الحصيب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820646 " بكروا بالصلاة في يوم الغيم ، فإنه من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله " .
[ ص: 651 ]
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
يحيى بن إسحاق ، أخبرنا
ابن لهيعة ، عن
عبد الله بن هبيرة ، عن
أبي تميم ، nindex.php?page=hadith&LINKID=3500845عن أبي بصرة الغفاري قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في واد من أوديتهم ، يقال له : المخمص صلاة العصر ، فقال : " إن هذه الصلاة صلاة العصر عرضت على الذين من قبلكم فضيعوها ، ألا ومن صلاها ضعف له أجره مرتين ، ألا ولا صلاة بعدها حتى تروا الشاهد " .
ثم قال : رواه عن
يحيى بن إسحاق ، عن
الليث ، عن
خير بن نعيم ، عن
عبد الله بن هبيرة ، به .
وهكذا رواه
مسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي جميعا ، عن
قتيبة ، عن
الليث . ورواه
مسلم أيضا من حديث
محمد بن إسحاق ، حدثني
يزيد بن أبي حبيب كلاهما عن
خير بن نعيم الحضرمي ، عن
عبد الله ابن هبيرة السبائي .
فأما الحديث الذي رواه الإمام
أحمد أيضا : حدثنا
إسحاق ، أخبرني
مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، عن
القعقاع بن حكيم ، nindex.php?page=hadith&LINKID=3500846عن أبي يونس مولى عائشة قال : أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفا ، قالت : إذا بلغت هذه الآية : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) فآذني . فلما بلغتها آذنتها ، فأملت علي : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين " قالت : سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا رواه
مسلم ، عن
يحيى بن يحيى ، عن
مالك ، به .
وقال
ابن جرير : حدثني
المثنى ، حدثنا
الحجاج ، حدثنا
حماد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه قال : كان في مصحف
عائشة : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر " . وهكذا رواه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأها كذلك . وقد روى الإمام
مالك أيضا ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم عن
عمرو بن رافع قال : كنت أكتب مصحفا
nindex.php?page=showalam&ids=41لحفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : إذا بلغت هذه الآية : (
حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) فآذني فلما بلغتها آذنتها . فأملت علي : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين " .
وهكذا رواه
محمد بن إسحاق بن يسار فقال : حدثني
أبو جعفر محمد بن علي ،
nindex.php?page=showalam&ids=17191ونافع مولى ابن عمر : أن
عمر بن نافع قال . . . فذكر مثله ، وزاد : كما حفظتها من النبي صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 652 ]
طريق أخرى عن
حفصة : قال
ابن جرير : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، حدثنا
محمد بن جعفر ، حدثنا
شعبة ، عن
أبي بشر ، عن
عبد الله بن يزيد الأزدي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله : أن
حفصة أمرت إنسانا أن يكتب لها مصحفا ، فقالت : إذا بلغت هذه الآية : (
حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) فآذني . فلما بلغ آذنها فقالت : اكتب : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر " .
طريق أخرى : قال
ابن جرير : حدثني
ابن المثنى عبد الوهاب ، حدثنا
عبيد الله ، عن
نافع ، أن
حفصة أمرت مولى لها أن يكتب لها مصحفا فقالت : إذا بلغت هذه الآية : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " فلا تكتبها حتى أمليها عليك كما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأها . فلما بلغها أمرته فكتبها : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين " . قال
نافع : فقرأت ذلك المصحف فرأيت فيه " الواو " .
وكذا روى
ابن جرير ، عن
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16531وعبيد بن عمير أنهما قرآ كذلك .
وقال
ابن جرير : حدثنا
أبو كريب ، حدثنا
عبدة ، حدثنا
محمد بن عمرو ، حدثني
أبو سلمة ، عن
عمرو بن رافع مولى عمر قال : كان في مصحف
حفصة : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين " . وتقرير المعارضة أنه عطف صلاة العصر على الصلاة الوسطى بواو العطف التي تقتضي المغايرة ، فدل ذلك على أنها غيرها وأجيب عن ذلك بوجوه : أحدها أن هذا إن روي على أنه خبر ، فحديث
علي أصح وأصرح منه ، وهذا يحتمل أن تكون الواو زائدة ، كما في قوله : (
وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين ) [ الأنعام : 55 ] ، (
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين ) [ الأنعام : 75 ] ، أو تكون لعطف الصفات لا لعطف الذوات ، كقوله : (
ولكن رسول الله وخاتم النبيين ) [ الأحزاب : 40 ] ، وكقوله : (
سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أخرج المرعى ) [ الأعلى 14 ] وأشباه ذلك كثيرة ، وقال الشاعر :
إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم
وقال
أبو دؤاد الإيادي :
سلط الموت والمنون عليهم فلهم في صدى المقابر هام
والموت هو المنون ; قال
nindex.php?page=showalam&ids=16559عدي بن زيد العبادي :
فقدمت الأديم لراهشيه فألفى قولها كذبا ومينا
والكذب : هو المين ، وقد نص
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه شيخ النحاة على جواز قول القائل : مررت بأخيك وصاحبك ، ويكون الصاحب هو الأخ نفسه ، والله أعلم .
[ ص: 653 ]
وأما إن روي على أنه قرآن فإنه لم يتواتر ، فلا يثبت بمثل خبر الواحد قرآن ; ولهذا لم يثبته أمير المؤمنين
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان في المصحف الإمام ، ولا قرأ بذلك أحد من القراء الذين تثبت الحجة بقراءتهم ، لا من السبعة ولا غيرهم . ثم قد روي ما يدل على نسخ هذه التلاوة المذكورة في هذا الحديث . قال
مسلم : حدثنا
إسحاق ابن راهويه ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16796فضيل بن مرزوق ، عن
شقيق بن عقبة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب ، قال : نزلت : " حافظوا على الصلوات وصلاة العصر " فقرأناها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله ، ثم نسخها الله ، عز وجل ، فأنزل : (
حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) فقال له زاهر رجل كان مع شقيق : أفهي العصر ؟ قال : قد حدثتك كيف نزلت ، وكيف نسخها الله ، عز وجل .
قال
مسلم : ورواه
الأشجعي ، عن
الثوري ، عن
الأسود ، عن
شقيق .
قلت : وشقيق هذا لم يرو له مسلم سوى هذا الحديث الواحد ، والله أعلم . فعلى هذا تكون هذه التلاوة ، وهي تلاوة الجادة ، ناسخة للفظ رواية
عائشة nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة ، ولمعناها ، إن كانت الواو دالة على المغايرة ، وإلا فللفظها فقط ، والله أعلم .
وقيل : إن الصلاة الوسطى هي صلاة المغرب . رواه
ابن أبي حاتم عن
ابن عباس . وفي إسناده نظر ; فإنه رواه عن أبيه ، عن
أبي الجماهر عن
nindex.php?page=showalam&ids=15991سعيد بن بشير ، عن
قتادة ، عن
أبي الخليل ، عن عمه ، عن
ابن عباس قال : صلاة الوسطى : المغرب . وحكى هذا القول
ابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=16812قبيصة بن ذؤيب وحكي أيضا عن
قتادة على اختلاف عنه . ووجه هذا القول بعضهم بأنها : وسطى في العدد بين الرباعية والثنائية ، وبأنها وتر المفروضات ، وبما جاء فيها من الفضيلة ، والله أعلم .
وقيل : إنها العشاء الآخرة ، اختاره
علي بن أحمد الواحدي في تفسيره المشهور : وقيل : هي واحدة من الخمس ، لا بعينها ، وأبهمت فيهن ، كما أبهمت ليلة القدر في الحول أو الشهر أو العشر . ويحكى هذا القول عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ،
nindex.php?page=showalam&ids=16097وشريح القاضي ،
nindex.php?page=showalam&ids=17191ونافع مولى ابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=14355والربيع بن خثيم ، ونقل أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ، واختاره إمام الحرمين
الجويني في نهايته .
وقيل : بل الصلاة الوسطى مجموع الصلوات الخمس ، رواه
ابن أبي حاتم عن
ابن عمر ، وفي صحته أيضا نظر والعجب أن هذا القول اختاره الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر بن عبد البر النمري ، إمام ما وراء البحر ، وإنها لإحدى الكبر ، إذ اختاره مع اطلاعه وحفظه ما لم يقم عليه دليل من كتاب ولا سنة ولا أثر . وقيل : إنها صلاة العشاء وصلاة الفجر ، وقيل : بل هي صلاة الجماعة . وقيل : صلاة الجمعة . وقيل : صلاة الخوف . وقيل : بل صلاة عيد الفطر . وقيل : بل صلاة عيد الأضحى . وقيل : الوتر . وقيل : الضحى . وتوقف فيها آخرون لما تعارضت عندهم الأدلة ، ولم يظهر لهم وجه الترجيح . ولم يقع الإجماع على قول واحد ، بل لم يزل التنازع فيها موجودا من زمن الصحابة وإلى الآن .
[ ص: 654 ]
قال
ابن جرير : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار وابن مثنى ، قالا : حدثنا
محمد بن جعفر ، حدثنا
شعبة قال : سمعت
قتادة يحدث عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مختلفين في الصلاة الوسطى هكذا ، وشبك بين أصابعه .
[ وقد حكى
فخر الدين الرازي في تفسيره قولا عن جمع من العلماء منهم
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ،
nindex.php?page=showalam&ids=14355وربيع بن خثيم : أنها لم يرد بيانها ، وإنما أريد إبهامها ، كما أبهمت ليلة القدر في شهر رمضان ، وساعة الإجابة في يوم الجمعة ، والاسم الأعظم في أسماء الله تعالى ، ووقت الموت على المكلف ; ليكون في كل وقت مستعدا ، وكذا أبهمت الليلة التي ينزل فيها من السماء وباء ليحذرها الناس ، ويعطوا الأهبة دائما ، وكذا وقت الساعة استأثر الله بعلمه ; فلا تأتي إلا بغتة ] .
وكل هذه الأقوال فيها ضعف بالنسبة إلى التي قبلها ، وإنما المدار ومعترك النزاع في الصبح والعصر . وقد ثبتت السنة بأنها العصر ، فتعين المصير إليها .
وقد روى الإمام
أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي في كتاب " فضائل الشافعي " رحمه الله : حدثنا أبي ، سمعت
حرملة بن يحيى التجيبي يقول : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : كل ما قلت فكان عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف قولي مما يصح ، فحديث النبي صلى الله عليه وسلم أولى ، ولا تقلدوني . وكذا روى
الربيع والزعفراني nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وقال
موسى أبو الوليد بن أبي الجارود ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إذا صح الحديث وقلت قولا فأنا راجع عن قولي وقائل بذلك . فهذا من سيادته وأمانته ، وهذا نفس إخوانه من الأئمة ، رحمهم الله ورضي عنهم أجمعين آمين . ومن هاهنا قطع القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي بأن مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، رحمه الله ، أن صلاة الوسطى هي صلاة العصر ، وإن كان قد نص في الجديد وغيره أنها الصبح ، لصحة الأحاديث أنها العصر ، وقد وافقه على هذه الطريقة جماعة من محدثي المذهب ، ولله الحمد والمنة . ومن الفقهاء في المذهب من ينكر أن تكون هي العصر مذهبا
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي ، وصمموا على أنها الصبح قولا واحدا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي : ومنهم من حكى في المسألة قولين ، ولتقرير المعارضات والجوابات موضع آخر غير هذا ، وقد أفردناه على حدة ، ولله الحمد والمنة .
وقوله تعالى : (
وقوموا لله قانتين ) أي : خاشعين ذليلين مستكينين بين يديه ، وهذا الأمر مستلزم ترك الكلام في الصلاة ، لمنافاته إياها ; ولهذا لما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الرد على
ابن مسعود حين سلم عليه ، وهو في الصلاة ، اعتذر إليه بذلك ، وقال . "
nindex.php?page=hadith&LINKID=820647إن في الصلاة لشغلا " ، وفي صحيح
مسلم أنه عليه السلام قال
لمعاوية بن الحكم [ السلمي ] حين تكلم في الصلاة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820648 " إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، إنما هي التسبيح والتكبير وذكر الله " .
[ ص: 655 ]
وقال الإمام
أحمد ، حدثنا
يحيى بن سعيد ، عن
إسماعيل ، حدثني
الحارث بن شبيل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12112أبي عمرو الشيباني ، nindex.php?page=hadith&LINKID=3500847عن nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم قال : كان الرجل يكلم صاحبه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، في الحاجة في الصلاة ، حتى نزلت هذه الآية : ( وقوموا لله قانتين ) فأمرنا بالسكوت . رواه الجماعة سوى
ابن ماجه ، به ، من طرق عن
إسماعيل ، به .
وقد أشكل هذا الحديث على جماعة من العلماء ، حيث ثبت عندهم أن تحريم الكلام في الصلاة كان
بمكة ، قبل الهجرة إلى
المدينة وبعد الهجرة إلى أرض
الحبشة ، كما دل على ذلك حديث
ابن مسعود الذي في الصحيح ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824719كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن نهاجر إلى الحبشة وهو في الصلاة ، فيرد علينا ، قال : فلما قدمنا سلمت عليه ، فلم يرد علي ، فأخذني ما قرب وما بعد ، فلما سلم قال : " إني لم أرد عليك إلا أني كنت في الصلاة ، وإن الله يحدث من أمره ما يشاء ، وإن مما أحدث ألا تكلموا في الصلاة " .
وقد كان
ابن مسعود ممن أسلم قديما ، وهاجر إلى
الحبشة ، ثم قدم منها إلى
مكة مع من قدم ، فهاجر إلى
المدينة ، وهذه الآية : (
وقوموا لله قانتين ) مدنية بلا خلاف ، فقال قائلون : إنما أراد
nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم بقوله : " كان الرجل يكلم أخاه في حاجته في الصلاة " الإخبار عن جنس الناس ، واستدل على تحريم ذلك بهذه الآية بحسب ما فهمه منها ، والله أعلم .
وقال آخرون : إنما أراد أن ذلك قد وقع
بالمدينة بعد الهجرة إليها ، ويكون ذلك فقد أبيح مرتين ، وحرم مرتين ، كما اختار ذلك قوم من أصحابنا وغيرهم ، والأول أظهر . والله أيضا أعلم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12201الحافظ أبو يعلى : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15535بشر بن الوليد ، حدثنا
إسحاق بن يحيى ، عن
المسيب ، nindex.php?page=hadith&LINKID=820548عن ابن مسعود قال : كنا يسلم بعضنا على بعض في الصلاة ، فمررت برسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه ، فلم يرد علي ، فوقع في نفسي أنه نزل في شيء ، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته قال : " وعليك السلام ، أيها المسلم ، ورحمة الله ، إن الله ، عز وجل ، يحدث من أمره ما يشاء فإذا كنتم في الصلاة فاقنتوا ولا تكلموا " .
وقوله : (
فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون ) لما أمر تعالى عباده بالمحافظة على الصلوات ، والقيام بحدودها ، وشدد الأمر بتأكيدها ذكر الحال التي يشتغل الشخص فيها عن أدائها على الوجه الأكمل ، وهي حال القتال والتحام الحرب فقال : (
فإن خفتم فرجالا أو ركبانا ) أي : فصلوا على أي حال كان ، رجالا أو ركبانا : يعني : مستقبلي القبلة
[ ص: 656 ] وغير مستقبليها كما قال
مالك ، عن
نافع : أن
ابن عمر كان إذا سئل عن
صلاة الخوف وصفها . ثم قال : فإن كان خوف أشد من ذلك صلوا رجالا على أقدامهم ، أو ركبانا مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها . قال
نافع : لا أرى
ابن عمر ذكر ذلك إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وهذا لفظه
ومسلم ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا من وجه آخر عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة عن
نافع عن
ابن عمر عن النبي ، صلى الله عليه وسلم : نحوه أو قريبا منه
ولمسلم أيضا عن
ابن عمر قال : فإن كان خوف أشد من ذلك فصل راكبا أو قائما تومئ إيماء .
وفي حديث
عبد الله بن أنيس الجهني لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ، إلى
خالد بن سفيان الهذلي ليقتله وكان نحو
عرفة أو عرفات فلما واجهه حانت صلاة العصر قال : فخشيت أن تفوتني فجعلت أصلي وأنا أومئ إيماء . الحديث بطوله رواه
أحمد وأبو داود بإسناد جيد وهذا من رخص الله التي رخص لعباده ووضعه الآصار والأغلال عنهم .
وقد روى
ابن أبي حاتم من طريق
شبيب بن بشر عن
عكرمة عن
ابن عباس قال في هذه الآية : يصلي الراكب على دابته والراجل على رجليه . قال : وروي عن
الحسن ومجاهد ومكحول nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي والحكم nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح نحو ذلك وزادوا : يومئ برأسه أينما توجه .
ثم قال : حدثنا أبي ، حدثنا
أبو غسان حدثنا
داود يعني ابن علية عن
مطرف عن
عطية عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال : إذا كانت المسايفة فليومئ برأسه [ إيماء ] حيث كان وجهه فذلك قوله : (
فرجالا أو ركبانا )
وروي عن
الحسن ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء وعطية والحكم وحماد وقتادة نحو ذلك . وقد ذهب الإمام
أحمد فيما نص عليه ، إلى أن
صلاة الخوف تفعل في بعض الأحيان ركعة واحدة إذا تلاحم الجيشان ، وعلى ذلك ينزل الحديث الذي رواه
مسلم وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12118أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري زاد
مسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي :
وأيوب بن عائذ كلاهما عن
بكير بن الأخنس الكوفي ، عن
مجاهد nindex.php?page=hadith&LINKID=3500848عن ابن عباس قال : فرض الله الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعا ، وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري وقتادة والضحاك وغيرهم .
وقال
ابن جرير : حدثنا
ابن بشار حدثنا
ابن مهدي عن
شعبة قال : سألت
الحكم وحمادا وقتادة عن صلاة المسايفة ، فقالوا : ركعة . وهكذا روى
الثوري عنهم سواء .
[ ص: 657 ]
وقال
ابن جرير أيضا : حدثني
سعيد بن عمرو السكوني حدثنا
بقية بن الوليد حدثنا
المسعودي حدثنا
يزيد الفقير عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال : صلاة الخوف . ركعة واختار هذا القول
ابن جرير .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : " باب الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدو " وقال
الأوزاعي : إن كان تهيأ الفتح ، ولم يقدروا على الصلاة صلوا إيماء كل امرئ لنفسه فإن لم يقدروا على الإيماء أخروا الصلاة حتى ينكشف القتال أو يأمنوا فيصلوا ركعتين ، فإن لم يقدروا صلوا ركعة وسجدتين فإن لم يقدروا لا يجزئهم التكبير ويؤخرونها حتى يأمنوا . وبه قال مكحول وقال
أنس بن مالك : حضرت مناهضة حصن تستر عند إضاءة الفجر ، واشتد اشتعال القتال فلم يقدروا على الصلاة فلم نصل إلا بعد ارتفاع النهار فصليناها ونحن مع أبي موسى ففتح لنا . قال
أنس : وما يسرني بتلك الصلاة الدنيا وما فيها .
هذا لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ثم استشهد على ذلك بحديث تأخيره ، عليه السلام ، صلاة العصر يوم
الخندق بعذر المحاربة إلى غيبوبة الشمس وبقوله عليه السلام ، بعد ذلك لأصحابه لما جهزهم إلى
بني قريظة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820649 " لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة " ، فمنهم من أدركته الصلاة في الطريق فصلوا وقالوا : لم يرد منا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا تعجيل السير ومنهم من أدركته فلم يصل إلى أن غربت الشمس في بني قريظة فلم يعنف واحدا من الفريقين . وهذا يدل على اختيار البخاري لهذا القول ، والجمهور على خلافه ويعولون على أن صلاة الخوف على الصفة التي ورد بها القرآن في سورة النساء ووردت بها الأحاديث لم تكن مشروعة في غزوة
الخندق ، وإنما شرعت بعد ذلك . وقد جاء مصرحا بهذا في حديث
أبي سعيد وغيره وأما
مكحول nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري فيجيبون بأن مشروعية صلاة الخوف بعد ذلك لا تنافي جواز ذلك ; لأن هذا حال نادر خاص فيجوز فيه مثل ما قلنا بدليل صنيع الصحابة زمن
عمر في فتح
تستر وقد اشتهر ولم ينكر ، والله أعلم .
وقوله : (
فإذا أمنتم فاذكروا الله ) أي : أقيموا صلاتكم كما أمرتم فأتموا ركوعها وسجودها وقيامها وقعودها وخشوعها وهجودها (
كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون ) أي : مثل ما أنعم عليكم وهداكم للإيمان وعلمكم ما ينفعكم في الدنيا والآخرة ، فقابلوه بالشكر والذكر ، كقوله بعد ذكر صلاة الخوف : (
فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) [ النساء : 103 ] وستأتي الأحاديث الواردة في صلاة الخوف وصفاتها في سورة النساء عند قوله تعالى : (
وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة ) الآية [ النساء : 102 ] .