(
ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير ( 265 ) )
[ ص: 695 ]
وهذا مثل المؤمنين المنفقين (
أموالهم ابتغاء مرضاة الله ) عنهم في ذلك (
وتثبيتا من أنفسهم ) أي : وهم متحققون مثبتون أن الله سيجزيهم على ذلك أوفر الجزاء ، ونظير هذا في المعنى ، قوله عليه السلام في الحديث المتفق على صحته : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500861من صام رمضان إيمانا واحتسابا . . . " أي : يؤمن أن الله شرعه ، ويحتسب عند الله ثوابه .
قال
الشعبي : (
وتثبيتا من أنفسهم ) أي : تصديقا ويقينا . وكذا قال
قتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12045وأبو صالح ،
وابن زيد . واختاره
ابن جرير . وقال
مجاهد والحسن : أي : يتثبتون أين يضعون صدقاتهم .
وقوله : (
كمثل جنة بربوة ) أي : كمثل بستان بربوة . وهو عند الجمهور : المكان المرتفع المستوي من الأرض . وزاد
ابن عباس والضحاك : وتجري فيه الأنهار .
قال
ابن جرير : وفي الربوة ثلاث لغات هن ثلاث قراءات : بضم الراء ، وبها قرأ عامة
أهل المدينة والحجاز والعراق . وفتحها ، وهي قراءة بعض
أهل الشام والكوفة ، ويقال : إنها لغة
تميم . وكسر الراء ، ويذكر أنها قراءة
ابن عباس .
وقوله : (
أصابها وابل ) وهو المطر الشديد ، كما تقدم ، (
فآتت أكلها ) أي : ثمرتها ) ضعفين ) أي : بالنسبة إلى غيرها من الجنان . (
فإن لم يصبها وابل فطل ) قال
الضحاك : هو الرذاذ ، وهو اللين من المطر . أي : هذه الجنة بهذه الربوة لا تمحل أبدا ; لأنها إن لم يصبها وابل فطل ، وأيا ما كان فهو كفايتها ، وكذلك عمل المؤمن لا يبور أبدا ، بل يتقبله الله ويكثره وينميه ، كل عامل بحسبه ; ولهذا قال : (
والله بما تعملون بصير ) أي : لا يخفى عليه من أعمال عباده شيء .