(
يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم ( 276 )
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( 277 ) )
[ ص: 713 ]
يخبر الله تعالى أنه يمحق الربا ، أي : يذهبه ، إما بأن يذهبه بالكلية من يد صاحبه ، أو يحرمه بركة ماله فلا ينتفع به ، بل يعذبه به في الدنيا ويعاقبه عليه يوم القيامة . كما قال تعالى : (
قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث ) [ المائدة : 100 ] ، وقال تعالى : (
ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم ) [ الأنفال : 37 ] ، وقال : (
وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله ) [ الآية ] [ الروم : 39 ] .
وقال
ابن جرير : في قوله : (
يمحق الله الربا ) وهذا نظير الخبر الذي روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820721 " الربا وإن كثر فإلى قل " .
وهذا الحديث قد رواه الإمام
أحمد في مسنده ، فقال : حدثنا
حجاج [ قال ] حدثنا
شريك عن
الركين بن الربيع [ بن عميلة الفزاري ] عن أبيه ، عن
ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820722 " إن الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل " وقد رواه
ابن ماجه ، عن
العباس بن جعفر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون ، عن
يحيى بن أبي زائدة ، عن
إسرائيل ، عن
الركين بن الربيع بن عميلة الفزاري ، عن أبيه ، عن
ابن مسعود ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820723 " ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قلة " .
وهذا من باب المعاملة بنقيض المقصود ، كما قال الإمام
أحمد : حدثنا
أبو سعيد مولى بني هاشم ، حدثنا
الهيثم بن رافع الطاطري ، حدثني
أبو يحيى رجل من أهل
مكة عن
فروخ مولى عثمان : أن
عمر وهو يومئذ أمير المؤمنين خرج إلى المسجد ، فرأى طعاما منثورا . فقال : ما هذا الطعام ؟ فقالوا : طعام جلب إلينا . قال : بارك الله فيه وفيمن جلبه . قيل : يا أمير المؤمنين ، إنه قد احتكر . قال : ومن احتكره ؟ قالوا :
فروخ مولى عثمان ، وفلان مولى
عمر . فأرسل إليهما فدعاهما فقال : ما حملكما على احتكار طعام المسلمين ؟ قالا : يا أمير المؤمنين ، نشتري بأموالنا ونبيع ! ! فقال
عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820724 " من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالإفلاس أو بجذام " . فقال
فروخ عند ذلك : أعاهد الله وأعاهدك ألا أعود في طعام أبدا . وأما مولى
عمر فقال : إنما نشتري بأموالنا ونبيع . قال
أبو يحيى : فلقد رأيت مولى
عمر مجذوما .
ورواه
ابن ماجه من حديث
الهيثم بن رافع ، به . ولفظه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820725 " من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس " .
وقوله : ( ويربي الصدقات ) قرئ بضم الياء والتخفيف ، من " ربا الشيء يربو " و " أرباه يربيه "
[ ص: 714 ] أي : كثره ونماه ينميه . وقرئ : " ويربي " بالضم والتشديد ، من التربية ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
عبد الله بن منير ، سمع
أبا النضر ، حدثنا
عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن أبيه ، عن
أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=820726من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ، ولا يقبل الله إلا الطيب ، وإن الله ليقبلها بيمينه ، ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه ، حتى يكون مثل الجبل " .
كذا رواه في كتاب الزكاة . وقال في كتاب التوحيد : وقال
خالد بن مخلد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان بن بلال ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار ، فذكر بإسناده ، نحوه .
وقد رواه
مسلم في الزكاة عن
أحمد بن عثمان بن حكيم ، عن
خالد بن مخلد ، فذكره . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : ورواه
مسلم بن أبي مريم ، وزيد بن أسلم ، وسهيل ، عن
أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قلت : أما رواية
مسلم بن أبي مريم : فقد تفرد
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بذكرها ، وأما طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم : فرواها
مسلم في صحيحه ، عن
أبي الطاهر بن السرح ، عن
ابن وهب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، به . وأما حديث
سهيل فرواه
مسلم ، عن
قتيبة ، عن
يعقوب بن عبد الرحمن ، عن
سهيل ، به . والله أعلم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : وقال
ورقاء عن ابن دينار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11839سعيد بن يسار عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد أسند هذا الحديث من هذا الوجه الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13933أبو بكر البيهقي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وغيره ، عن
الأصم ، عن
العباس المروزي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11920أبي النضر هاشم بن القاسم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17275ورقاء وهو ابن عمر اليشكري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11839سعيد بن يسار عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820727 " من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ، ولا يصعد إلى الله إلا الطيب ، فإن الله يقبلها بيمينه ، فيربيها لصاحبها ، كما يربي أحدكم فلوه ، حتى تكون مثل أحد " .
وهكذا روى هذا الحديث
مسلم ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي جميعا ، عن
قتيبة ، عن
الليث بن سعد ، عن
سعيد المقبري . وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من رواية
مالك ، عن
يحيى بن سعيد الأنصاري ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى القطان ، عن
محمد بن عجلان ، ثلاثتهم عن
سعيد بن يسار أبي الحباب المدني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكره .
وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة من وجه آخر ، فقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
عمرو بن عبد الله الأودي ، [ ص: 715 ] حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16292عباد بن منصور ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820728 " إن الله عز وجل يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه ، فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره أو فلوه حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد " . وتصديق ذلك في كتاب الله : (
يمحق الله الربا ويربي الصدقات ) .
وكذا رواه
أحمد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، وهو في تفسير
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع . ورواه
الترمذي ، عن
أبي كريب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، به وقال : حسن صحيح ، وكذا رواه
الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16292عباد بن منصور ، به . ورواه
أحمد أيضا ، عن
خلف بن الوليد ، عن
ابن المبارك ، عن
عبد الواحد بن ضمرة nindex.php?page=showalam&ids=16292وعباد بن منصور كلاهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة ، عن
القاسم ، به .
وقد رواه
ابن جرير ، عن
محمد بن عبد الملك بن إسحاق عن
عبد الرزاق ، عن
معمر ، عن
أيوب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820729 " إن العبد إذا تصدق من طيب ، يقبلها الله منه ، فيأخذها بيمينه ، ويربيها كما يربي أحدكم مهره أو فصيله ، وإن الرجل ليتصدق باللقمة فتربو في يد الله أو قال : في كف الله حتى تكون مثل أحد ، فتصدقوا " .
وهكذا رواه
أحمد ، عن
عبد الرزاق . وهذا طريق غريب صحيح الإسناد ، ولكن لفظه عجيب ، والمحفوظ ما تقدم . وروي عن
عائشة أم المؤمنين ، فقال الإمام
أحمد :
حدثنا
عبد الصمد ، حدثنا
حماد ، عن
ثابت ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد ، عن
عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820730 " إن الله ليربي لأحدكم التمرة واللقمة ، كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله ، حتى يكون مثل أحد " . تفرد به
أحمد من هذا الوجه .
وقال
البزار : حدثنا
يحيى بن المعلى بن منصور ، حدثنا
إسماعيل ، حدثني أبي ، عن
يحيى بن سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16693عمرة ، عن
عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن
الضحاك بن عثمان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824435 " إن الرجل ليتصدق بالصدقة من الكسب الطيب ، ولا يقبل الله إلا الطيب ، فيتلقاها الرحمن بيده فيربيها ، كما يربي أحدكم فلوه أو وصيفه أو قال : فصيله " ثم قال : لا نعلم أحدا رواه عن
يحيى بن سعيد بن عمرة إلا
أبو أويس .
وقوله : ( والله لا يحب كل كفار أثيم ) أي : لا يحب كفور القلب أثيم القول والفعل ، ولا بد من مناسبة في ختم هذه الآية بهذه الصفة ، وهي أن المرابي لا يرضى بما قسم الله له من الحلال ، ولا يكتفي بما شرع له من التكسب المباح ، فهو يسعى في أكل أموال الناس بالباطل ، بأنواع المكاسب
[ ص: 716 ] الخبيثة ، فهو جحود لما عليه من النعمة ، ظلوم آثم بأكل أموال الناس بالباطل .
ثم قال تعالى مادحا للمؤمنين بربهم ، المطيعين أمره ، المؤدين شكره ، المحسنين إلى خلقه في إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، مخبرا عما أعد لهم من الكرامة ، وأنهم يوم القيامة من التبعات آمنون ، فقال : (
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون )