( ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ( 113 )
يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين ( 114 )
وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين ( 115 ) )
(
إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ( 116 )
مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون ( 117 ) )
قال
ابن أبي نجيح : زعم
الحسن بن يزيد العجلي ، عن
ابن مسعود في قوله تعالى : (
ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة ) قال لا يستوي أهل الكتاب وأمة
محمد صلى الله عليه وسلم .
وهكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، ويؤيد هذا القول الحديث الذي رواه الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل في مسنده .
حدثنا
أبو النضر وحسن بن موسى قالا حدثنا
شيبان ، عن
عاصم ، عن
زر ، عن
ابن مسعود قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500883أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ، ثم خرج إلى المسجد ، فإذا الناس ينتظرون الصلاة : فقال : " أما إنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم " . قال : وأنزلت هذه الآيات : ( ليسوا سواء من أهل الكتاب [ أمة قائمة ] ) إلى قوله ( والله عليم بالمتقين ) .
والمشهور عن كثير من المفسرين - كما ذكره
محمد بن إسحاق وغيره ، ورواه
العوفي عن
ابن عباس - أن هذه الآيات نزلت فيمن آمن من أحبار
أهل الكتاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=106كعبد الله بن سلام وأسد بن عبيد وثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وغيرهم ، أي : لا يستوي من تقدم ذكرهم بالذم من
أهل الكتاب [ وهؤلاء الذين أسلموا ، ولهذا قال تعالى : (
ليسوا سواء ) أي : ليسوا كلهم على حد سواء ، بل منهم المؤمن ومنهم المجرم ، ولهذا قال تعالى : (
من أهل الكتاب ] أمة قائمة ) أي : قائمة بأمر الله ، مطيعة لشرعه متبعة نبي الله ، [ فهي ] ) قائمة ) يعني مستقيمة (
يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ) أي : يقومون الليل ، ويكثرون التهجد ، ويتلون القرآن في صلواتهم (
يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين ) وهؤلاء هم المذكورون في آخر السورة : (
وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله [ لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب ] ) [ الآية : 199 ] وهكذا قال هاهنا : (
وما يفعلوا من خير فلن يكفروه ) أي : لا يضيع عند الله بل يجزيكم به أوفر الجزاء . (
والله عليم بالمتقين ) أي : لا يخفى عليه عمل عامل ، ولا يضيع لديه أجر من أحسن عملا .
ثم قال تعالى مخبرا عن الكفرة المشركين بأنه (
لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا ) أي لا يرد عنهم بأس الله ولا عذابه إذا أراده بهم (
وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )
ثم ضرب مثلا لما ينفقه الكفار في هذه الدار ، قاله
مجاهد والحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ، فقال تعالى :
[ ص: 106 ] (
مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر ) أي : برد شديد ، قاله
ابن عباس ، وعكرمة ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير وقتادة والحسن ، والضحاك ، nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ، وغيرهم . وقال
عطاء : برد وجليد . وعن
ابن عباس أيضا
ومجاهد (
فيها صر ) أي : نار . وهو يرجع إلى الأول ، فإن البرد الشديد - سيما الجليد - يحرق الزروع والثمار ، كما يحرق الشيء بالنار (
أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته ) أي : أحرقته ، يعني بذلك السفعة إذا نزلت على حرث قد آن جداده أو حصاده فدمرته وأعدمت ما فيه من ثمر أو زرع ، فذهبت به وأفسدته ، فعدمه صاحبه أحوج ما كان إليه . فكذلك الكفار يمحق الله ثواب أعمالهم في هذه الدنيا وثمرتها كما أذهب ثمرة هذا الحرث بذنوب صاحبه . وكذلك هؤلاء بنوها على غير أصل وعلى غير أساس (
وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون )