( ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون ( 130 )
واتقوا النار التي أعدت للكافرين ( 131 )
وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون ( 132 ) )
(
وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ( 133 )
الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ( 134 )
والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ( 135 )
أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين ( 136 ) )
يقول تعالى ناهيا عباده المؤمنين عن
تعاطي الربا وأكله أضعافا مضاعفة ، كما كانوا يقولون في الجاهلية - إذا حل أجل الدين : إما أن يقضي وإما أن يربي ، فإن قضاه وإلا زاده في المدة وزاده الآخر في القدر ، وهكذا كل عام ، فربما تضاعف القليل حتى يصير كثيرا مضاعفا .
وأمر تعالى عباده بالتقوى لعلهم يفلحون في الأولى والأخرى ثم توعدهم بالنار وحذرهم منها ، فقال : (
واتقوا النار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون ) .
ثم ندبهم إلى المبادرة إلى فعل الخيرات والمسارعة إلى نيل القربات ، فقال : (
وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ) أي : كما أعدت النار للكافرين . وقد قيل : إن معنى
قوله : ( عرضها السماوات والأرض ) تنبيها على اتساع طولها ، كما قال في صفة فرش الجنة : (
بطائنها من إستبرق ) [ الرحمن : 54 ] أي : فما ظنك بالظهائر ؟ وقيل : بل عرضها كطولها ، لأنها قبة تحت العرش ، والشيء المقبب والمستدير عرضه كطوله . وقد دل على ذلك ما ثبت في الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820904 " إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس ، فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة ، وسقفها عرش الرحمن " .
وهذه الآية كقوله تعالى في سورة الحديد : (
سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ) الآية [ رقم : 21 ] .
وقد روينا في مسند الإمام
أحمد :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820905أن هرقل كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم : إنك دعوتني إلى جنة عرضها السماوات والأرض ، فأين النار ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " سبحان الله ! فأين الليل إذا جاء النهار ؟ " .
وقد رواه
ابن جرير فقال : حدثني
يونس ، أنبأنا
ابن وهب ، أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=14429مسلم بن خالد ، عن
أبي [ ص: 118 ] خثيم ، عن
سعيد بن أبي راشد ، nindex.php?page=hadith&LINKID=824398عن يعلى بن مرة قال : لقيت التنوخي رسول هرقل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمص ، شيخا كبيرا فسد ، قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب هرقل ، فناول الصحيفة رجلا عن يساره . قال : قلت : من صاحبكم الذي يقرأ ؟ قالوا : معاوية . فإذا كتاب صاحبي : " إنك كتبت تدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ، فأين النار ؟ قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سبحان الله ! فأين الليل إذا جاء النهار ؟ " .
وقال
الأعمش ، nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري ، وشعبة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16836قيس بن مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16243طارق بن شهاب ، أن ناسا من اليهود سألوا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب عن جنة عرضها السماوات والأرض ، فأين النار ؟ فقال
عمر [ رضي الله عنه ] أرأيتم إذا جاء الليل أين النهار ؟ وإذا جاء النهار أين الليل ؟ فقالوا : لقد نزعت مثلها من التوراة .
رواه
ابن جرير من الثلاثة الطرق ثم قال : حدثنا
أحمد بن حازم ، حدثنا
أبو نعيم ، حدثنا
جعفر بن برقان ، أنبأنا
يزيد بن الأصم : أن رجلا من أهل الكتاب قال : يقولون : (
جنة عرضها السماوات والأرض ) فأين النار ؟ فقال
ابن عباس : أين يكون الليل إذا جاء النهار ، وأين يكون النهار إذا جاء الليل ؟
وقد روي هذا مرفوعا ، فقال
البزار : حدثنا
محمد بن معمر ، حدثنا
المغيرة بن سلمة أبو هشام ، حدثنا
عبد الواحد بن زياد ، عن
عبيد الله بن عبد الله بن الأصم ، عن عمه
يزيد بن الأصم ، nindex.php?page=hadith&LINKID=824795عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت قوله تعالى : ( جنة عرضها السماوات والأرض ) فأين النار ؟ قال : " أرأيت الليل إذا جاء لبس كل شيء ، فأين النهار ؟ " قال : حيث شاء الله . قال : " وكذلك النار تكون حيث شاء الله عز وجل " .
وهذا يحتمل معنيين :
أحدهما : أن يكون المعنى في ذلك : أنه لا يلزم من عدم مشاهدتنا الليل إذا جاء النهار ألا يكون في مكان ، وإن كنا لا نعلمه ، وكذلك النار تكون حيث يشاء الله عز وجل ، وهذا أظهر كما تقدم في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن
البزار .
الثاني : أن يكون المعنى : أن النهار إذا تغشى وجه العالم من هذا الجانب ، فإن الليل يكون من الجانب الآخر ، فكذلك الجنة في أعلى عليين فوق السماوات تحت العرش ، وعرضها كما قال الله ، عز وجل : (
كعرض السماء والأرض ) [ الحديد : 21 ] والنار في أسفل سافلين . فلا تنافي بين كونها كعرض السماوات والأرض ، وبين وجود النار ، والله أعلم .
[ ص: 119 ] ثم ذكر تعالى
صفة أهل الجنة ، فقال : (
الذين ينفقون في السراء والضراء ) أي : في الشدة والرخاء ، والمنشط والمكره ، والصحة والمرض ، وفي جميع الأحوال ، كما قال : (
الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية ) [ البقرة : 274 ] . والمعنى : أنهم لا يشغلهم أمر عن طاعة الله تعالى والإنفاق في مراضيه ، والإحسان إلى خلقه من قراباتهم وغيرهم بأنواع البر .
وقوله : (
والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ) أي : إذا ثار بهم الغيظ كظموه ، بمعنى : كتموه فلم يعملوه ، وعفوا مع ذلك عمن أساء إليهم وقد ورد في بعض الآثار :
" يقول الله تعالى : ابن آدم ، اذكرني إذا غضبت ، أذكرك إذا غضبت ، فلا أهلكك فيمن أهلك " رواه
ابن أبي حاتم .
وقد قال
أبو يعلى في مسنده : حدثنا
أبو موسى الزمن ، حدثنا
عيسى بن شعيب الضرير أبو الفضل ، حدثنا
الربيع بن سليمان النميري عن
أبي عمرو بن أنس بن مالك ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=824797 " من كف غضبه كف الله عنه عذابه ، ومن خزن لسانه ستر الله عورته ، ومن اعتذر إلى الله قبل عذره " [ و ] هذا حديث غريب ، وفي إسناده نظر .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
عبد الرحمن ، حدثنا
مالك ، عن
الزهري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820906 " ليس الشديد بالصرعة ، ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " . وقد رواه الشيخان من حديث
مالك .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
أبو معاوية ، حدثنا
الأعمش ، عن
إبراهيم التيمي ، عن
الحارث بن سويد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله ، هو ابن مسعود ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820907 " أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله ؟ " قال : قالوا : يا رسول الله ، ما منا أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه . قال : " اعلموا أنه ليس منكم أحد إلا مال وارثه أحب إليه من ماله ، ما لك من مالك إلا ما قدمت ، ومال وارثك ما أخرت " . قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما تعدون فيكم الصرعة ؟ " قلنا : الذي لا تصرعه الرجال ، قال : قال " لا ، ولكن الذي يملك نفسه عند الغضب " . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما تعدون فيكم الرقوب ؟ " قال : قلنا : الذي لا ولد له . قال : " لا ، ولكن الرقوب الذي لم يقدم من ولده شيئا " .
[ ص: 120 ] أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري الفصل الأول منه وأخرج
مسلم أصل هذا الحديث من رواية
الأعمش ، به .
حديث آخر : قال الإمام
أحمد : حدثنا
محمد بن جعفر ، حدثنا
شعبة ، سمعت
عروة بن عبد الله الجعفي يحدث عن
أبي حصبة ، أو
ابن حصبة ، عن رجل شهد النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820908 " تدرون ما الرقوب ؟ " قالوا الذي لا ولد له . قال : " الرقوب كل الرقوب الذي له ولد فمات ، ولم يقدم منهم شيئا " . قال : " تدرون ما الصعلوك ؟ " قالوا : الذي ليس له مال . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الصعلوك كل الصعلوك الذي له مال ، فمات ولم يقدم منه شيئا " . قال : ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما الصرعة ؟ " قالوا : الصريع . قال : فقال صلى الله عليه وسلم الصرعة كل الصرعة الذي يغضب فيشتد غضبه ، ويحمر وجهه ، ويقشعر شعره ، فيصرع غضبه " .
حديث آخر : قال الإمام
أحمد : حدثنا
ابن نمير ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام - هو ابن عروة - عن أبيه ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=820909عن nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف بن قيس ، عن عم له يقال له : جارية بن قدامة السعدي ، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، قل لي قولا ينفعني وأقلل علي ، لعلي أعيه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تغضب " . فأعاد عليه حتى أعاد عليه مرارا ، كل ذلك يقول : " لا تغضب " .
وكذا رواه عن
أبي معاوية ، عن
هشام ، به . ورواه [ أيضا ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد القطان ، nindex.php?page=hadith&LINKID=820910عن هشام ، به ، أن رجلا قال : يا رسول الله ، قل لي قولا وأقلل علي لعلي أعقله . قال : " لا تغضب " .
الحديث انفرد به
أحمد .
حديث آخر : قال
أحمد : حدثنا
عبد الرزاق ، أخبرنا
معمر ، عن
الزهري ، nindex.php?page=hadith&LINKID=820911عن حميد بن عبد الرحمن ، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال رجل : يا رسول الله ، أوصني . قال : " لا تغضب " . قال الرجل : ففكرت حين قال صلى الله عليه وسلم ما قال ، فإذا
الغضب يجمع الشر كله .
انفرد به
أحمد .
حديث آخر : قال الإمام
أحمد : حدثنا
أبو معاوية ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15854داود بن أبي هند عن
ابن أبي حرب بن أبي الأسود ، عن
أبي الأسود ، عن
أبي ذر قال : كان يسقي على حوض له ، فجاء قوم قالوا أيكم يورد على
أبي ذر ويحتسب شعرات من رأسه فقال رجل : أنا . فجاء الرجل فأورد عليه الحوض فدقه ، وكان
أبو ذر قائما فجلس ، ثم اضطجع ، فقيل له : يا
أبا ذر ، لم جلست ثم اضطجعت ؟ فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=820912إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع " .
ورواه
أبو داود ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل بإسناده ، إلا أنه وقع في روايته : عن
أبي حرب ، عن
أبي [ ص: 121 ] ذر ، والصحيح :
ابن أبي حرب ، عن أبيه ، عن
أبي ذر ، كما رواه
عبد الله بن أحمد ، عن أبيه .
حديث آخر : قال الإمام
أحمد : حدثنا
إبراهيم بن خالد : حدثنا
أبو وائل الصنعاني قال : كنا جلوسا عند
عروة بن محمد إذ دخل عليه رجل ، فكلمه بكلام أغضبه ، فلما أن غضب قام ، ثم عاد إلينا وقد توضأ فقال : حدثني أبي ، عن جدي
عطية - هو ابن سعد السعدي ، وقد كانت له صحبة - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820913 " إن الغضب من الشيطان ، وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء ، فإذا أغضب أحدكم فليتوضأ " .
وهكذا رواه
أبو داود من حديث
إبراهيم بن خالد الصنعاني ، عن
أبي وائل القاص المرادي الصنعاني : قال
أبو داود : أراه
عبد الله بن بحير .
حديث آخر : قال الإمام
أحمد : حدثنا
عبد الله بن يزيد ، حدثنا
نوح بن جعونة السلمي ، عن
مقاتل بن حيان ، عن
عطاء ، عن
ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820743 " من أنظر معسرا أو وضع له وقاه الله من فيح جهنم ، ألا إن عمل الجنة حزن بربوة - ثلاثا - ألا إن عمل النار سهل بسهوة . والسعيد من وقي الفتن ، وما من جرعة أحب إلى الله [ عز وجل ] من جرعة غيظ يكظمها عبد ، ما كظمها عبد لله إلا ملأ جوفه إيمانا " .
انفرد به
أحمد ، إسناده حسن ليس فيه مجروح ، ومتنه حسن .
حديث آخر في معناه : قال
أبو داود : حدثنا
عقبة بن مكرم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - عن
nindex.php?page=showalam&ids=15540بشر - يعني ابن منصور - عن
محمد بن عجلان ، عن
سويد بن وهب ، عن رجل من أبناء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=820914من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه ملأه الله أمنا وإيمانا ، ومن ترك لبس ثوب جمال وهو يقدر عليه - قال بشر : أحسبه قال : " تواضعا " - كساه الله حلة الكرامة ، ومن زوج لله كساه الله تاج الملك " .
حديث آخر : قال الإمام
أحمد : حدثنا
عبد الله بن يزيد ، حدثنا
سعيد ، حدثني
أبو مرحوم ، عن
سهل بن معاذ بن أنس ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820915 " من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه ، دعاه الله على رءوس الخلائق ، حتى يخيره من أي الحور شاء " .
ورواه
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15986سعيد بن أبي أيوب ، به . وقال
الترمذي : حسن غريب .
[ ص: 122 ] حديث آخر : قال :
عبد الرزاق : أخبرنا
داود بن قيس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، عن رجل من أهل الشام - يقال له : عبد الجليل - عن عم له ،
عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في قوله تعالى : ( والكاظمين الغيظ ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من كظم غيظا ، وهو يقدر على إنفاذه ملأه الله أمنا وإيمانا " . رواه
ابن جرير .
حديث آخر : قال
ابن مردويه : حدثنا
أحمد بن محمد بن زياد ، أخبرنا
يحيى بن أبي طالب ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16627علي بن عاصم ، أخبرني
يونس بن عبيد عن
الحسن ، عن
ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820916 " ما تجرع عبد من جرعة أفضل أجرا من جرعة غيظ كظمها ابتغاء وجه الله " .
وكذا رواه
ابن ماجه عن
nindex.php?page=showalam&ids=15538بشر بن عمر ، عن
حماد بن سلمة ، عن
يونس بن عبيد ، به .
فقوله : (
والكاظمين الغيظ ) أي : لا يعملون غضبهم في الناس ، بل يكفون عنهم شرهم ، ويحتسبون ذلك عند الله عز وجل .
ثم قال [ تعالى ] (
والعافين عن الناس ) أي : مع كف الشر يعفون عمن ظلمهم في أنفسهم ، فلا يبقى في أنفسهم موجدة على أحد ، وهذا أكمل الأحوال ، ولهذا قال : (
والله يحب المحسنين ) فهذا من مقامات الإحسان .
وفي الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824399 " ثلاث أقسم عليهن : ما نقص مال من صدقة ، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ، ومن تواضع لله رفعه الله " .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في مستدركه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة ، عن
إسحاق بن يحيى بن طلحة القرشي ، عن
عبادة بن الصامت ، عن
أبي بن كعب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824799 " من سره أن يشرف له البنيان ، وترفع له الدرجات فليعف عمن ظلمه ، ويعط من حرمه ، ويصل من قطعه " .
ثم قال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه وقد أورده
ابن مردويه من حديث
علي ، nindex.php?page=showalam&ids=167وكعب بن عجرة ، nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ، nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة ، بنحو ذلك . وروي عن طريق
الضحاك ، عن
ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إذا كان يوم القيامة نادى مناد يقول : أين العافون عن الناس ؟ هلموا إلى ربكم ، وخذوا أجوركم ، وحق على كل امرئ مسلم إذا عفا أن يدخل الجنة " .
وقوله تعالى : (
والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ) أي :
[ ص: 123 ] إذا صدر منهم ذنب أتبعوه بالتوبة والاستغفار .
قال الإمام
أحمد : حدثنا
يزيد ، حدثنا
همام بن يحيى ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12423إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن
عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820917 " إن رجلا أذنب ذنبا ، فقال : رب إني أذنبت ذنبا فاغفره . فقال الله [ عز وجل ] عبدي عمل ذنبا ، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، قد غفرت لعبدي ، ثم عمل ذنبا آخر فقال : رب ، إني عملت ذنبا فاغفره . فقال تبارك وتعالى : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، قد غفرت لعبدي . ثم عمل ذنبا آخر فقال : رب ، إني عملت ذنبا فاغفره لي . فقال عز وجل : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، قد غفرت لعبدي ثم عمل ذنبا آخر فقال : رب ، إني عملت ذنبا فاغفره فقال عز وجل : عبدي علم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، أشهدكم أني قد غفرت لعبدي ، فليعمل ما شاء " .
أخرجه في الصحيح من حديث
إسحاق بن أبي طلحة ، بنحوه .
حديث آخر : قال الإمام
أحمد : حدثنا
أبو النضر وأبو عامر قالا حدثنا
زهير ، حدثنا
سعد الطائي ، nindex.php?page=hadith&LINKID=820918حدثنا أبو المدلة - مولى أم المؤمنين - سمع nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة ، قلنا : يا رسول الله ، إذا رأيناك رقت قلوبنا ، وكنا من أهل الآخرة ، وإذا فارقناك أعجبتنا الدنيا وشممنا النساء والأولاد ، فقال لو أنكم تكونون على كل حال ، على الحال التي أنتم عليها عندي ، لصافحتكم الملائكة بأكفهم ، ولزارتكم في بيوتكم ، ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم " . قلنا : يا رسول الله ، حدثنا عن الجنة ما بناؤها ؟ قال : " لبنة ذهب ، ولبنة فضة ، وملاطها المسك الأذفر ، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ، وترابها الزعفران ، من يدخلها ينعم ولا يبأس ، ويخلد ولا يموت ، لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه ، ثلاثة لا ترد دعوتهم : الإمام العادل ، والصائم حتى يفطر ، ودعوة المظلوم تحمل على الغمام وتفتح لها أبواب السماء ، ويقول الرب : وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين " .
ورواه
الترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، من وجه آخر عن سعد ، به .
ويتأكد الوضوء وصلاة ركعتين عند التوبة ، لما رواه الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، حدثنا
مسعر ، nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان - هو الثوري - عن
عثمان بن المغيرة الثقفي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=49علي بن ربيعة ، عن
أسماء بن الحكم الفزاري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال : كنت إذا
[ ص: 124 ] سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله بما شاء منه ، وإذا حدثني عنه [ غيري استحلفته ، فإذا حلف لي صدقته ، وإن
أبا بكر رضي الله عنه حدثني ] وصدق أبو بكر - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=820919ما من رجل يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن - الوضوء - قال مسعر : فيصلي . وقال سفيان : ثم يصلي ركعتين - فيستغفر الله عز وجل إلا غفر له " .
كذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني ، nindex.php?page=showalam&ids=14171والحميدي nindex.php?page=showalam&ids=12508وأبو بكر بن أبي شيبة ، وأهل السنن ،
nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحه
nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني ، من طرق ، عن
عثمان بن المغيرة ، به . وقال
الترمذي : هو حديث حسن وقد ذكرنا طرقه والكلام عليه مستقصى في مسند
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق ، [ رضي الله عنه ] وبالجملة فهو حديث حسن ، وهو من رواية أمير المؤمنين
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب [ رضي الله عنه ] عن خليفة النبي [ صلى الله عليه وسلم ]
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق ، رضي الله عنهما ومما يشهد لصحة هذا الحديث ما رواه
مسلم في صحيحه ، عن أمير المؤمنين
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820920 " ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ - أو : فيسبغ - الوضوء ، ثم يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية ، يدخل من أيها شاء " .
وفي الصحيحين عن أمير المؤمنين
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، أنه توضأ لهم وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820921 " من توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه " .
فقد ثبت هذا الحديث من رواية الأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين ، عن سيد الأولين والآخرين ورسول رب العالمين ، كما دل عليه الكتاب المبين من أن
الاستغفار من الذنب ينفع العاصين .
وقد قال
عبد الرزاق : أخبرنا
جعفر بن سليمان ، عن
ثابت ، عن
أنس بن مالك قال : بلغني أن إبليس حين نزلت : (
والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ) الآية ، بكى .
وقال الحافظ
أبو يعلى : حدثنا
محرز بن عون ، حدثنا
عثمان بن مطر ، حدثنا
عبد الغفور ، عن
أبي نضيرة عن
أبي رجاء ، عن
أبي بكر ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824801 " عليكم بلا إله إلا الله والاستغفار ، فأكثروا منهما ، فإن إبليس قال : أهلكت الناس بالذنوب ، وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار ، فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء ، فهم يحسبون أنهم مهتدون " .
عثمان بن مطر وشيخه ضعيفان .
[ ص: 125 ] وروى الإمام
أحمد في مسنده ، من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16698عمرو بن أبي عمرو وأبي الهيثم العتواري ، عن
أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820922 " قال إبليس : يا رب ، وعزتك لا أزال أغوي [ عبادك ] ما دامت أرواحهم في أجسادهم . فقال الله : وعزتي وجلالي ولا أزال أغفر لهم ما استغفروني " .
وقال الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13863أبو بكر البزار : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، حدثنا
عمر بن أبي خليفة ، سمعت
أبا بدر يحدث عن
ثابت ، nindex.php?page=hadith&LINKID=3500885عن أنس قال : جاء رجل فقال : يا رسول الله ، أذنبت ذنبا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أذنبت فاستغفر ربك " . [ قال : فإني أستغفر ، ثم أعود فأذنب . قال فإذا أذنبت فعد فاستغفر ربك ] " فقالها في الرابعة فقال : " استغفر ربك حتى يكون الشيطان هو المحسور " .
وهذا حديث غريب من هذا الوجه .
وقوله : (
ومن يغفر الذنوب إلا الله ) أي : لا يغفرها أحد سواه ، كما قال الإمام
أحمد :
حدثنا
محمد بن مصعب ، حدثنا
سلام بن مسكين ، والمبارك ، عن
الحسن ، nindex.php?page=hadith&LINKID=820923عن الأسود بن سريع ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بأسير فقال : اللهم إني أتوب إليك ولا أتوب إلى محمد . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " عرف الحق لأهله " .
وقوله : (
ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ) أي : تابوا من ذنوبهم ، ورجعوا إلى الله عن قريب ، ولم يستمروا على المعصية ويصروا عليها غير مقلعين عنها ، ولو تكرر منهم الذنب تابوا عنه ، كما قال الحافظ
أبو يعلى الموصلي ، رحمه الله ، في مسنده :
حدثنا
إسحاق بن أبي إسرائيل وغيره قالوا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12194أبو يحيى عبد الحميد الحماني ، عن
عثمان بن واقد عن
أبي نصيرة ، عن مولى لأبي بكر ، عن
أبي بكر ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820924 " ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة " .
ورواه
أبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار في مسنده ، من حديث
عثمان بن واقد - وقد وثقه
nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين - به وشيخه
أبو نصيرة الواسطي واسمه
مسلم بن عبيد ، وثقه الإمام
أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان وقول
nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي : ليس إسناد هذا الحديث بذاك ، فالظاهر إنما [ هو ] لأجل جهالة مولى أبي بكر ، ولكن جهالة مثله لا تضر ، لأنه تابعي كبير ، ويكفيه نسبته إلى [ أبي بكر ] الصديق ، فهو حديث حسن والله أعلم .
[ ص: 126 ] وقوله : (
وهم يعلمون ) قال
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=12186وعبد الله بن عبيد بن عمير : (
وهم يعلمون ) أن من تاب تاب الله عليه .
وهذا كقوله تعالى : (
ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ) [ التوبة : 104 ] وكقوله (
ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) [ النساء : 110 ] ونظائر هذا كثيرة جدا .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
يزيد أخبرنا
جرير ، حدثنا
حبان - هو ابن زيد الشرعبي - عن
عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال - وهو على المنبر
nindex.php?page=hadith&LINKID=820925 - : " ارحموا ترحموا ، واغفروا يغفر لكم ، ويل لأقماع القول ، ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون " .
تفرد به
أحمد ، رحمه الله .
ثم قال تعالى - بعد وصفهم بما وصفهم به - : (
أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات ) أي : جزاؤهم على هذه الصفات مغفرة من الله وجنات (
تجري من تحتها الأنهار ) أي : من أنواع المشروبات (
خالدين فيها ) أي : ماكثين فيها (
ونعم أجر العاملين ) يمدح تعالى الجنة .