(
فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ( 159 )
إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون ( 160 )
وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ( 161 )
أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ( 162 )
هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون ( 163 )
لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ( 164 ) )
يقول تعالى مخاطبا رسوله صلى الله عليه وسلم ، ممتنا عليه وعلى المؤمنين فيما ألان به قلبه على أمته ، المتبعين لأمره ، التاركين لزجره ، وأطاب لهم لفظه : (
فبما رحمة من الله لنت لهم ) أي : أي شيء جعلك لهم لينا لولا رحمة الله بك وبهم .
قال
قتادة : (
فبما رحمة من الله لنت لهم ) يقول : فبرحمة من الله لنت لهم . و " ما " صلة ، والعرب تصلها بالمعرفة كقوله : (
فبما نقضهم ميثاقهم ) [ النساء : 155 ، المائدة : 13 ] وبالنكرة كقوله : (
عما قليل ) [ المؤمنون : 40 ] وهكذا هاهنا قال : (
فبما رحمة من الله لنت لهم ) أي : برحمة من الله .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : هذا
خلق محمد صلى الله عليه وسلم بعثه الله به .
وهذه الآية الكريمة شبيهة بقوله تعالى : (
لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ) [ التوبة : 128 ] .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
حيوة ، حدثنا
بقية ، حدثنا
محمد بن زياد ، حدثني
أبو راشد الحبراني قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820945أخد بيدي nindex.php?page=showalam&ids=481أبو أمامة الباهلي وقال : أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا أبا أمامة ، إن من المؤمنين من يلين لي قلبه " . انفرد به
أحمد .
ثم قال تعالى : (
ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ) الفظ : الغليظ ، [ و ] المراد به هاهنا غليظ الكلام ، لقوله بعد ذلك : (
غليظ القلب ) أي : لو كنت سيئ الكلام قاسي القلب عليهم لانفضوا عنك وتركوك ، ولكن الله جمعهم عليك ، وألان جانبك لهم تأليفا لقلوبهم ، كما قال
عبد الله بن عمرو : إنه رأى
صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتب المتقدمة : أنه ليس بفظ ، ولا غليظ ، ولا سخاب في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويصفح .
وروى
أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي ، أنبأنا
بشر بن عبيد الدارمي ، حدثنا
عمار بن عبد الرحمن ، عن
المسعودي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة ، عن
عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إن الله أمرني بمداراة الناس كما أمرني بإقامة الفرائض " حديث غريب .
[ ص: 149 ] ولهذا قال تعالى : (
فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر ) ولذلك
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه في الأمر إذا حدث ، تطييبا لقلوبهم ، ليكونوا فيما يفعلونه أنشط لهم [ كما ]
nindex.php?page=hadith&LINKID=824814شاورهم يوم بدر في الذهاب إلى العير فقالوا : يا رسول الله ، لو استعرضت بنا عرض البحر لقطعناه معك ، ولو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك ، ولا نقول لك كما قال قوم موسى لموسى : اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ، ولكن نقول : اذهب ، فنحن معك وبين يديك وعن يمينك وعن [ شمالك ] مقاتلون .
وشاورهم - أيضا - أين يكون المنزل ؟ حتى أشار
المنذر بن عمرو المعنق ليموت ، بالتقدم إلى أمام القوم ، وشاورهم في
أحد في أن يقعد في
المدينة أو يخرج إلى العدو ، فأشار جمهورهم بالخروج إليهم ، فخرج إليهم .
وشاورهم يوم
الخندق في مصالحة الأحزاب بثلث ثمار
المدينة عامئذ ، فأبى عليه ذلك السعدان :
nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ nindex.php?page=showalam&ids=228وسعد بن عبادة ، فترك ذلك .
وشاورهم يوم
الحديبية في أن يميل على ذراري المشركين ، فقال له الصديق : إنا لم نجئ لقتال أحد ، وإنما جئنا معتمرين ، فأجابه إلى ما قال .
وقال عليه السلام في قصة الإفك :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820946 " أشيروا علي معشر المسلمين في قوم أبنوا أهلي ورموهم ، وايم الله ما علمت على أهلي من سوء ، وأبنوهم بمن - والله - ما علمت عليه إلا خيرا " . واستشار
عليا وأسامة في فراق
عائشة ، رضي الله عنها .
فكان [ صلى الله عليه وسلم ] يشاورهم في الحروب ونحوها . وقد اختلف الفقهاء : هل كان ذلك واجبا عليه أو من باب الندب تطييبا لقلوبهم ؟ على قولين .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في مستدركه : حدثنا
أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي ، حدثنا
يحيى بن أيوب العلاف
بمصر ، حدثنا
سعيد بن [ أبي ] مريم ، أنبأنا
سفيان بن عيينة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، عن
ابن عباس في قوله : (
وشاورهم في الأمر ) قال :
أبو بكر وعمر ، رضي الله عنهما . ثم قال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
وهكذا رواه
الكلبي ، عن
أبي صالح ، عن
ابن عباس قال : نزلت في
أبي بكر وعمر ، وكانا حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ووزيريه وأبوي المسلمين .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، حدثنا
عبد الحميد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب ، عن
عبد الرحمن [ ص: 150 ] بن غنم nindex.php?page=hadith&LINKID=820947أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر وعمر : " لو اجتمعنا في مشورة ما خالفتكما " .
وروى
ابن مردويه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال :
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزم ؟ قال " مشاورة أهل الرأي ثم اتباعهم " .
وقد قال
ابن ماجه : حدثنا
أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا
يحيى بن أبي بكير عن
شيبان عن
nindex.php?page=showalam&ids=16490عبد الملك بن عمير ، عن
أبي سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820948 " المستشار مؤتمن " .
ورواه
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، وحسنه [ و ]
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16490عبد الملك بن عمير بأبسط منه .
ثم قال
ابن ماجه : حدثنا
أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا
أسود بن عامر ، عن
شريك ، عن
الأعمش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12112أبي عمرو الشيباني ، عن
أبي مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=820948المستشار مؤتمن " . تفرد به .
[ وقال أيضا ] وحدثنا
أبو بكر ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17313يحيى بن زكريا بن أبي زائدة nindex.php?page=showalam&ids=16643وعلي بن هاشم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير ، عن
جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
nindex.php?page=hadith&LINKID=820949إذا استشار أحدكم أخاه فليشر عليه . تفرد به أيضا .
وقوله : (
فإذا عزمت فتوكل على الله ) أي : إذا شاورتهم في الأمر وعزمت عليه فتوكل على الله فيه (
إن الله يحب المتوكلين )
وقوله : (
إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) وهذا كما تقدم من قوله : (
وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ) [ آل عمران : 126 ] ثم أمرهم بالتوكل عليه فقال : (
وعلى الله فليتوكل المؤمنون )
وقوله : (
وما كان لنبي أن يغل ) قال
ابن عباس ،
ومجاهد ،
والحسن ، وغير واحد : ما ينبغي لنبي أن يخون .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
المسيب بن واضح ، حدثنا
أبو إسحاق الفزاري ، عن
[ ص: 151 ] سفيان [ عن ]
خصيف ، عن
عكرمة nindex.php?page=hadith&LINKID=824815عن ابن عباس قال : فقدوا قطيفة يوم بدر فقالوا : لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها . فأنزل الله : ( وما كان لنبي أن يغل ) أي يخون .
وقال
ابن جرير : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12461محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، حدثنا
عبد الواحد بن زياد ، حدثنا
خصيف ، حدثنا
مقسم حدثني
ابن عباس أن هذه الآية : (
وما كان لنبي أن يغل ) نزلت في قطيفة حمراء فقدت يوم
بدر ، فقال بعض الناس : أخذها قال فأكثروا في ذلك ، فأنزل الله : (
وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة )
وكذا رواه
أبو داود ، رحمه الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي جميعا ، عن
قتيبة ، عن
عبد الواحد بن زياد ، به . وقال
الترمذي : حسن غريب . ورواه بعضهم عن
خصيف ، عن
مقسم - يعني مرسلا .
وروى
ابن مردويه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو بن العلاء ، عن
مجاهد ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=824816عن ابن عباس قال : اتهم المنافقون رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء فقد ، فأنزل الله ، عز وجل : ( وما كان لنبي أن يغل )
وقد روي من غير وجه عن
ابن عباس نحو ما تقدم . وهذا تبرئة له ، صلوات الله وسلامه عليه ، عن جميع وجوه الخيانة في أداء الأمانة وقسم الغنيمة وغير ذلك .
وقال
العوفي عن
ابن عباس : (
وما كان لنبي أن يغل ) أي : بأن يقسم لبعض السرايا ويترك بعضا وكذا قال
الضحاك .
وقال
محمد بن إسحاق : (
وما كان لنبي أن يغل ) بأن يترك بعض ما أنزل إليه فلا يبلغه أمته .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
ومجاهد ،
والضحاك : (
وما كان لنبي أن يغل ) بضم الياء أي : يخان .
وقال
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس : نزلت هذه الآية يوم
بدر ، وقد غل بعض أصحابه . رواه
ابن جرير عنهما ، ثم حكى عن بعضهم أنه قرأ هذه القراءة بمعنى يتهم بالخيانة .
ثم قال تعالى : (
ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ) وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد . وقد وردت السنة بالنهي عن ذلك أيضا في أحاديث متعددة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
عبد الملك ، حدثنا
زهير - يعني ابن محمد - عن
nindex.php?page=showalam&ids=13371عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12139أبي مالك الأشجعي [ رضي الله عنه ] عن النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=820950أعظم الغلول عند الله ذراع من الأرض ، تجدون الرجلين جارين في الأرض - أو في الدار - فيقطع أحدهما [ ص: 152 ] من حظ صاحبه ذراعا ، فإذا اقتطعه طوقه من سبع أرضين إلى يوم القيامة " .
[ " وفي الصحيحين عن
سعيد بن زيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=820951من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه يوم القيامة من سبع أرضين " ] .
حديث آخر : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
موسى بن داود ، حدثنا
ابن لهيعة ، عن
ابن هبيرة والحارث بن يزيد عن
عبد الرحمن بن جبير . قال : سمعت
المستورد بن شداد يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=820952من ولي لنا عملا وليس له منزل فليتخذ منزلا ، أو ليست له زوجة فليتزوج ، أو ليس له خادم فليتخذ خادما ، أو ليست له دابة فليتخذ دابة ، ومن أصاب شيئا سوى ذلك فهو غال " .
هكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ، وقد رواه
أبو داود بسند آخر وسياق آخر فقال :
حدثنا
موسى بن مروان الرقي ، حدثنا
المعافى ، حدثنا
الأوزاعي ، عن
الحارث بن يزيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=15622جبير بن نفير ، عن
المستورد بن شداد . قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=820953من كان لنا عاملا فليكتسب زوجة ، فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادما ، فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنا " . قال : قال
أبو بكر : أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820954 " من اتخذ غير ذلك فهو غال ، أو سارق " .
قال شيخنا
الحافظ المزي [ رحمه الله ] رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14907جعفر بن محمد الفريابي ، عن
موسى بن مروان فقال : عن
عبد الرحمن بن جبير بدل
nindex.php?page=showalam&ids=15622جبير بن نفير ، وهو أشبه بالصواب .
حديث آخر : قال
ابن جرير : حدثنا
أبو كريب ، حدثنا
حفص بن بشر ، حدثنا
يعقوب القمي حدثنا
حفص بن حميد ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
nindex.php?page=hadith&LINKID=824817لا أعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل شاة لها ثغاء ، فينادي : يا محمد ، يا محمد ، فأقول : لا أملك [ لك ] من الله شيئا ، قد بلغتك . ولا أعرفن أحدكم [ يأتي ] يوم القيامة يحمل جملا له رغاء ، فيقول : يا محمد ، يا محمد . فأقول : لا أملك لك من الله شيئا ، قد بلغتك . ولا أعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل فرسا له حمحمة ، ينادي : يا محمد ، يا محمد . فأقول : لا أملك لك من الله شيئا ، قد [ ص: 153 ] بلغتك . ولا أعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل [ قشعا ] من أدم ، ينادي : يا محمد ، يا محمد . فأقول : لا أملك لك من الله شيئا ، قد بلغتك " .
لم يروه أحد من أهل الكتب الستة .
حديث آخر : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
سفيان ، عن
الزهري ، سمع
عروة يقول : أخبرنا
أبو حميد الساعدي قال : استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من
الأزد يقال له :
ابن اللتبية على الصدقة ، فجاء فقال : هذا لكم وهذا أهدي لي . فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820955 " ما بال العامل نبعثه فيجيء فيقول : هذا لكم وهذا أهدي لي . أفلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إليه أم لا ؟ والذي نفس محمد بيده ، لا يأتي أحد منكم منها بشيء إلا جاء به يوم القيامة على رقبته إن كان بعيرا له رغاء ، أو بقرة لها خوار ، أو شاة تيعر " ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه ثم قال : " اللهم هل بلغت " ثلاثا .
وزاد
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة : فقال
أبو حميد : بصر عيني ، وسمع أذني ، وسلوا
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت .
أخرجاه من حديث
سفيان بن عيينة وعند
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : وسلوا
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت . ومن غير وجه عن
الزهري ، ومن طريق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، كلاهما عن
عروة ، به .
حديث آخر : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
إسحاق بن عيسى ، حدثنا
إسماعيل بن عياش ، عن
يحيى بن سعيد ، عن
عروة بن الزبير ، عن
أبي حميد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=820956هدايا العمال غلول " .
وهذا الحديث من أفراد
أحمد وهو ضعيف الإسناد ، وكأنه مختصر من الذي قبله ، والله أعلم .
حديث آخر : قال
أبو عيسى الترمذي في كتاب الأحكام ، حدثنا
أبو كريب ، حدثنا
أبو أسامة ، عن
داود بن يزيد الأودي ، عن
المغيرة بن شبل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16834قيس بن أبي حازم ، عن
معاذ بن جبل قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
اليمن ، فلما سرت أرسل في أثري فرددت ، فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=820957أتدري لم بعثت إليك ؟ لا تصيبن شيئا بغير إذني فإنه غلول ، ( ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ) لهذا دعوتك ، فامض لعملك " .
هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وفي الباب عن
عدي بن عميرة ،
وبريدة ،
والمستورد بن شداد ،
وأبي حميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر .
[ ص: 154 ] حديث آخر : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
إسماعيل ابن علية ، حدثنا
أبو حيان يحيى بن سعيد التيمي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12007أبي زرعة بن عمر بن جرير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820958قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ، فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره ، ثم قال : " لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء ، فيقول : يا رسول الله ، أغثني . فأقول : لا أملك لك من الله شيئا ، قد أبلغتك . لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة ، فيقول : يا رسول الله ، أغثني . فأقول : لا أملك لك من الله شيئا ، قد أبلغتك . لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق ، فيقول : يا رسول الله ، أغثني ، فأقول : لا أملك لك من الله شيئا ، قد أبلغتك . لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت فيقول : يا رسول الله أغثني . فأقول : لا أملك لك من الله شيئا ، قد بلغتك " .
أخرجاه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبي حيان ، به .
حديث آخر : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
يحيى بن سعيد ، عن
إسماعيل بن أبي خالد ، حدثني
قيس ، عن
عدي بن عميرة الكندي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=820959يا أيها الناس ، من عمل لنا [ منكم ] عملا فكتمنا منه مخيطا فما فوقه فهو غل يأتي به يوم القيامة " قال : فقال رجل من الأنصار أسود - قال مجالد : هو سعد بن عبادة - كأني أنظر إليه ، فقال : يا رسول الله ، اقبل عني عملك . قال : " وما ذاك ؟ " قال : سمعتك تقول كذا وكذا . قال : " وأنا أقول ذاك الآن : من استعملناه على عمل فليجئ بقليله وكثيره ، فما أوتي منه أخذه . وما نهي عنه انتهى " . وكذا رواه
مسلم ،
وأبو داود ، من طرق عن
إسماعيل بن أبي خالد ، به .
حديث آخر : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
أبو معاوية ، حدثنا
أبو إسحاق الفزاري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، حدثني
منبوذ ، رجل من آل
أبي رافع ، عن
الفضل بن عبيد الله بن أبي رافع ، عن
أبي رافع قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820960كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى العصر ربما ذهب إلى بني عبد الأشهل فيتحدث معهم حتى ينحدر المغرب ، قال أبو رافع : فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعا إلى المغرب إذ مر بالبقيع فقال : " أف لك . . أف لك " مرتين ، فكبر في [ ذرعي ] وتأخرت وظننت أنه يريدني ، فقال : " ما لك ؟ امش " قال : قلت : أحدثت حدثا يا رسول الله ؟ قال : " وما ذاك ؟ " قلت : أففت بي ، قال : " لا ، ولكن هذا قبر فلان ، بعثته ساعيا على آل فلان ، فغل نمرة فدرع الآن مثله من نار " .
حديث آخر : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن الإمام أحمد : حدثنا
عبد الله بن سالم الكوفي المفلوج - وكان بمكة -
[ ص: 155 ] حدثنا
عبيدة بن الأسود ، عن
القاسم بن الوليد ، عن
أبي صادق ، عن
ربيعة بن ناجد ، عن
عبادة بن الصامت ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=820961أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ الوبرة من جنب البعير من المغنم ، ثم يقول : " ما لي فيه إلا مثل ما لأحدكم ، إياكم والغلول ، فإن الغلول خزي على صاحبه يوم القيامة ، أدوا الخيط والمخيط وما فوق ذلك ، وجاهدوا في سبيل الله القريب والبعيد ، في الحضر والسفر ، فإن الجهاد باب من أبواب الجنة ، إنه لينجي الله به من الهم والغم ، وأقيموا حدود الله في القريب والبعيد ، ولا تأخذكم في الله لومة لائم " . وقد روى
ابن ماجه بعضه عن
المفلوج ، به .
حديث آخر : عن
عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=820962ردوا الخياط والمخيط ، فإن الغلول عار ونار وشنار على أهله يوم القيامة " .
حديث آخر : قال أبو داود : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا
جرير ، عن
مطرف ، عن
أبي الجهم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=91أبي مسعود الأنصاري قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820963بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعيا ثم قال : " انطلق - أبا مسعود - لا ألفينك يوم القيامة تجيء على ظهرك بعير من إبل الصدقة له رغاء قد غللته " . قال : إذا لا أنطلق . قال : إذا لا أكرهك " . تفرد به
أبو داود .
حديث آخر : قال
أبو بكر بن مردويه : أنبأنا
محمد بن أحمد بن إبراهيم ، أنبأنا
محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، أنبأنا
عبد الحميد بن صالح أنبأنا
أحمد بن أبان ، عن
علقمة بن مرثد ، عن
ابن بريدة ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824818إن الحجر ليرمى به [ في ] جهنم فيهوي سبعين خريفا ما يبلغ قعرها ، ويؤتى بالغلول فيقذف معه " ، ثم يقال لمن غل ائت به ، فذلك قوله : ( ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ) .
حديث آخر : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11920هاشم بن القاسم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16585عكرمة بن عمار ، حدثني
سماك الحنفي أبو زميل ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820964لما كان يوم خيبر أقبل نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : فلان شهيد ، وفلان شهيد . حتى أتوا على رجل فقالوا : فلان شهيد ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلا إني رأيته في النار في بردة غلها - أو عباءة " . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا ابن الخطاب اذهب فناد في الناس : إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون " . قال : فخرجت فناديت : ألا إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون .
[ ص: 156 ] وكذا رواه
مسلم ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16585عكرمة بن عمار به . وقال
الترمذي : حسن صحيح .
حديث آخر : قال
ابن جرير : حدثنا
سعيد بن يحيى الأموي ، حدثنا أبي ، حدثنا
يحيى بن سعيد ، عن
نافع ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=824819عن ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سعد بن عبادة مصدقا ، فقال : " إياك يا سعد أن تجيء يوم القيامة ببعير تحمله له رغاء " قال : لا آخذه ولا أجيء به . فأعفاه . ثم رواه من طريق
عبيد الله عن
نافع ، به ، نحوه .
حديث آخر : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
أبو سعيد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16379عبد العزيز بن محمد ، حدثنا
صالح بن محمد بن زائدة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=820965عن nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله ، أنه كان مع مسلمة بن عبد الملك في أرض الروم ، فوجد في متاع رجل غلول . قال : فسأل nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله فقال : حدثني أبي عبد الله ، عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من وجدتم في متاعه غلولا فأحرقوه " : قال : وأحسبه قال : واضربوه ، قال : فأخرج متاعه في السوق ، فوجد فيه مصحفا ، فسأل سالما ، فقال : بعه وتصدق بثمنه .
وهكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني ،
وأبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16379عبد العزيز بن محمد الدراوردي - زاد
أبو داود :
nindex.php?page=showalam&ids=11816وأبو إسحاق الفزاري - كلاهما عن
أبي واقد الليثي الصغير صالح بن محمد بن زائدة ، به .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني ، رحمه الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري وغيرهما : هذا حديث منكر من رواية
أبي واقد هذا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : الصحيح أنه من فتوى
سالم فقط ، وقد ذهب إلى القول بمقتضى هذا الحديث
الإمام [ أحمد ] بن حنبل ، رحمه الله ، ومن تابعه من أصحابه ، وخالفه
أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، والجمهور ، فقالوا :
لا يحرق متاع الغال ، بل يعزر تعزير مثله . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : وقد
امتنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة على الغال ، ولم يحرق متاعه ، والله أعلم .
طريق أخرى عن
عمر : قال
ابن جرير : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15517أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب ، أخبرني
عمرو بن الحارث : أن
موسى بن جبير حدثه : أن
عبد الله بن عبد الرحمن بن الحباب الأنصاري حدثه : أن
عبد الله بن أنيس حدثه : أنه تذاكر هو
nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر بن الخطاب يوما الصدقة فقال : ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر غلول الصدقة : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=820966من غل منها بعيرا أو شاة ، فإنه يحمله يوم القيامة " ؟ قال
عبد الله بن أنيس : بلى .
ورواه ابن ماجه ، عن
عمرو بن سواد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب ، به .
ورواه
الأموي عن
معاوية ، عن
أبي إسحاق ، عن
يونس بن عبيد ، عن
الحسن قال : عقوبة الغال
[ ص: 157 ] أن يخرج رحله ويحرق على ما فيه .
ثم روي عن
معاوية ، عن
أبي إسحاق ، عن
عثمان بن عطاء ، عن أبيه ، عن
علي [ رضي الله عنه ] قال : الغال يجمع رحله فيحرق ويجلد دون حد [ المملوك ، ويحرم نصيبه ، وخالفه
أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي والجمهور فقالوا : لا يحرق متاع الغال ، بل يعزر تعزير مثله ، وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : وقد امتنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من
الصلاة على الغال ولم يحرق متاعه ، والله أعلم ] .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
أسود بن عامر ، أنبأنا
إسرائيل ، عن
أبي إسحاق ، عن
خمير بن مالك قال : أمر بالمصاحف أن تغير قال : فقال
ابن مسعود : من استطاع منكم أن يغل مصحفا فليغله ، فإنه من غل شيئا جاء به يوم القيامة ، ثم قال قرأت من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة ، أفأترك ما أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع في تفسيره عن
شريك ، عن
إبراهيم بن مهاجر ، عن
إبراهيم ، قال : لما أمر بتحريق المصاحف قال
عبد الله : يا أيها الناس ، غلوا المصاحف ، فإنه من غل يأت بما غل يوم القيامة ، ونعم الغل المصحف . يأتي به أحدكم يوم القيامة .
وقال
[ أبو ] داود عن
سمرة بن جندب قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824821كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غنم غنيمة أمر بلالا فينادي في الناس ، فيجيئون بغنائمهم يخمسه ويقسمه ، فجاء رجل يوما بعد النداء بزمام من شعر فقال : يا رسول الله ، هذا كان مما أصبنا من الغنيمة . فقال : " أسمعت بلالا ينادي ثلاثا ؟ " ، قال : نعم . قال : " فما منعك أن تجيء به ؟ " فاعتذر إليه ، فقال : " كلا أنت تجيء به يوم القيامة ، فلن أقبله منك " .
وقوله : (
أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ) أي : لا يستوي من اتبع رضوان الله فيما شرعه ، فاستحق رضوان الله وجزيل ثوابه وأجير من وبيل عقابه ، ومن استحق غضب الله وألزم به ، فلا محيد له عنه ، ومأواه يوم القيامة جهنم وبئس المصير .
وهذه لها نظائر في القرآن كثيرة كقوله تعالى : (
أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى ) [ الرعد : 19 ] وكقوله (
أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا [ ثم هو يوم القيامة من المحضرين ] ) [ القصص : 61 ] .
[ ص: 158 ] ثم قال : (
هم درجات عند الله ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=16903ومحمد بن إسحاق : يعني : أهل الخير وأهل الشر درجات ، وقال
أبو عبيدة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : منازل ، يعني : متفاوتون في منازلهم ودرجاتهم في الجنة ودركاتهم في النار ، كما قال تعالى : (
ولكل درجات مما عملوا ) الآية [ الأنعام : 132 ] ، ولهذا قال : (
والله بصير بما يعملون ) أي : وسيوفيهم إياها ، لا يظلمهم خيرا ولا يزيدهم شرا ، بل يجازي كلا بعمله .
وقوله : (
لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم ) أي : من جنسهم ليتمكنوا من مخاطبته وسؤاله ومجالسته والانتفاع به ، كما قال تعالى : (
ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ) [ الروم : 21 ] أي : من جنسكم . وقال تعالى : (
قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي ) [ الكهف : 110 ] وقال تعالى : (
وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ) [ الفرقان : 20 ] وقال تعالى : (
وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى ) [ يوسف : 109 ] وقال تعالى : (
يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم ) [ الأنعام : 130 ] فهذا أبلغ في الامتنان أن يكون الرسل إليهم منهم ، بحيث يمكنهم مخاطبته ومراجعته في فهم الكلام عنه ، ولهذا قال : (
يتلو عليهم آياته ) يعني : القرآن ) ويزكيهم ) أي : يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر لتزكو نفوسهم وتطهر من الدنس والخبث الذي كانوا متلبسين به في حال شركهم وجاهليتهم (
ويعلمهم الكتاب والحكمة ) يعني : القرآن والسنة (
وإن كانوا من قبل ) أي : من قبل هذا الرسول (
لفي ضلال مبين ) أي : لفي غي وجهل ظاهر جلي بين لكل أحد .
(
أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير ( 165 )
(
وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين ( 166 )
وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون ( 167 )
الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين ( 168 )
يقول تعالى : (
أولما أصابتكم مصيبة ) وهي ما أصيب منهم يوم أحد من قتل السبعين منهم (
قد أصبتم مثليها ) يعني : يوم بدر ، فإنهم قتلوا من المشركين سبعين قتيلا وأسروا سبعين أسيرا (
قلتم أنى هذا ) أي : من أين جرى علينا هذا ؟ (
قل هو من عند أنفسكم )
[ ص: 159 ] قال
ابن أبي حاتم : ذكره أبي ، أنبأنا
أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا قراد
أبو نوح ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16585عكرمة بن عمار ، حدثنا
سماك الحنفي أبو زميل ، حدثني
ابن عباس ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820967لما كان يوم أحد من العام المقبل ، عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء ، فقتل منهم سبعون وفر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه ، وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه ، وسال الدم على وجهه ، فأنزل الله عز وجل : ( أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم ) بأخذكم الفداء .
وهكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد عن
عبد الرحمن بن غزوان ، وهو
nindex.php?page=showalam&ids=16821قراد أبو نوح ، بإسناده ولكن بأطول منه ، وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري .
وقال
ابن جرير : حدثنا
القاسم ، حدثنا
الحسين ، حدثنا
إسماعيل ابن علية عن
ابن عون ، عن
محمد عن
عبيدة ( ح ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=16061سنيد - وهو
حسين - : وحدثني
حجاج عن
جرير ، عن
محمد ، عن
عبيدة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=824822عن علي ، رضي الله عنه ، قال : جاء جبريل ، عليه السلام ، إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ، إن الله قد كره ما صنع قومك في أخذهم الأسارى ، وقد أمرك أن تخيرهم بين أمرين ، إما أن يقدموا فتضرب أعناقهم ، وبين أن يأخذوا الفداء ، على أن يقتل منهم عدتهم . قال : فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فذكر ذلك لهم ، فقالوا : يا رسول الله ، عشائرنا وإخواننا ، ألا نأخذ فداءهم فنتقوى به على قتال عدونا ، ويستشهد منا عدتهم ، فليس في ذلك ما نكره ؟ قال : فقتل منهم يوم أحد سبعون رجلا عدة أسارى أهل بدر .
وهكذا رواه
الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث
أبي داود الحفري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17313يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان بن سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين ، به . ثم قال
الترمذي : حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث
ابن أبي زائدة . وروى
أبو أسامة عن
هشام نحوه . وروى عن
ابن سيرين عن
عبيدة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا .
وقال
محمد بن إسحاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : (
قل هو من عند أنفسكم ) أي : بسبب عصيانكم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمركم أن لا تبرحوا من مكانكم فعصيتم ، يعني بذلك الرماة (
إن الله على كل شيء قدير ) أي : ويفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، لا معقب لحكمه .
ثم قال تعالى :
(
وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله ) أي : فراركم بين يدي عدوكم وقتلهم لجماعة منكم وجراحتهم لآخرين ، كان بقضاء الله وقدره ، وله الحكمة في ذلك . [ وقوله ] (
وليعلم المؤمنين ) أي : الذين صبروا وثبتوا ولم يتزلزلوا .
[ ص: 160 ] (
وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم ) يعني [ بذلك ] أصحاب
عبد الله بن أبي - ابن سلول الذين رجعوا معه في أثناء الطريق ، فاتبعهم من اتبعهم من المؤمنين يحرضونهم على الإياب والقتال والمساعدة ، ولهذا قال : (
أو ادفعوا ) قال
ابن عباس ، وعكرمة ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، والضحاك ، nindex.php?page=showalam&ids=12045وأبو صالح ، والحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : يعني كثروا سواد المسلمين . وقال
الحسن بن صالح : ادفعوا بالدعاء . وقال غيره : رابطوا . فتعللوا قائلين : (
لو نعلم قتالا لاتبعناكم ) قال
مجاهد : يعنون لو نعلم أنكم تلقون حربا لجئناكم ، ولكن لا تلقون قتالا .
قال
محمد بن إسحاق : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12300محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=17038ومحمد بن يحيى بن حبان ،
nindex.php?page=showalam&ids=16276وعاصم بن عمر بن قتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15722والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ ، وغيرهم من علمائنا ، كلهم قد حدث قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824823خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني حين خرج إلى أحد - في ألف رجل من أصحابه ، حتى إذا كان بالشوط - بين أحد والمدينة - انحاز عنه عبد الله بن أبي - ابن سلول بثلث الناس ، وقال أطاعهم فخرج وعصاني ، ووالله ما ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا أيها الناس ، فرجع بمن اتبعه من الناس من قومه أهل النفاق وأهل الريب ، واتبعهم nindex.php?page=showalam&ids=198عبد الله بن عمرو بن حرام أخو بني سلمة ، يقول : يا قوم ، أذكركم الله أن تخذلوا نبيكم وقومكم عندما حضر من عدوكم ، قالوا : لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم ولكنا لا نرى أن يكون قتال . فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف عنهم ، قال : أبعدكم الله أعداء الله ، فسيغني الله عنكم . ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال الله تعالى : (
هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان ) استدلوا به على أن
الشخص قد تتقلب به الأحوال ، فيكون في حال أقرب إلى الكفر ، وفي حال أقرب [ إلى ] الإيمان ، لقوله : (
هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان )
ثم قال : (
يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم ) يعني : أنهم يقولون القول ولا يعتقدون صحته ، ومنه قولهم هذا : (
لو نعلم قتالا لاتبعناكم ) فإنهم يتحققون أن جندا من المشركين قد جاءوا من بلاد بعيدة ، يتحرقون على المسلمين بسبب ما أصيب من سراتهم يوم
بدر ، وهم أضعاف المسلمين ، أنه كائن بينهم قتال لا محالة ، ولهذا قال تعالى : (
والله أعلم بما يكتمون ) .
وقوله : (
الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا ) أي : لو سمعوا من مشورتنا عليهم في القعود وعدم الخروج ما قتلوا مع من قتل . قال الله تعالى : (
قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين ) أي : إن كان القعود يسلم به الشخص من القتل والموت ، فينبغي ، أنكم لا تموتون ، والموت لا بد آت إليكم ولو كنتم في
[ ص: 161 ] بروج مشيدة ، فادفعوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين . قال
مجاهد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله : نزلت هذه الآية في
عبد الله بن أبي - ابن سلول .