(
أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ( 54 )
فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا ( 55 ) ( 53 ) ) .
يقول تعالى : (
أم لهم نصيب من الملك ) ؟ ! وهذا استفهام إنكار ، أي : ليس لهم نصيب من الملك ثم وصفهم بالبخل فقال : (
فإذا لا يؤتون الناس نقيرا ) أي : لأنهم لو كان لهم نصيب في الملك والتصرف لما أعطوا أحدا من الناس - ولا سيما
محمدا صلى الله عليه وسلم - شيئا ، ولا ما يملأ " النقير " ، وهو النقطة التي في النواة ، في قول
ابن عباس والأكثرين .
وهذه الآية كقوله تعالى (
قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق ) [ الإسراء : 100 ] أي : خوف أن يذهب ما بأيديكم ، مع أنه لا يتصور نفاده ، وإنما هو من بخلكم وشحكم ; ولهذا قال : ( وكان الإنسان قتورا ) [ الإسراء : 100 ] أي : بخيلا .
ثم قال : (
أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ) يعني بذلك : حسدهم النبي صلى الله عليه وسلم على ما رزقه الله من النبوة العظيمة ، ومنعهم من تصديقهم إياه حسدهم له ; لكونه من العرب وليس من
بني إسرائيل .
قال
الطبراني : حدثنا
محمد بن عبد الله الحضرمي ، حدثنا
يحيى الحماني ، حدثنا
قيس بن الربيع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عن
عطاء ، عن
ابن عباس قوله : (
أم يحسدون الناس ) [ على ما آتاهم الله من فضله ] ) الآية ، قال
ابن عباس : نحن الناس دون الناس ، قال الله تعالى : (
فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ) أي : فقد جعلنا في أسباط
بني إسرائيل - الذين هم من ذرية
إبراهيم - النبوة ، وأنزلنا عليهم الكتب ، وحكموا فيهم بالسنن - وهي الحكمة - وجعلنا فيهم الملوك ، ومع هذا (
فمنهم من آمن به ) أي : بهذا الإيتاء وهذا الإنعام (
ومنهم من صد عنه ) أي : كفر به وأعرض عنه ، وسعى في صد الناس عنه ، وهو منهم ومن جنسهم ، أي من
بني إسرائيل ، فقد اختلفوا عليهم ، فكيف بك يا
محمد ولست من
بني إسرائيل ؟ .
وقال
مجاهد : (
فمنهم من آمن به ) أي :
بمحمد صلى الله عليه وسلم (
ومنهم من صد عنه ) فالكفرة منهم أشد تكذيبا لك ، وأبعد عما جئتهم به من الهدى ، والحق المبين .
ولهذا قال متوعدا لهم : (
وكفى بجهنم سعيرا ) أي : وكفى بالنار عقوبة لهم على كفرهم وعنادهم ومخالفتهم كتب الله ورسله .